دمشق:منذ الدورة السادسة عشر عام 2008، اكتسب quot;مهرجان دمشق السينمائيّquot; صفةً دوليةً، وكي تستمر تلك الغاية، تضمّنت أقسام الدورة الـ17 لعام 2009 :
ـ مسابقةً دوليةً للأفلام الروائية الطويلة.
ـ فيلميّ الافتتاح، والختام.
ـ البرنامج الرسميّ.
ـ سوق الفيلم الدوليّ.
و 15 تظاهرةً أخرى : سيرغي أيزنشتين، فريديريكو فيلليني، شارلي شابلن، سيدني بولاك، فريتز لانغ، ستانلي كوبريك، نيكيتا ميخالكوف، سينما الحب قصائد الشجن، مارلين مونرو، آلان ديلون، أنجيليك في السينما، سينما القارات الخمس أفلام الجوائز الكبرى، أفلام فلسطين بعيون السينما، دُرر السينما الثمينة، السينما الاسترالية.
وأخيراً،....
ـ مسابقة دوليةً للأفلام القصيرة.
بدون عبقرية، نستدلّ بأنّ المهرجان يهتمّ بالأفلام الروائية الطويلة (مع بعض الاستثناءات التسجيلية)، ويمنح مساحةً للأفلام القصيرة من خلال quot;مُسابقة دوليةquot; تحتاج إلى إعادة نظرٍ جذرية، ولن أُبالغ إذا اقترحتُ اليوم إلغاءَها تماماً، واستبدالها بقسمٍ لعرض عموم الأفلام السورية التسجيلية، والقصيرة المُنتجة خلال العام السابق لتاريخ انعقاد المهرجان (في خطوةٍ تمهيديةٍ نحو تأسيس مهرجان دوليّ آخر يهتمّ حصراً بالأفلام القصيرة، راجع قراءتي عن مشروع quot;مهرجان حلب الدولي للأفلام التسجيلية، والقصيرةquot; ـ موقع quot;إيلافquot; بتاريخ الأحد 29 نوفمبر 2009 )، حيث تبدو مُسابقة الأفلام القصيرة (هامشية) بالمُقارنة مع الاهتمام الواضح بنظيرتها الخاصة بالأفلام الطويلة، التظاهرات المُصاحبة، المُكرمين، والضيوف،.. وصولاً إلى إدراجها في الصفحات الأخيرة من الدليل الرسمي (ومن حقها بأن تحظى بموقع مُماثلٍ لمُسابقة الأفلام الطويلة، وتأتي بعدها مباشرةً)، وافتقارها إلى معلوماتٍ فنية، وتقنية دقيقة.
بعض الأمثلة :
ـ تفتقر مُسابقة الأفلام القصيرة (الطويلة، والتظاهرات المُصاحبة أيضاً ) إلى كلمةٍ تعريفية تُسلط الأضواء على الأفلام المُشاركة، وآليات اختيارها.
ـ تتضمّن المعلومات المُدرجة أخطاءً تحريرية (هل هناك دولة إنتاجٍ اسمها لندن؟ أنظر معلومات فيلم بعد غد/After Tomorrow ـ إخراج إيما سوليفان).
ـ تحتاج جميع الأفلام إلى المعلومات التقنية الخاصة بمقاساتها الأصلية: 35 مللي، Beta SP ، DV، MiniDV، ...
ـ تفتقد جميع الأفلام إلى نبذةٍ تعريفية مُختصرة للمخرجين.
ـ تحتاج المعلومات الفنية، والتقنية المُدرجة إلى المنهجية في التحرير، مرةً تظهر مدة الفيلم في السطر الأول، ومرةً ثانية في السطر الأخير، وأحياناً يُشار إلى بعض الاختصاصات التقنية، ومراتٍ يحلّ محلها اختصاصاتٍ تقنية أخرى.
ـ يتوجب التدقيق جيداً في المعلومات التقنية لمعرفة بلد الإنتاج، ومن المُفترض بأن تتصدّر أعلى الصفحة (كما حال الأفلام الطويلة).
