بعد قطيعة ديبلوماسية وعلاقات وصائية على مدى 30 عاما...على لبنان. منذ أن دخلت قوات الردع العربية عام 1976 الى بيروت كانت مكسوة بغطاء عربي، وعربي شقيق، لكن سرعان ما تبسم لنا الحظ وبدأ ينكشف الأمر الجلي بأن العربي الشقيق الأبرز داخل القوات المذكورة هو الشقيق السوري الذي بدا كالضيف الثقيل الذي ساعد في حياكة اتفاق الطائف عام 1989 في مدينة الطائف السعودية بخيوط شقيقة أيضا. ومنذ ذلك الحين بدأ يلون للبنان لوحة بألوان تآمرية على أبناء الشعب الواحد، فتارة يقف مع الفلسطيني وطورا مع الشيعي وتارة أخرى مع السني الى ان انتهى به الأمر بأن يقف ضد دولة لبنان القوية الثابتة.
ووصل به الأمر الى التدخل في كل شاردة وواردة وكل حركة quot;سعالquot; في لبنان. الأمر بدا جليا وواضحا في أمور الدولة جميعا، ان من حيث حياكة اللوائح النيابية وترسيم الحقائب الوزارية وتسمية رؤساء الجمهورية والتنفيذية والتشريعية وموظفي الفئة الأولى والمحافظين والاداريين...الخ
خريطة اجبارية كانت تلك التي يجب المرور من خلالها والا فلا ضير ان كل القرارات الداخلية quot;السياديةquot; ستكون طريدة التفكك والتشرذم حيث يمر المندوب اولا عبر ما كان يسمى بمنطقة البوريفاج (والجدير بالذكر هنا ان منطقة البوريفاج هي نسبة لفندق سياحي جميل في بيروت يطل على شاطئ البحر المتوسط ) الى منطقة عنجر ثم الى مدينة الشام العريقة والتاريخية، التي شوهتها الأقدار. تلك الخريطة هي المشوار الذي يجب ان يقطعه صانع أي قرار سياسي لبناني لكي يكتمل المشهد وتتم الصفقة.
أما الآن ومع نشوء quot;العلاقات الديبلوماسيةquot; التي أصرت عليها سوريا والتي طبعت بطابع عودة السيطرة من جديد من خلال ما يسمى بسفير سوري في لبنان وسفير لبناني في سوريا وكم كانت الشقيقة تتمنى ان لا يكون هناك سفير متبادل وان يكون العرف الدولي هو quot;سفير من طرف واحدquot; لكي لا يكون لبنان على اطلاع ولو قليل على أي تنفس سوري ولو داخل الدولة العربية الممانعة.
واليوم، وبعد كل تلك السنوات الضالة التي خاضها لبنان حروبا وعبثا ووحولا وفوضى ودَين وترهيب واغتيالات واسكات وانتقامات وتصفيات، ساعد فيها كلها الشقيق من غير الأب والذي يسارع اليوم في أول قرار من نوعه بعد 30 سنة quot;انتهتquot; في 25 نيسان 2005 الى ترميم علاقات ديبلوماسية مع الشقيق الأصغر، الذي كان كنزا لا ينتهي ومصرفا لا يفلس شعبه ولن يفلس أبدا.
لا شك ان لكل دولة ذات علاقة ديبلوماسية مع لبنان سفير فيه، لكن السفير السوري والسفارة السورية نوعهما مختلف الى حدا ما، فما هو الدور الذي سيلعبه هذا السفير وهل سيكون مجرد ان يلقي كلمة في احدى المناسبات او اللقاءات ستقام الدنيا بحيث أنها تدخل مرفوض في الانتخابات او القرارات او ترسيم الحكومات كما قامت الدنيا ولم تقعد بمجرد ان نائب الرئيس الأميركي زار لبنان وزار رموز كل الأطياف، الا ان احاديث وتصاريح الرئيس الشقيق الأبعد محمود أحمدي نجاد لا يحرك ساكنا في مفاعل البعض من الذين يعارضون كل تدخل أجنبي على أرض لبنان.
ترحيب خاص بالسفير السوري quot;الخاصquot; ذي العلاقات quot;الخاصةquot; والديبلوماسية الصورية مع بلد عانى الكثير ولا يزال، نحن نرحب بك يا أستاذ علي عبدالكريم أطيب الترحيب ونتمنى ان يكون تبادل السفراء أيضا سيكون متضمنا تبادلا للأدوار بين السفراء انفسهم، وتبادلا للعلاقات التي سيقيمونها مع الأطراف السياسية ان في لبنان او الطرف السياسي الأوحد في سوريا، دون اختلاف او تفضيل او تمييز. وأخيرا نقول شكرا لمن استجاب لدعواتنا وسارع في اقامة علاقات quot;أخويةquot; بين البلدين وكم كنا نتمنى لو تلك العلاقات أنشئت قبل 30 عاما، لا، قبل 15 عاما، لا قبل 4 أعوام ونحن راضون أيضا! لكن quot;الأمانيquot; أحيانا تتحقق بعد وقوع الكارثة ليس قبلها ونقول بحق السماء ليتها لم تكن الكارثة ولم تكن العلاقات أيضا.
غدير غزيري
التعليقات