قبل أكثر من عام سمعت حديثا ً لأحد الخبراء الإقتصاديين الغربيين من أنصار( الحركة المستقبلية )،عن أن العالم محكموم بـ (الإقتصاد وليست السياسة )،وأضاف لاتتصورا بحكم دهائكم التقليدي على أني غبي وأحمق،فسوف تتنافس الدول الكبرى والصغرى فيما بينها للحصول على أفضل رئيس وزراء يقترحه البنك الدولي،بل وسيكون هناك سوق توظيفي عالمي لرؤساء الوزارات في الدول في جميع انحاء العالم بغض النظر عن الجنسية والدين والعرق واللون وكذلك الشهادة العلمية.

وهذه فكرة عولمية مستقبلية مبهرجة ووردية ممكنة للشعوب التي لاتتقاتل يوميا ً بسبب نوع الدين والمعتقد والملبس والعرق واللون و التاريخ بسبب النزعات الدينية والسياسية التي تستغلها.وحسب ما هو واضح في العراق المفكك، أن البيئييات الشعبية هي التي أصدرت حكم الإنتخابات المحلية لمحافظات العراق المتعددة،فتعين المحافظون وأعضاء مجالس الحكم في تلك المحافظات التي وحسب الدستور العراقي لها الحق الكامل غير المركزي بصرف الميزانية المركزية لها،والإنتخابات أنتجت..، أن التقسيم المعيشي الواقعي للعراق هو واقع حال، فالجنوب اختار الأحزاب الدينية الشيعية أي (الشيعة)، وغرب العراق اختاروا الصحوات والأخوان المسلمين أي ( السنة)، والأكراد لم ينتخبوا بل أجلوا الإنتخاب لغرض فض خصوماتهم الحزبية والعشائرية الدائرة دوما في كواليس أحزابهم القومية المتهالكة مع بروز تيار علماني ليبرالي كوردي متجدد و كذلك جلب المزيد من التأييد العالمي لقضيتهم وإنهم ينحون نحو سلام اقتصادي في ظل لا مركزية عراقية،بينما محافظة الموصل ومجلسها تصران على رفع العلم العراقي الصدامي الذي ألغاه المركز(بغداد)،ويتطلع تركمان كركوك الى ربط حقوقهم بالأم تركيا،ويفكر جميع الأشوريون والكلدان بالهجرة من بلدهم الأصلي.

من حكموا بعد صدام، هم أفضل السيئيين، فتعريف الوطني، بالمفهوم الحديث أن لاتقتل شخصا ً أساء الى وطنك وديارك وأعتدى على أرضك الأم،بل من هو يعتدي عليك شخصيا ً وعلى عائلتك وأصدقائك وبيئتك.وهذا هو تبرير حزب الله في لبنان،لكن العكس نراه في العراق،أنا حاقد على صدام فلا مكان لقومي وطني عراقي وعلى العاقل أن يفهم والجميع أن الديكتاتورية وحكم العائلة والطائفة والنخبة قد ولى الى الجحيم،ولايجب أن يرضخ السنة والشيعةوالأكراد الى حكم يرفضوه سياسيا ويؤيدوه دينيا كما في إيران،فلا يتم القتل والتخريب بأسم العراق والمواطنة.

حين سقطت يوغسلافيا، تقسمت، ولم تزل تتقسم، وكذلك دول أخرى، في مفهومنا العربي أن الدولة الحديثة لاتسقط،كما هو مفهومنا البالي القديم الحزين عن الأندلس،فلا يخطر ببالنا أن تكون المغرب دولتين أو ليبيا ثمانية دول، أو لبنان الصغير أربعة والجارة ايران خمسة، والمملكة السعودية أربعة، هذه تجارب شعوب، العراق مقسم واقعا ً بشكل طائفي اجتماعي واقتصادي ومربوط مركزيا، تقسموا معه،أو شاهدوا تجربته قبل أن تنحروه.


لكن البعثيين قادمون باسم الدين الأصلي (غير الرافضي ) والقومية العربية المنتجة (مثلها الإمارات ) والديمقراطية ( الأردنية ) أو (المصرية ) والعكاز الخليجي (المؤثر) الذي يضرب الكرة لكي تدور، حين ذلك سوف يصبح العراق مثل روح متدروشة،البعثيون يحكمون والجنوب والأكراد يرفضون والسنة الغربيون يهللّون، وبغداد يتنازع فيها الكرخ مع الرصافة، وكركوك والموصل تصرخان، بينما الخير الأرضي يتراشق، فالبترول العراقي في كل مكان. لكن الفقراء لن يصمتوا بعد بريمر.

واصف شنون