تأليف: أولف سنيور
ترجمة: زعيم الطائي
المؤلفة: Olive Senior
نشأت أولف سنيور في جزيرة جمايكا، 1941، غرب جبال الأنديز، بعد حصولها على الشهادة الأعدادية، رحلت الى أوتاوا في كندا، درست الصحافة في جامعة كارليتون، عادت بعدها الى جزر الأنتيل، لتنال شهرتها في الكتابة والعمل الصحفي، الى جانب عملها، كتبت العديد من الكتب المهمة عن جزيرتها، وعن نساء البحر الكاريبي، والعديد من قصائد الشعر، مع مجموعتين قصصيتين، (دموع البحر) و(حضور المرأة الأفعى وقصص أخرى). المترجم
لم تكن تعرف أبداً، لماذا حملوا أكوام الرمل والأصداف الى هذا المكان، كل ما تتذكره أندهاشها حين وصولهم، أندفاع اللوري بأصرار، تدفق ماسورة الدخان من خلفه، والأسراع لفتح البوابة، تراجع العربة وتقدمها الى الأمام، أزيز محركها، اللحظة التي تجمع فيها الكل حولها، ومشاهدتها لخط يشبه الباربكيو خلف العربة، فتح الأبواب وتفريغ الكوم الرملي البراق، وجدت نفسها وقد بدأت مع الآخرين تتقافز حول الكثيب، تشاركهم ضحكاتهم، قبل أن يتم إفراغ الحمولة، حيث أخذت تطلق الضحكات وهي تتقافز، الى الأعلى والى الأسفل فوق الرمل، بكامل ملابسها، وقد خطر لها أنهم قد جلبوه من السواحل البحرية لها خصيصاً ومن أجل عينيها.
الباربكيو عادة ليس له مكان دائم وخفيف كالرمال، فهو يستعمل لتجفيف الذرة والبمنتو والكاكاو والبن والزنجبيل، ولكنه الآن يستعمل لأجل كل شيء، خصوصاً خارج موسمه فيستفاد منه في شحنة عربة كبيرة تحمل الرمال، وجدت الرمل أبيض متألقاًً، يختلف في لونه عن لون الرمال السوداء التي تلعب بها، تلك المحيطة بالنهر، فهي لم تكن قد ذهبت عند السواحل من قبل، ولكنها لمحت البحرشديد القرب من نافذة العربة وهي تتسلق منحدرات التلال المستديرة المطلة على المدينة، للحظة بدى لها من بعيد في لحظة خاطفة كجزء من العالم شق الى ثلاثة أقسام، أرض وماء وسماء، كان البحر متغيراً على الدوام، يبدو شاحب الخضرة أحياناً، ويتخذ لون الزمرد في أحيان أخرى، وتارة يأخذ شحوب السماء حينما تغدو رمادية متوعدة، وحينما يرتطم بالساحل يشكل بأستمرار خطاً أبيض لامعاً هناك، منبسطاً وواسعاً، تسميها الجدة بلاجات، فالبحر في مخيلتها يشبه كائناً حياً دائمياً، دائم التغير، ولو انها لم تستطع سماعه من بعد، فهو يطلق زئيره المستمر، دون أن يقرب من التلال، او المدينة الزاخرة بالزحمة والحرارة والضجيج، حيث لم تر شيئاً فيها عدا الشوارع والبيوت، حتى أن المدينة لم تفكر يوماً أن كائناً حياً يعيش بقربها أسمه البحر، يتنفس قريباً منها، وفوق أسطح بيوتها، كانت في أشد اللهفة لرؤية البحر عن قرب أكثر من أي شيء آخر، تتمشى عند الشاطئ تراقب أصطدام الأمواج وتكسرها على اليابسة، لكن جدتها عاجلت قمع رغبتها للذهاب جنب البحر كشيء يستحيل تحقيقه، قائلة: أظننت اننا جئنا هنا للسياحة؟ ولم تبين لها سبب رفضها الذهاب هناك، وقد دللت أن الناس الصلبين يحبون أنفسهم أكثر، الا أن هذا لم يفت في عضدها، ولم يثن شوقها الحارق ورغبتها في رؤية البحر عن قرب، والتمشي فوق أديم رماله، ولولمرة واحدة، على الرغم من انها لم تعلن رغبتها لأي مخلوق، فقد جلبوا لها الآن رمال ذلك البحر، بيضاء، مشرقة تماماً، تبينت بينها حالاً، تلك الصدفات الصغيرة.