ـ تحتوي المعلومات على ترجماتٍ خاطئة لبعض عناوين الأفلام، حيث نقرأ quot;باباquot; ترجمة لعنوان الفيلم التشيكيquot; Babaquot; لمُخرجته quot;سوزانا سبيدلوفاquot;، بينما تعني الكلمة لمن شاهد الفيلم quot;جدتيquot;، وهناك فرقٌ شاسعٌ بين quot;باباquot;، وquot;جدتيquot;، كما أصبحت quot;سياو ماماquot; ترجمةً لعنوان الفيلم الكرواتيquot;Ciao Mama لمخرجه Goran Odvorcic بدل quot;مرحباً يا أميquot;.
ـ تتضمّن صفحات الدليل معلوماتٍ عن أفلامٍ لا نعرف بلدان إنتاجها مثل:
*التشخيص/Diagnoz إخراج quot;ميروسلاف سلابوشبتسكيquot;( بعد البحث الشخصيّ، تبين بأنه من إنتاج أوكرانيا).
*الاتجاه نحو الأسوأ/Rumbo A Peor إخراج quot;أليكس برنديموهلquot;(بعد البحث الشخصيّ، تبين بأنه من إنتاج إسبانيا).
*بلا غد/ Sans lendemin إخراج quot;فاليري لاينارديquot;(المعلومات الواردة في الدليل الرسمي، وموقع المهرجان مُتناقضة تماماً، وبعد البحث الشخصيّ، تبيّن بأنه من إنتاج بلجيكا، وأيضاً من إخراجٍ مُشترك مع أنطوان دوكين).
*هناك صحراء في داخلها / Within Her, There's a Steppe إخراج quot; إيللا مانزيفاquot;(يظهر في الدليل الرسمي بأنه مشارك في المسابقة، بينما هو غائبٌ عنها موقع المهرجان، وبعد البحث الشخصيّ، تبيّن بأنه من إنتاج روسيا الاتحادية).
ومع هذا الخلل الواضح، فإنه من الأجدر في هذه الحالة، كتابة عناوين الأفلام بلغاتها الأصلية، والإنكليزية وُفق الترجمة التي تخيّرها المخرجون، ومن ثمّ العربية انطلاقاً من مشاهدة الفيلم.
ـ تُشير المعلومات العربية بأنّ الفيلم البلجيكي quot;بلا غدquot; إخراج quot;فاليري لاينارديquot; بحوار فرنسي، وإنكليزي، بينما تُؤكد المعلومات الإنكليزية، بأنّه باللغة الفرنسية، وهناك ترجمة إنكليزية مكتوبة على الشريط (Subtitle).
ـ هناك أفلامٌ نجهل مدتها الزمنية:
*التشخيص/Diagnoz إخراج quot;ميروسلاف سلابوشبتسكيquot;.
*البالوعة/ Gutter إخراج quot;دان رانسوم دايquot;.
*نشأ وحيداً/ Raised Aloneإخراج quot;سام قاضيquot;.
*الاتجاه نحو الأسوأ/Rumbo A Peor إخراج quot;أليكس برنديموهلquot;.
*هناك صحراءٌ في داخلها / Within Her, There's a Steppe إخراج quot; إيللا مانزيفاquot;.
وأخرى بمدةٍ زمنية غريبة، وطريفة:
*شاب سوري/ A Syrian Young Man إخراج quot;ياسمين فنريquot;ـ 4/26 دقيقة.
*وأيضاً الأب/ And Father, Tooإخراج quot;غايه جيجيquot;ـ 15/20 دقيقة.
*ظلال/ Shadows إخراج quot;حسام حدادquot; ـ 7/47 دقيقة.
والطريف، بأنها أفلام سورية يسهل التحقق من معلوماتها.
ـ تفتقد المعلومات إلى الهارمونية في كتابة المُصطلحات التقنية، مرةً: quot;مدة العرضquot;، وأخرى: quot;زمن العرضquot;، وثالثة: quot;الطولquot;(رُبما اعتمدت إدارة المهرجان على أكثر من محررٍ للدليل الرسميّ، ولم يستخدم هؤلاء قسيمة معلوماتٍ جاهزة التعبئة، ومُوحدة، وهي تُنشر عادةً في موقع المهرجان، ويتولى المخرجون تعبئتها، ومن ثمّ يُمكن إدراجها في الدليل آلياً).

الجوانب الفنية

وبعيداً عن تلك الأخطاء التحريرية، تتوزع بلدان الإنتاج وُفق الجدول التالي:
8 أفلام من سورية.
6 أفلام من الدانمارك.
4 أفلام من ألمانيا.
4 أفلام بدون تحديد بلد الإنتاج.
