لا اصدق وهناك كثيرون غيري أيضا لا يصدقون أن وزارة السياحة الإسرائيلية سحبت إعلانها لترويج رحلات الزيارات الصيفية إلي شواطئها المترامية علي البحر المتوسط والبحر الميت.. وجبالها الممتدة من النقب إلي الجولان وجنوب لبنان، لأن به غلطة أو خطأ أو انه مسيء كما قالت سفارتها في لندن، بل لأن فضيحة بيعه الأكاذيب بلغت اعلي المستويات من حيث الشكل والمضمون..
شكلاً كان الإعلان الإسرائيلي يخطط لبيع quot; أجانب quot; زيارات لأماكن لا حق له في التعامل معها سياحياً!! ومضموناً لأنه كان يروج عن طريق الغير لتسويق هذا البيع.. شكلا لأنه ضم مناطق فلسطينية وأخري أردنية وثالثة سورية ورابعة لبنانية داخل ملصق دعائي واحد ينسب quot; لنفسه quot; الحق في تنظيم زيارتها جميعاً.. ومضمونا لأنه ليس من حقه وفق الاتفاقات الدولية أن يغير من معالمها لأنه يغتصب بعضها ويحتل البعض الآخر، فما بالنا وهو يتاجر فيها جهارا نهارا..
هيئة السياحة الإسرائيلية ظلت عدة أشهر تبحث عن تصميم مناسب quot; شامل جامع quot; للترويج لميادين السياحة فيها.. وراجعت عدة تصميمات.. وبَدلتْ بعض الرسومات.. ودمجت البعض الآخر، وحاز الإعلان الذي يجمع أراضيها التي قامت عليها عام 48 إلي جانب الأراضي التي تحتلها في الضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، موافقة المسئولين.. لذلك طبعت منه عدة ألاف وزعتها علي بعثاتها الدبلوماسية في أوربا والولايات المتحدة لبدء حملة دعائية سياحية قد تساهم في فك الضائقة المالية والاقتصادية التى تعاني منها..
إسرائيل تخطط لمشاريعها الدعائية السياحية بوجهة نظر سياسية لا تراعي إلا مصلحتها الذاتية الضيقة.. أذكر أنها في اعقاب توقع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر دأبت بث مجموعة من نشراتها الدعائية السياحية التي كانت تروج فيها لزيارة المناطق السياحية في قلب وادي النيل جنوبه وشماله انطلاقا من حدود صحراء سيناء المشتركة بين البلدين!!.. ولما حصل الاعتراض الشعبي والرسمي المصريين، اضطرت إلي وقف الأفواج السياحية التي كانت تدر عليها ملايين الدولارات باستغلال ما ليس لها..
نفس فكرة الاستغلال تخيلت أنها قادرة علي تكرارها، ولكن بدرجة أوسع من النهب السياحي لأراضي محتلة لا يحق لها أن تتاجر أو تستثمر فيها!! ولكنها الشطارة التي إن نجحت صارت مبدءاً وإن فشلت قيل أنها خطأ غير مقصود، المهم ان تجرب بث دعاياتها السياحية للصيف القدم بدرجات من التعدد والتفرد التي تجمع بين الساحل والجبل والسهل والهضاب!!..
السائح الأوربي والأمريكي يغريه بشدة أن يزور ساحل البحر الأبيض ومنه ينطلق إلي البحر الميت في وادي الأردن.. ثم يصعد إلي هضبة الجولان حيث شجيرات الكروم والمناظر الخلابة ومنها إلي شمال إسرائيل التى يستطيع أن يطل من داخلها علي الجنوب اللبناني، وفي نهاية المطاف يعود إلي المزارات المسيحية في القدس ومنها إلي بلدة..
جولة سياحية تجمع بين مستويات عدة من السياحة بأسعار لا تقبل المنافسة.. فمن من السائحين في أوربا أو أمريكا ستكون لدية الفرصة المناسبة لزيارة أربع دول سياحية مرة واحدة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلدانه أكثر من غيرها؟؟..
مشروع وصف في حينه بأنه ضربة معلم.. لكن التدليس سرعان ما انكشف علي يد المتضامنين مع الشعوب العربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان، ومع حقهم في أن لا تتاجر الدولة المحتلة في أراضيهم المغتصبة حتى تجلو عنها..
الدكتور حسن عبد ربه المصري
استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]
التعليقات