الأن أخذت تمضي أغلب أوقاتها في كدس الرمل الذي يشبه الباربيكيو، تنثرها في كل أتجاه وتعصرها بأيديها كي تسقط شيئاً من غلالها، تستلقي عليها مغطية بالرمال الدافئة جسدها بأكمله، متأرجحة بين أحضانها كمهد، حتى يغلبها النعاس، وحينما تكون في كامل أسترخائها وهي مضطجعة في أسترخاء تام بين الرمال، تحس به آتيا نحوها، رقيقاً بادئ الأمر، ثم يصبح قوياً، ذلك النسيم المقبل مباشرة من جهة البحر، والذي تعرفه جيداً، فتستمع في يقظتها الى زئيره الضعيف الواهي، متخذاً طريقه عبرطول المسافة التي تفصلها عن السواحل، وهي عائمة في الباربكيو فوق قمة جبلها، منهمكة بملاعبة الأصداف، ترصفها على حواف الباربكيو، وفقاً لأشكالها وألوانها، متسلسلة حسب أحجامها، أصبحت جنرالاً وجعلت منها جيشها، معلمة مدرسة وهن تلميذاتها، أماً وأطفالها الصغار، في كل يوم تكتشف مزيداً ومزيداً من الصدفات بلا أنتهاء كغلال تنتجها الرمال، قطع وأجزاء من المحار، زعانف بحرية ومرجان، وفي أحد الأيام عثرت على صدفة حلزون، كانت الوحيدة التي تختلف عن صدفات الكدس الرملي، وعن كل محار الدنيا، فكرت انها على الأكثر، نسخة من حلزونات الحدائق الهائلة، فكانت مناسبة أن تحملها براحة يدها لشدة ضآلتها، حيث لم تكن تشبه أي صنف من محاراتها، المصطبغات باللون الأبيض وقد ظهرت على أغلبهن علامات التهرؤ والقدم، أما هذه فتبدو جديدة فاتنة، يحتوي باطنها على ظلال ألوان السليماني المضيئة، مع لمسة من وميض اللؤلؤ الأصلي، بحلقات دقيقة لونها وردي، تعطي بياضا ناصعاً، أجمل ماشاهدته في حياتها، خطر لها في الحال أن المحارة السحرية قد بعثت من أجلها خصيصاً، كهدية بحرية، لذا لم يكن مفاجئاً لها، في يوم من الأيام حين قربتها من أذنها فأستمعت من خلالها في البدء هدير المحيط الأليف، الذي يأتي أولاً مثل صرير الراديو، كصوت ناء، (هلو...) صائحاً من بعيد (هلو..هلو...) ردت هي أخيرا بصوت خجول متقطع الأنفاس، (هلو..).
بعد هذا الحياء الأستهلالي أصبحتا صديقتين تماماً، تحدثتا معاً أحاديث مسهبة، تناولتا فيها مواضيع شتى أغلبها تدور حول البحر، والمخلوقات التي تعيش في أعماقه، عن الصدفات البحرية وأعشاب الماء السفلية، لشدة أهتمامها بهذه العوالم، (لم لاتذهبين وترين كل شيء بنفسك؟) سألتها المحارة.
(لاأحد سيأخذني هناك) أجابتها، أخذت المحارة تحدثها عن كل شيء بخصوص البحر.(نحن الأصداف..) تقول المحارة (.. دموع البحر) (ولكن لم يبكي البحر كثيراً؟) لم تقدر منع نفسها من السؤال. (لأنه يحتاج الى ماء كثير، فلو لم يفعل ذلك لجف سريعا) (..أوه) المحارة تبدو حكيمة جدأً (أوه.. نعم، تعرفين، مرة كان البحر هو كل شيء، الأرض كلها كانت مغمورة بمياهه، لكنها ظلت تتصارع معه طوال السنين، منذ بدايات الأزمان، أخذت تدفع البحر خلفها شيئاً فشيئاً، فلم يبق منه الا القليل في هذه الأيام، لذا فترين النتوءات والتجعدات التي صنعتها الأرض بزحزحتها للبحر يوما بعد يوم.)