3 أفلام من مصر.
فيلمان لكلٍّ من الولايات المُتحدة، المملكة المُتحدة.
فيلمٌ واحدٌ لكلٍ من : باراغواي، لاتفيا، كوبا، بلجيكا، هولندة، تشيكيا، هنغاريا، بورتوريكو، الصين، المكسيك، كوبا، كرواتيا، السويد .
فيلمٌ واحدٌ لكلٍ من العراق، تونس، لبنان.
فيلمٌ واحدٌ من قطر (أُشير إليه بأنه من إنتاجٍ فلسطينيّ/تونسيّ مُشترك، وهو في الحقيقة من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية).
ويصبح المجموع 46 فيلماً من 23 بلداً، و 4 أفلام بدون تحديد بلد الإنتاج، وبعد البحث الشخصيّ تبيّن بأنها من أوكرانيا، إسبانيا، روسيا الاتحادية، بلجيكا(كي يصبح المجموع بعد التصحيح: 46 فيلماً من 26 بلداً).
وإذا تجاوزنا تفوّق الأفلام السورية عدداً، لا بدّ من الإشارة إلى تساهل اختيار بعضها في مسابقةٍ دولية (الاختيارات الأخرى ليست أحسن حالاً).
وإذا ارتضينا بمُبرراتٍ تخصّ الأفلام السورية، يبدو التباين العدديّ بين الدول المُشاركة واضحاً، وغريباً (6 أفلام من الدانمارك، و4 أفلام من ألمانيا)، يمكن تفسيره بكمية الأفلام التي حصلت عليها إدارة المهرجان من المُؤسّسات الإنتاجية، والتوزيعية الدانماركية، والألمانية النشطة في المهرجانات الدولية، أو عن طريق المُلحقيات الثقافية التابعة لسفارتيّ البلدين.
وبينما تحضر مصر، العراق، تونس، لبنان، وقطر في المُسابقة، تختفي إنتاجات الدول العربية الأخرى تماماً (الأردن، فلسطين، الإمارات، الكويت، البحرين، عُمان، اليمن، السعودية، الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، السودان)، ولن نتجاهل (موريتانيا، جيبوتي، وجزر القمر) التي نشاهد بعض إنتاجاتها في مهرجاناتٍ أوروبية .
من جهةٍ أخرى، ما هي مهمات أعضاء لجنة المُشاهدة المُدرجة أسماءَهم في الدليل الرسميّ؟
هل تشمل اختيار الأفلام المُشاركة في مُسابقة الأفلام الطويلة، والقصيرة، أم هناك لجنة منفردة لكلٍّ منهما، أم مُشاهدة كلّ الأفلام بما فيها التظاهرات الجانبية ؟
وإذا تناسينا كلّ المُلاحظات السابقة، لا يمكن للمتفرج المحترف (والجمهور) تجاوز عرض الأفلام عن طريق أقراصٍ رقمية (وهي وسيلةُ للمُشاهدة المنزلية فقط)، ولا أتصوّر واحداً من مندوبي quot;الإتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام/ FIAPFquot; سوف يرضى عن هذا الأمر(عرض الأفلام بمقاساتها الأصلية هي إحدى الشروط الأساسية للحصول على موافقة الإتحاد).
وانطلاقاً من خبرتي المُتواضعة جداً بمُتابعة الأفلام القصيرة، وبرمجتها في quot;مسابقة أفلام من الإماراتquot; في أبو ظبي(حتى دورتها السادسة عام2007)، وquot;مهرجان الخليج السينمائيquot; في دبي، أُدرك صعوبة اختيار حوالي 50 فيلماً قصيراً، ولكن، ما هو أصعب حقاً، الاتصال بالمخرجين، والمؤسّسات الإنتاجية، والتوزيعية للتفاوض معها، والحصول على موافقتها بعرض الأفلام المُختارة، ومن ثم طلب المعلومات الفنية، والتقنية، والصور اللازمة، وأخيراً، الأفلام بمقاساتها الأصلية (نظام Beta SP على الأقلّ).
وهي خطواتٌ عملية في غاية الصعوبة، وتحتاج إلى فريق عملٍ متدربٍ على هذه المهام، ولا أعرف إذا كانت إدارة المهرجان تهتمّ بهذه الأمور الجوهرية.
