تتوالى فصول حملة التقتيل والتطهير العرقي التي يشنها الجيش السريلانكي ضد ابناء الشعب التاميلي في وطنهم التاريخي. حملة الحرب هذه خلفت حتى الآن آلاف القتلى من المدنيين، وتسببت في نزوح عشرات الآلاف من قراهم وقصباتهم. الجيش السريلانكي أيقن بquot;النصرquot;، وهو لذلك يرفض كل دعوات الحوار والجنوح للسلم، ويصر على متابعة طريقه وإعمال اكبر قدر ممكن من التخريب والدمار في بلاد التاميل. تقدم الجيش هو في واقع الحال خطوة أخرى في إطار سياسة التطهير العرقي والأرض المحرقة التي تطال الشعب التاميلي، وحركته التحررية. بمعنى القضاء على الضرع والزرع، في آن واحد، وبضربة واحدة قاضية.


العالم الغربي، والولايات المتحدة الأميركية بالتحديد، ساكتة على مايحدث في سريلانكا من مذابح وقتل جماعي. وهذا السكوت، كما هو مفهوم ومعلوم لدى الجميع، هو ضوء أخضر لتقدم الجيش في حربه، ولتمسك الحكومة بالموقف المتشدد، وبالتالي سفك المزيد من الدماء في تلك البلاد المنكوبة. عشرات الأعوام والولايات المتحدة الأميركية تغذي الصراع بين الحكومة وحركة تحرير إيلام. والنتيجة هي خسارة دولة إسمها سريلانكا لمالها ورجالها...


الصراع في سريلانكا اسفر حتى الآن عن مصرع 70 الف إنسان. ومنجل الموت مايزال يحصد المزيد من أرواح الأبرياء، في ظل اصرار الحكومة على توسيع الهجوم وارتكاب المزيد من جرائم الحرب.
حسم الصراع عسكرياً في ظل هذه quot;التغطيةquot; الدولية أمر خطير جداً من الممكن ان يشجع العديد من الأنظمة الشمولية اللاديمقراطية حول العالم من التي تمتلك قضايا مشابهة، فشلت منذ عشرات السنين في وأدها، للمضي قدماً في حربها ورهانها على السلاح. والصمت على تجاوزات الدولة السريلانكية بحق الشعب التاميلي، لهو في ترجمة أخرى، تحفيز للأنظمة القامعة على استباحة الأقليات، دون اي اكتراث من ردة فعل دولية غاضبة ومحتجة.


قد تكون حركة تمور التاميل قد ارتكتب تجاوزات طيلة السنوات التي قادت فيها النضال من اجل انتزاع حقوق الشعب التاميلي، لكن هذه التجاوزات حصلت كرد فعل على ارهاب الدولة وسياسة التطهير العرقي الحكومية التي صمت عليها المجتمع الدولي دهراً طويلاً، ومايزال.


الحكومة السريلنكية تخدع نفسها حينما تعتقد بأنها قادرة على سحق مطاليب الشعب التاميلي إلى الأبد. هذا غير صحيح. فابناء هذا الشعب لن ينسوا قتلاهم ولن ينسوا قراهم المدمرة ابداً. وأن كانت حركتهم قد قررت القاء السلاح آنياً، فإنها( أو أخرى غيرها) ستعود إليه حال توافر الظروف الملائمة. فطالما القضية معلقة دون حل نهائي، فإن لاضمان لعدم العودة إلى السلاح. والأرجح ان المقاتلين التاميل سيخرجون من تحت الأرض ماان تغادر قوات الحكومة مناطقهم، ليعود الأمر كما كان، ويشتغل منجل الموت ليحصد المزيد من الأرواح من جديد...

طارق حمو
[email protected]