تتسرب الينا، أنباء يومية عن سوء أدارة ثروة العراق الوطنية، وتأخذنا كالأخرين، الحيرة في أسبابها ودوافعها والجهة المخولة بالمعالجة والتحقيق في قضايا الأهمال، التبذير، وسوء أدارة ثروات العراق الوطنية. ويتسائل المواطنون عن مسؤولية المؤسسات الحكومية في معالجة المساوئ التي لابد أن يكون لها أجابة جدية.


الخبر الخجول عن نية وزارة التجارة العراقية اصدار مناقصة لاستيراد 100 ألف طن من البنزين شهرياً للنصف الثاني من 2009، لغرض تلبية احتياجات السوق العراقية المحلية، يُدللُ على جزء صغير مما أعنيه. ليس الغرض من نشر الخبر هو السخرية وأنما الغيض للأهمال العام الذي تتعرض له منشأت الدولة التي تعتمد قاعدة ثروتها على تصدير 93% من النفط والغاز، ويعتمد أزدهار شعبها على ماتستطيع تحسين سبله لتكامل أقتصادها الوطني.


وما يميز العراق عن غيره من الدول هو صعوبة الحلول المقدمة لمشاكل يعوقها الأمن والفساد المالي والأهمال المُزمن. ومايميزنا أيضاً سهولة أتفاقنا في المظهر وصعوبة أتفاقنا في الجوهر. وبشكل عام، العراقيون على علم ومعرفة بالمشاكل التي تواجههم، وهم على أدراك وفطنة بأن طاقة العراق من المنتجات والمشتقات النفطية قد تراجعت في السنوات الثلاثين الأخيرة بسبب الحروب والأرهاب، فأصبح البنزين طاقة نادرة في بلد منتج لها، وأجد التسائل في محله:
ماالذي يمنع هذا البلد العملاق من أطلاق طاقاته و تقدمه في عالم التجارة والأقتصاد، الأهمال أم الفساد ؟ هل هي الكفاءة الأدارية الفنية أم حالة فوضى المقترحات السياسية المقدمة والتوقف عند الحلول وبدائل الحلول ؟ ففي بلد يعتبر ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة السعودية ويمتلك 112 مليار برميل من الطاقة و110 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، لاتبدو الصورة واضحة عن مسؤولية المسؤولين ودورهم في أدامة و تحسين المنشأت النفطية الخرِبة المُهترية، ولايبدو أن هناك أياد فنية هندسية ذات خبرة تتحكم بأسلوب ونُظم التكرير، أوفرق أختصاصية تقوم بمراقبة الأنتاج وتوقعات عن حاجة السوق من المشتقات النفطية.


وأستطيع القول دون التجني والأساءة الى أحد، بأن عدم الأهتمام بحالة و طاقة مصانع التكرير القديمة المهترية والمدمرة ستستمر لسنوات. ولاتوجد دراسات أحصائية بيانية حديثة (مُعتمدة) توضح الأداء الأنتاجي للحقول النفطية أو مؤسسة ( فعلية ) تبين أضرار، منافع من بناء مصانع جديدة للتكرير والتصفية، وتقدير تكاليف بنائها داخل العراق. أن معظم الدراسات العلمية الرقمية والأحصائية، تُزيح الستار للدول المُنتجة والمُصدرة للنفط، بأن الثروة النفطية عديمة الفائدة التجارية عند أعتماد الدولة المُصدرة على تصدير الطاقة الخام الى الخارج بالطريقة المتبعة حالياً. والحالة العراقية خير مثال، حيثُ يقوم العراق بشراء النفط المكرّر ومشتقاته بعد بيعه للدول، لسد حاجة السوق العراقية.


وقد قامت وزارة النفط ومؤسسة المنتجات النفطية بعدة دراسات مبدئية في الماضي تتعلق ببناء مصانع تكرير وتصفية محلية ولكن ( منو يقرأ ومنو يسمع ) كما يقال بالعامية.
الفرصة سانحة لبناء مصانع تكرير و مشتقات نفطية وتدريب وتشغيل وأستيعاب ألآف العراقيين العاطلين عن العمل. أحدى فضائل الثروة النفطية التي نجلس عليها وتجري الخصومات بشأنها بين حكومة المركز وحكومة كردستان العراق، كونها المادة الوحيدة التي نرى فيها عامل أزدهار أقتصادي وأستقرار أمني للعراق ولكننا (نحرقها ) بأهمال وخلافات بدائية حمقاء. والشيء اللافت للنظر، حماقة المفاوضات وطرق المشاورات التي تجري بين خصوم- شركاء العملية السياسية ومطالباتهم المشروعة وغير المشروعة بحقوق الثروة النفطية. فالشركاء في العمل السياسي الوطني العراقي ( كُلُُّ يبكي على ليلاه) عند وضعهم على المحك، بينما نفترض فيهم الحرص والمسؤولية (على الأقل) في مواقف عراقية مُوحَدة ومنسجمة بالنسبة للثروة المهدورة.


لقد ظل قاموس التجارة العراقية قاموساً سياسياً لانفع فيه، تتجاذبه الأطراف لمصلحتها دون مَخرج لفهم الأمور في أطار المصلحة الأقتصادية الوطنية أولاً.

ضياء الحكيم

[email protected]

ملاحظة : لأسباب تتعلق بأصول النشر، يرجى عدم الأقتباس دون الرجوع الى الكاتب.