وكما حال الأعداد الزائدة عن الحدّ في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، والتظاهرات المُصاحبة، وصل عدد الأفلام المُشاركة في مسابقة الأفلام القصيرة إلى 46 فيلماً.
وبدوري، أجهل مُبررات اختيار 20 فيلماً طويلاً لمُسابقة الأفلام الطويلة، و46 فيلماً لمُسابقة الأفلام القصيرة، هل هي محاولة لتحقيق توازنٍ زمنيّ بين المُسابقتين، أو رغبة بمضاعفة عدد الأفلام القصيرة، لأنها quot;قصيرةquot;، بينما يُعتبر الفيلم القصير عملاً سينمائياً قائماً بحدّ ذاته، بغضّ النظر عن مدته الزمنية التي تبدأ ـ وُفق تصنيفات quot;المركز الوطني للسينماquot; في فرنسا ـ من بعض الدقائق، ولا تتجاوز 60 دقيقة.
ولهذا، من المُفيد تقليص عدد الأفلام الطويلة، والقصيرة على السواء، فقد كان المهرجان ينعقد خلال 10 أيامٍ تسمح لأعضاء لجنة التحكيم بمُشاهدة فيلمين طويلين يومياً في ظروفٍ مريحة، ولكن، عندما تقلصت أيامه إلى سبعة، فإنه من البديهيّ تقليل عدد أفلام المسابقة لتصبح مابين 10 -12 فيلماً طويلاً، وتتمكن لجنة التحكيم من مشاهدة فيلمين طويلين خلال 5 أيام، وبالآن ذاته، لا يتعدى عدد أفلام مسابقة الأفلام القصيرة أكثر من 15 فيلماً قصيراً، وكمرحلةٍ أولى، فلتكن من 20 إلى 24 فيلماً قصيراً.
ولكن، بعيداً عن المنطق الحسابيّ، لا يوجد أيّ تبريرٍ لزجّ 46 فيلماً قصيراً في مهرجانٍ دوليّ يهتمّ بالأفلام الروائية الطويلة (مع بعض الاستثناءات التسجيلية).
يجدر التذكير، بأنّ عدد الأفلام القصيرة المُشاركة في مسابقات المهرجانات الكبرى، مثل كان، برلين، فينيسيا، لوكارنو،... لا يصل في أيّ حالٍ من الأحوال إلى 46 فيلماً قصيراً.
وبالتدقيق في مسابقات quot;المهرجان الدولي للأفلام القصيرةquot; في كليرمون فيران/فرنسا (وهو بالمُناسبة أهمّ مهرجان للأفلام القصيرة في العالم)، سوف نجدها كالتالي (الأرقام الخاصة بالدورة ال 31 لعام 2009): :
ـ المُسابقة الدولية: 76 فيلماً قصيراً.
ـ المُسابقة الوطنية: 59 فيلماً.
ـ المُسابقة الدولية لأفلام المُختبر: 43 فيلماً قصيراً.
وبإحصاء عدد الأفلام المشاركة في مسابقات الدورة ال 15 لمهرجان الفيلم القصير في بانتان(ويُعتبر واحد من أهمّ مهرجانات الأفلام القصيرة في فرنسا)، سوف نحصل على الأرقام التالية :
ـ المسابقة الوطنية: 24 فيلماً.
ـ المسابقة الوطنية للأفلام التجريبية، والفيديو آرت : 33 فيلماً قصيرا.ً
ليكون المجموع 57 فيلماً، هي حصيلة الاختيارات من حوالي 1500 فيلماً منتجة في العام السابق لانعقاد المهرجان.
إنّ تقليص عدد الأفلام في مسابقة الأفلام القصيرة(الطويلة، والتظاهرات المُصاحبة أيضاً)، يعني اختياراتٍ أفضل، ومساحة زمنية تسمح بعروضٍ ثانية، وشروطاً تقنية جيدة بالاعتماد على المقاسات الأصلية للأفلام، وهذا لا يمنع ـ بالطبع ـ من تنظيم تظاهراتٍ للأفلام القصيرة (كما الحال مع الأفلام الطويلة).
وبانتظار مهرجانٍ آخر يهتمّ حصراً بالأفلام التسجيلية، والقصيرة، رُبما تُحقق هذه الفكرة لquot;مهرجان دمشق الدوليquot; ثراءً سينمائياً، وخصوصيةً لن نعثر عليها في أيّ مهرجانٍ عربيّ آخر.