نعمة خالد من دمشق:إن متتبع أيام مهرجان دمشق السينمائي، وقد مضى على افتتاحه أيام، سيرى أن الإقبال على الفعاليات يكاد يكون معدوماً، وعلى الرغم من وجود أفلام مهمة ، مثل تظاهرة فيلم السوق الدولية، وتظاهرة كلوديا كاردينالي، ودرر السينما الثمينة، إلا أن حضوراً لا يذكر لهذه الأفلام. ولعلي أذكر أن مهرجانات في دورات سابقة، وكان المهرجان إقليمياً، كان الزحام يصل إلى حدود عدم القدرة على الحجز لحضور فيلم. فأنا لم أتمكن من مشاهدة فيلم نجوم النهار للمخرج أسامة محمد في عرضه الأول في مهرجان دمشق السينمائي. بل لعل فيلم عطر الذي عرض في المهرجان الماضي، كان علينا أن نزاحم لحضوره.
ولئن أراد محمد الأحمد مدير المهرجان من دعوة نجوم السينما المصرية مثل فاروق الفيشاوي، وليلى علوي، ونبيلة عبيد ولبلبة، ونور الشريف، إضافة إلى ريتشارد هاريسون، وفرانكو نيرو، وكلوديا كاردينالي، أن يتحول المهرجان في بعض محطاته إلى كرنفال، فإن مثل ذلك لم يحصل. فقاعة فندق الشام شبه خاوية، إلا من بعض صحافيين يتسامرون دون أن يلقوا بالاً إلى نجم قد يتواجد في القاعة. حتى الفنانين قد تغيب معظمهم عن الفعاليات، وعن التفاعل مع زملائهم من النجوم.
إيلاف رصدت هذه الظاهرة، والتقت عدداً من المتواجدين، وكان لها التحقيق التالي:الممثل السوري عمار علي من فيلم quot;حسيبةquot;
الفنان قاسم ملحو ممثل مسرحي وتلفزيوني: بالمصادفة كان في قاعة الفندق، ربما ما أتى به عمل هو منصرف إلى بروفاته، وكما أظن هو عمل مسرحي. سألته: هل تتابع فعاليات المهرجان، وما رأيك بدورته هذه وقد تحول إلى مهرجان دولي؟
رد الفنان قاسم ملحو: لا أتابع بشكل كاف كما اعتدت في مهرجانات سابقة، لأسباب تتعلق بالعمل، ويقتصر حضوري على تظاهرة الفيلم الدولي. وأبحث عن الأفلام التي لا تتوفر في السوق. مثل الفيلم الإيراني أو التونسي، أو الروماني. الأفلام الأميركية متوفرة لذا لا أحضرها.
ومن الملاحظ أن دورة المهرجان هذه تفتقد إلى الحضور، فقاعة تتسع ل 400 شخص قد لا تجدين فيها أكثر من خمسين. بينما في دورات ماضية لم نكن لنجد أمكنة.
من الملاحظ أيضاً أن الوسط الفني السوري لا يحضر، وهذا يعود إلى أسباب، فبلد المهرجان لا تفتخر بفنانيها، هناك فنانون كثر لم توجه لهم دعوات لحضور الافتتاح، ومن دعي لم يجد مكاناً ليجلس فيه. أقصد أن على إدارة المهرجان أن تفتخر بفنانيها الذين تركوا بصمة لا أريد أن أقول في السينما، وإنما في الدراما,
لم يكن للمهرجان تسويق في إطار شريحة الموظفين والطلاب والعمال، وهؤلاء هم الجمهور الحقيقي. المتواجدون هم فقط الضيوف، والإعلاميون وجزء من الوسط الفني.
برأيي على السينما أن تتطور لتشكل لها جمهورها، وهذا لن يتم إلا بدخول القطاع الخاص إلى السينما، تماماً كما حدث في الدراما، حيث أسست الدولة الأسس ضمن القطاع الرسمي، ثم كانت انطلاقة الدراما الخاصة التي شكلت ظاهرة وجمهورا، خاصة وأن العناصر الكفيلة بصناعة السينما موجودة. الرأسمال الخاص خائف، لأن مصير الشريط السينمائي مجهول، وهذا ما يجب الشغل عليه.
ماهر جلو: كاتب سيناريو ومسرحي وناقد: طرحنا عليه السؤال نفسه: فأجاب:
لا لا أحضر، لأسباب شخصية، تتعلق بضغط العمل، وأخرى تخص المهرجان. تاريخياً إن المتابع لفعالياته، ومثل هكذا مهرجان يجب أن يستقطب المهتمين مهنياً وثقافياً، لكن هذا لم يحدث في هذه الدورة. ولعل ذلك مرتبط بالانحسار الثقافي بشكل عام في المنطقة. قد يمر المهرجان دون أن يترك أثراً. وقد لا أحزن إذا لم أتابع أي فيلم.
يبدو أن مستوى الأفلام لا يعبر عن مهرجان دولي إذا كان من المجدي إطلاق هكذا صفة. بل أعتقد أن القائمين عليه هو تحقيق مهرجان بأي طريقة، أي أن المهم هو الشكل لا المضمون.
عامر عويس: طالب طب أسنان: هل تابعت المهرجان؟ وما رأيك فيه:
لا لم أكن أعلم أن هناك مهرجانا.
إذاً لم أنت قادم إلى صالة العرض في سينما الشام؟
لحضور فيلم quot;آسف على الإزعاج لأحمد حامي.
ألم تتابع الإعلان عن المهرجان في التلفزيون؟
أنا لا أتابع التلفزيون.
ثم راح يسأل عامر: هل عروض المهرجان في سينما الشام فقط؟ هل هناك أفلام عربية غير فيلم أحمد حلمي؟
أجبت عن أسئلته وتوجهت لسؤال شباب أربعة: هم: مايا زمزم، وهادي والي آغا، وليندا زمزم، ومجد شريفاتي، وكلهم طلاب ثانوية عامة، وقد تطابقت أجوبتهم: نحن نشاهد الأفلام على التلفزيون، لذا لا نتابع المهرجان، ثم أن السينما ليست من اهتماماتنا، نحن لا نحبها، نحن نحب الرقص في الديسكو.
الممثل مرشد ضرغام: أتابع بشكل مقبول. ويظهر أن مهرجان هذا العام يفتقد إلى الحرارة. هو أقل تألقاً من المهرجانات السابقة. في مهرجانات خلت كان هناك إقبال من كل الشرائح، كنا نشهد ازدحاماً أمام سينما الشام نفتقده اليوم. كثيرة هي العروض التي لم نكن نستطع حضورها، أو كنا نحضر في بعض الأفلام وقوفاً. هذه السنة لا أعلم ما هو سبب إحجام الجمهور عن الحضور. بل ربما هناك أسباب كثيرة: الأول مشترك يتعلق بتراجع الثقافة، والثاني اقتصادي وهو الأساسي في ظل تسونامي الاقتصاد. قد يعجز المواطن عن دفع 50 ليرة سورية ثمن بطاقة، وربما لايريد أن يخسر أجر عمل إضافي يساعده على ضنك العيش.
وهكذا بعد جولة إيلاف هذه يمكننا القول إن إدارة المهرجان لم تستطع أن تحقق ما تصبو إليه من المهرجان، والكثير من أحلامها قد ذهب أدراج الرياح على الرغم من تحويلها سعر البطاقة في سينما الشام من 150 ليرة سورية إلى خمسين. فهل تراجع الثقافة حقاً هو السبب؟
التعليقات