ملاحظة: عمو بابا شيخ المدربين العراقيين في كل كلمة من هذه المقالة.

من منكم لم يسمع برئيس وزراء السويد الأسبق. اُولف بالمة الذي اُغتيل عام 1986 بيد مجهول وهو في طريقه مع زوجته إلى محطة القطار وسط إستكهولم بعد مشاهدتهما لفيلم على شاشة سينما عامة..

كان اُولف بالمة أحد أعظم السياسين الذين أنجبهم قرن العشرين. عدة جهات اُتهمت ولا زالت متهمة بأنها تقف وراء إغتياله منها الولايات المتحدة الأمريكية كي لا يتبوأ منصب الأمين العام لهيئة الاُمم المتحدة الذي كان مرشحاً قوياً لنيله بعد إنتهاء ولايته كرئيس لوزراء السويد. الداعمين لهذه الفرضية يستندون على كره الأمريكان له بسبب قيادته للحملات العالمية ومشاركته الدورية في التظاهرات التي كانت تدين حرب أمريكا في فيتنام وتدعوها إلى الخروج منها.


ناهيك عن إختياره لترأس الكثير من الوفود العالمية التفاوضية لحل الأزمات الدولية التي كانت في غالبيتها تكون أمريكا هي الطرف الذي يخاصمه أولف بالمة إنتصاراً للدول الضعيفة.

مهما كان مدى صحة ماقيل في أسباب إغتيال أولف بالمة والأطراف التي كان يريحها زواله فأن حقيقة محبوبيته تجلت في حزن الملايين على رحيله ليس في السويد فقط بل في كل بقاع الدنيا. حتى مخالفوه بكوه لسلميته وعدم عدوانيته في صراعه الفكري معهم...

لقد نذر جُل مسيرة حياته لرفاهية أبناء وطنه ومساندة الشعوب المقهورة فإستحق عن جدارة شعبيته..
بعد إغتيال اُولف بالمة إستغرقت نقاشات البرلمان السويدي أكثر من عامين لدراسة إقتراح بوضع نصب تذكاري له على المكان الذي اُغتيل فيه وإطلاق إسمه على أطول شارع في إستكهولم..

بماذا خرج البرلمان السويدي بعد كل تلك المدة من المداولات ودراسة جميع المقترحات التي طرحت أمام أعضاءه حول تخليد ذكرى رجل قيل فيه. ( أن للسويد رمزين. سيارة فولفو واُولف بالمة )..

في الأخير قرر البرلمان الموافقة على وضع ( بلاطة ) ( كاشية واحدة باللهجة العراقية ) بحجم 50 سم مربع مكتوب عليها إسمه وتاريخ مقتله، بعد نزع بلاطة الرصيف التي اُريق عليها دمه، وإطلاق إسمه على شارع فرعي ضيق لا يتجاوز طوله ال 200 متر. وألله يرحم موتاكم.

الحالة السالفة لا تختصر على السويد بل تجدها في كل الدول التي تحترم مشاعر مواطنيها فرغم كثرة المطالبين بالنصب وتخليد إسم اُولف بالمة كان هنالك آخرون يرفضونهما لا كرهاً له بل كي لا تصير عادة يطالب بها أنصار الأحزاب الاُخرى إذا ما سقط أحد رموزها صريعاً، ومهما كانت مكانة المسؤول عندهم عالية فهي لا تمنحه إمتيازاً عن بقية عامة الشعب فتلك وظيفته وعليه إتقانها لذلك نسمع عن رواتب الرؤوساء والوزراء في الدول المتحضرة، أنها أقل بكثير من موظفين كثر في الدوائر والمؤسسات الحكومية لأن خدماتهم أكثر نفعاً لدولهم إقتصادياً وأجتماعياً.

والآن لن أتطرق إلى الأسماء والتماثيل والنصب التي تملأ ساحات وشوارع وحتى إزقة بلداننا. غالبيتها للملوك والرؤوساء ( وشهداء ) أحزابهم وقتلى الحروب والمعارك ( المباركة المنصورة!!!). رغم تحفضنا على مثلبة الظاهرة، فلابد من الإشارة إلى أن الأسماء التي اُطلقت والتماثيل التي وضعت، كانت بتوجيهات من قبل جهات رسمية وبقرارات حكومية اُعلنت على الملأ. حتى أن إسم ( مدينة صدام ) صدر به قرار من أمانة العاصمة لتثبيته بدل مدينة الثورة. إذن فبأي حق أجاز مقتدى الصدر لنفسه أن يطلق إسم عائلته على المدينة. وماهو السند القانوني الذي يعتمده المسؤولون بذكرهم ( مدينة الصدر ) في تصريحاتهم وهم أدرى بعدم صدور قرار بذلك. والغريب هو أن الكثير من الكتاب المتنورين يشاركون وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بذكر (مدينة الصدر) عند الإشارة إلى مدينة الثورة في مقالاتهم!


عائلة الصدر ليست وحدها المانحة لنفسها الحق بذالك بل تشاركها وتنافسها فيه عائلة اُخرى وهي عائلة الحكيم. نراهما تتسابقان على الجسور والشوارع والمستشفيات كذالك المدارس والمؤوسسات الخدمية الحكومية. جميعها بأموال الدولة. لتعلق كل عائلة منهما أسم شهيدها على الغنيمة!

إطلاق إسم معين على منتوج تجاري او كتابته على واجهة محل يتطلب إجراءآت حكومية لإجازته حتى في الدول المتأخرة فكيف إذن تسجل العائلتين ممتكات الوطن بإسميهما؟

خلال زيارتي الأخيرة لفت نظري وأنا أتجول في بعض مناطق بغداد، منظر لبعض الملاعب الشعبية. جميلة بسياجها. أتربتها وحصاها غُطت بالثيل الصناعي. مثلما في الدول المتقدمة ولكن ويا لعجبي. هالني وجود صور كبيرة للرموز الدينية. الصدر الحكيم. ( لجماعة كل واحد منهما، ملعب خاص به ) وهي مرفوعة على عواميد بارزة و ( مغروزة ) في صدرور الملاعب.
وأنا اُحدق في الصورة قلت لرفيقي. لماذا صورة هذا هنا وصورة ذاك في الساحة الاُخرى.؟
أجاب: إنهما اللاعبان الوحيدان الآن في الساحة. ثم أضاف متسائلاً. من ترشح أنت؟؟
توقع صاحبي أن يكون ضمن إجابتي إسماً لسياسي ما. فاجأته بـ عمو بابا...
رد قائلاً. نعم. إنه محبوب العراقيين جميعاً..

لا أخال أحدكم لم يشاهد مقتدى الصدر وهو يتحدث عن لعبة كرة القدم وجميع الألعاب الرياضية بإزدراء وكيف أساء إلى ممارسيها.. أقرانه ( سنة وشيعة ) لا يختلفون مع مواقفه في هذا المجال. مع ذلك إستحوذوا على المكان الذي يجب أن يكون الذي أحبه فيه عمو بابا. فإتركوه له إتركوه لنا. دعو أطفالنا يلعبون بعيداً عنكم!!


حسن أسد