بغداد: أكدت الفنانة العراقية فائزة جاسم أن مشاركتها في الفيلم الايطالي الذي يحمل عنوان quot;زهور كركوكquot; من تأليف واخراج الايطالي فاري بوس كمكاري، اعاد الى ذهنها بشاعة ما تعرضت له في حياتها. وكانت الشخصية التي جسدتها هي ذات الشخصية التي عانت منها كثيرا آنذاك، مما جعلها تجسد البشاعة كما رأتها. كما أن هذا الفيلم أعادها الى السينما التي فارقتها منذ أمد بعيد بسبب غيابها القسري عن الحركة الفنية وتعطل العجلة السينمائية العراقية. هنا حوار مع الممثلة فائزة جاسم:

مواكبة السينما في العالم
* كيف تم ترشيحك للفيلم؟
- تم ترشيحي من قبل أحد الزملاء الممثلين، ولكن جرى اختبار لي في بغداد وتم تصويره وتقديمه الى المخرج، وبعد أيام تم ترشيحي للمشاركة في الفيلم والتي أعدها رائعة وجميلة وخاصة أن آخر فيلم سينمائي لي كان عام 1990 وكان فيلم quot;فتى الصحراءquot; مع المخرج عبد السلام الاعظمي الذي مثلت فيه شخصية quot;عبلةquot; الصبية، وأعاد لي هذا الفيلم شيئًا من الحنين الى السينما التي أتمنى أن تتحرك عجلتها العراقية وتواكب السينما في العالم.

الانسجام والتأقلم
* هل شعرت بشيء من الرهبة؟
- بالتأكيد، فبعد هذا الانقطاع الطويل عن السينما حدث كثير من التغيرات بالمجتمع وبي أيضا، لذلك كنت متخوفة من التجربة كونها سينمائية أولاً، وثانيًا لان المشاركين فيها كانوا من مختلف دول العالم وكل فنان جاء من بيئة مختلفة عني وعن تقاليدي، وهذه المسألة ترعبني، ولكن الحمد لله دخلت ضمن نسيجهم منذ اليوم الاول خاصة مع الفنانة quot;فابريسياquot; المنتجة ومع المخرج والمصور ماركو والماكيير رونالد والعاملين كافة، واستطعت أن أتأقلم، وبصراحة عندما تجد أن الاخر يبارك لك التجربة فأن هذا يشد عزمك على الرغم من أني لا اتحدث الفرنسية ولكن المترجم quot;يوسفquot; ساعدني كثيرًا وذلل لي صعوبات التفاهم مع المخرج أولا.

ملاك الرحمة
* ما دورك في الفيلم؟
- الشخصية هي quot;ملاك الرحمةquot; رئيسة الممرضات، والتي يجب أن تكون طيبة ورحيمة و quot;حبابةquot; وتنقذ أرواح الناس المرضى، ولكن في العمل هذا كان الامر مختلفًا، حيث أنها تعالج الشخص حتى يستمرون في تعذيبه ومن أجل دفعه الى الاعتراف، ثيمة عملها هي أن اخرين يأتونها بسجناء ليس لغرض الشفاء من أجل الشفاء، بل لمواصلة تعذيبهم، لكنها أيضًا تتعامل معهم هؤلاء المعتقلين بوحشية وقسوة كبيرة جدًا.

زنزانة تعذيب
* هل واجهتي صعوبة في الاداء؟
- في أحد المشاهد كاد يغمى عليّ، كان الاستديو عبارة عن زنزانة للتعذيب وكان يجب أن أدخل اليه حيث كان الشخص المعتقل مرميًا على الارض وغارقا في دمائه ويبدو انه يشرف على الموت، ما أن دخلت، ومجرد أن شاهدت شكل الزنزانة لتنفيذ المشهد حتى سقطت أصابني رعب ومن ثم هربت على الفور الى خارج المكان لأنه يحمل صورة مؤلمة وحزينة من ظروف مررت بها وخاصة بي، أنا دخلت في الحقيقة مكانًا مثل هذا الاستديو من قبل.

ذكريات حزينة
* وهل أديت المشهد فيما بعد؟
- نعم، أديته كما أراد المخرج وحاولت أن اتغلب على الذكريات الحزينة لي مع المكان، كان أمامي كرسي قديم جدًا وسرير مغطى بالدم وعليه قطعة نايلون وهناك نقاط دم على الارضية، وكان الشخص مرميًا على الارض فتأتي رئيسة الممرضات التي هي أنا وترفع رأسه من شعره، تشده بقسوة ثم تتحسس نبضه وتقول ببرود: انتهى!.

شخصية مشابهة
* كيف يمكن لك ان تؤدين مثل هذه الشخصيات بأداء ناجح؟
- استحضرت الشخصية المشابهة التي صادفتني في حياتي، وان اشتغلها بكل قدرة وتمكن على الرغم من كرهي لها، وهذا كي أوضح للاخرين السوء الذي تحمله والبشاعة في سلوكها غير الانساني، وتعاملها الوحشي مع الكائن البشري، من أجل ان يكرهها الناس، ولا أخفي عليك ان ما حدث معي في الماضي كان أكثر بشاعة من بشاعة هذه الشخصية، حضور بعض الشخصيات التي تحمل هذه المواصفات ما زالت عالقة في ذهني، وعلى هذا الأساس وجدتني استغلها، لكنني لم اعط الشخصية حقها من اللؤم والقسوة لان ما شاهدته في الحقيقة أكثر مما في النص.

شخصية حقودة
* وهل أحببت الشخصية؟
- لم أحب الشخصية مطلقًا ، بل كرهتها كثيرًا لانها تتعامل بطريقة غير انسانية بخطواتها وانفاسها العفنة، وهي أنانية حقودة لا تحب الخير، ولكن لا بد لي أن أحب هذه الشخصية حتى وان كانت بعيدة عني ولا تمثلني، أحبها فقط داخل المشهد وان كنت أتقزز من سلوكها.

سعيدة جدًا
* كيف تنظرين الى هذه المشاركة؟
- أنا سعيدة جدًا بهذه التجربة والتعامل مع المخرج الذي كان رائعًا وكان يحرص على ايصال المعلومة والملاحظة وإن كان بيني وبينه حاجز اللغة، وكان صبره طويل، وأسعدني قوله لي أنه سعيد بعملي معه.

معتقل افتراضي
* في أية لهجة أو لغة كان حوارك في الفيلم؟
- حواري كان باللهجة العراقية، أما مشاهدي التي صورتها فكانت تدور في المعتقل الافتراضي في شمالي العراق حيث الزمان هو مرحلة عمليات الانفال، التصوير جرى خارج مدينة أربيل في مكان كان معتقلاً في الأساس.