غالبا ما ينظر الى شمال العراق أقليم كردستان كنقظة مضيئة وسط ظلام دامس وتعتبر عند الكثيرين قصة نجاح. لكن هناك أيضا تظهر أشياء تدعو الى التوجس وهذا ما لمسناه في تقرير وزارة الخارجية الامريكية الاخيرة عندما تحدثت عن انتهاكات فاضحة لحقوق الأنسان وهذا ما أكدته منظمات دولية عديدة وفي مقدمتهم منظمة العفو الدولية.
ربما تكون هناك بعض المظاهر الأيجابية في حياة الأكراد العراقيين بعد زوال نظام الرئيس صدام حسين الا هناك أنتهاكات ترتكب من قبل حزب البارزاني والطالباني يقلق الأدارة الامريكية ومنظمات حقوق الأنسان،فالحزبان التابعان للبارزاني والطالباني يمارسان ضغوطات على الصحافة الحرة فالعاملون فيها يتعرضون الى الحبس والقتل وغلق مكاتبهم وما ذكرته تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول حقوق الانسان لعام 2008 حول ما قام به محافظ أربيل المحسوب على حزب البارزاني ضد الصحافي شيرزاد شيخاني بسبب كتاباته بايلاف خير دليل على ذلك.
والحزبان مستمران في توسيع المناطق التي يسيطرون عليها، أضافة لذلك فالحزبان الكرديان المتحالفان رصدا مليارات الدولارات من المجتمع الدولي من أجل أعادة اعمار قرى كردستان ومليارات الدولارات سنويا من ميزانية الدولة العراقية المخصصة لمحافظات شمال العرا ق لكن لم ينجز الا شيء بسيط، لم ينشأ أي مشروع كبير أو اية جامعات أو مستشفيات كبيرة، لم تصبح الكهرباء أفضل والفساد لا يزال مستشريا بقوة داخل الحكومة المحلية.
لقد تغلغلت الفساد بعمق داخل أروقة الحكم في أدارة شمال العراق فالمواطنون والصحافييون الكرد الذين يزورون أوربا لا يتحدثون الاعن حالات الفساد هناك ويقولون أن الفساد أصبحت تتحكم بمجريات حياتهم وأصبحت حالة يومية ماألوفة.
أما وضع المواطنين الاكراد في المحافظات الشمالية الاخري مثل الموصل وكركوك وديالى فهناك تخوف من حصول أقتتال مع سكان المدينة من العرب في حال أنسحاب القوات الأميركية فيها بسبب تعامل ميليشيات حزب البارزاني والطالباني تجاه المدنيين،الى جانب ذلك فهجرة مئات الالاف من أبناء المحافاظت الكردية مستمرة الى الدول الأوروبية وأكثرية المهاجرين هم من الاكاديميين بالدرجة الاولى الذين يشكلون العمود الفقري للخبرات المحلية وهؤلاء ليسوا مستهدفين لأنهم مختلفين مع توجهات حزب البارازاني او الطالباني بل لصفتهم الأكاديمية، ذلك أن مجموعات متنوعة من كوادر حزبي البارزاني والطالباني تسعى الى السيطرة على المستشفيات والوزارات والجامعات وفق شروطها الخاصة.
كما تعرض النظام التعليمي للأنهيار وعندك جيش من ضباط الشرطة والامن وفي دوائر الدولة المختلفة لا يملك حتى شهادات التخرج الثانوية البكالوريا و يوجد حتى من لا يكتب ويقرأ.
وكذلك أنهار النظام الصحي بعد تفشي أوبئة مثل الملاريا والحمى الحادة في محافظات الشمال ومغادرة العديد من الأطباء بسبب تردي الأوضاع المعيشية لهم والنظام القضائي أصبح شبه معطل رغم محاولة حكومة أدارة شمال العراق المحافظة على هيبة القضاء و تاسيس المجلس الأعلى للقضاء.
حول قصة النجاح والفشل الاكراد يختلفون في تفسير الانزلاق الحاصل، البعض يعيد السبب الى الانتقال بسرعة الى الحكم الفدرالي اللامركزي وقسم اخر يقول ان الحاكم الامريكي بول بريمير أساء فهم وضع العراقي وان ما حطموه يصعب التحامه مجددا وهكذا عندما حاول الأمريكيون أصلاح الامور بأجراء الأنتخابات وسن دستور جديد وتوافق وطني وجدوا انه لم تعد هناك قواسم مشتركة يمكن بناء المصلحة الوطنية انطلاقا منها. وعليه فأن الأمريكيين لم يكن عندهم خطة ناجحة لأعادة بناء العراق فبقى الفساد و ومشكلات المدن وضعفت الدولة العراقية من أجل توفير الأمن والمتطلبات الأساسية لمواطنيها وأصبحت الدولة منقسمة على ذاتها وموزعة على أمراء سلطة مثلما هي الان في الأنبار والموصل ومحافظات كردستان والبصرة.
الدكتور راوند رسول
التعليقات