لم تذكر شيئاً حول بقائه متسعا وكبيراً رغم الذي حدث (لذا فقد أستمر البحر يبكي ويبكي، طول الوقت، كي يسترد مجده ويغمر اليابسة من جديد، وهانحن دموعه، وأطفاله (كلتاهما لازمهما الأضطراب والخوف من فكرة سيطرة البحر على كل شيء، حتى على الباربكيو فوق الجبال، لذا سارعت بأبعاد المحارة عن أذنها، لانها لم تعد تريد سماع المزيد، تعودت أن تفعل ذلك دائماً حينما تستمع من المحارة كلمات تهديدية تحوي وعيداً، أو على الأقل تقوم بتغيير مجرى الحديث مشيرة الى مسائل أكثر أهمية، كتصرفات المحارات الأخرى السيئة وكيفية التحكم بها، لكنها حينما تقفل عائدة الى البيت تفتقد محارتها بشكل فظيع، وحدث ذات يوم أثناء مغادرتها حقل الباربكيو، حيث أستجمعت شجاعتها وسألتها أن تصطحبها معها الى البيت، (أوه..لا.لا. لآ) تعالى بكاؤها من شدة الرعب، (لاأرغب مفارقة الأخريات، فسأظل وحيدة كما أنت لايكلمني ولا يلعب معي أحد) أبعدت المحارة بـأستعجال عن أذنها، لأنها لم تحب أن تسمع أكثر من هذا، رغم الحقائق التي أسرت بها اليها، فكرت أنها قد قالت شيئاً مخجلاً، لاتريد أحداً يعرفه، فقد قست المحارة في أجابتها لها أكثر من أي وقت مضى، قالت: (أمي البحر، وأبي السماء، أين أمك وأبيك؟) حينها شعرت بالغضب من كلماتها، رمتها من يدها على الرمل وطمرتها فيه، معاهدة نفسها أن لاتعود للكلام ثانية مع أي مخلوق بهذه القحة، حاولت الأبتعاد ماأمكنها ولكن ليس بهذه الصورة، المحارة كانت صادقة في قولها، فهي حقاً وحيدة ولايلعب معها أحد، ماعدا مجموعة الأصداف هذه، فعادت في الحال مطأطئة رأسها لتلتقط المحارة من جديد مقدمة أعتذارها، (أرجوك..سامحيني) وخاطبتها كما علمتها جدتها أن تقول (أنا متأسفة شديد الأسف) سمعتها تقول بعد فترة (لاعليك، أنني آسفة أيضاً، فالدخول في مناقشات ومواضيع زائدة عن الحد تجلب الكثير من الألم)لكنهما أحستا بعد ذلك بكثير من الأحراج، حتى أنهما لم تنطقا بحرف واحد، أزدردت المحارة ريقها لمرات عديدة، وفكرت كلاهما فترة طو يلة متلكئة عساها تقول شيئاً لطيفاً، حتى فتحت المحارة الحوار بغية رأب الصدع قائلة (تعرفين، قررت أخذك الى البحر).
- (أنت.....؟)
- (بالطبع، فأنا قادمة منه، أليس كذلك؟ لذا فبأستطاعتي أيجاد طريقي الى هناك ثانية) أجابتها:
- (طبعاً، فمالأفضل من أن يرافق المرء محارة، هل تعنين حقاً ماتقولين؟) تنفست بعمق حين قالت ذلك، لكنها لم تكن مصدقة تماماً.
-(آ..نعم، لم أخفق مرة في فعل شيء قطعت به وعداً) قالت المحارة بأصرار، (يجب علينا الذهاب يوم الأحد، فهو أحسن الأيام، ذلك هو اليوم الذي يمتلئ فيه البلاج بالأطفال، هناك الكثيرون ممن تستطيعين اللعب معهم، تعالي صباح الأحد مبكرة، وسننطلق معاً نحو البحر)
(سآخذك معي الى البحر.)
أخذت تغني في طريق عودتها راكضة الى البيت، (سوف آخذك الى البحر.. أقدر أن آخذك الى البحر)حينما وصلت البيت، شعرت بالأشتياق الى أن تخبر أحداً بذلك، في المساء همست لشيري الذي تنيمه في حضنها في الفراش، لكي تعجل بالنوم (شيري، أحزر، ماذا؟)
ndash; (ماذا؟)
-(هل بأمكانك أن تحفظ السر؟ أحفظه من أجلي، دون كلام أو ضحك أو مداعبات)
- (ماذا؟)
-(غدا أنا ذاهبة الى البحر) همست له.
- كاذبة..) قال شيري، الذي يحب المباشرة دون لف أو دوران، والذي يعرف كل مايجري في البيت، فهو يعلم أن لاأحد سيتوجه للبحر لايوم غد ولا في أي يوم آخر، (أنك تحبين تأليف القصص كثيراً، من الذي سيأخذك معه الى البحر؟)
- (صديق!) قا لت بهمس، حانية رأسها بأسف من لم يجد شخصاً يشاركه أسراره وما يحدث له.
- (صديق...؟) قال شيري مستخفاً، (أي صديق؟ ليس لديك أصدقاء) أرادت أ ن تقول، حسناً، أنت صديقي، بعض الأحيان، بدلاً من تقليب رأسها وإغلاق فمها، والتحديق بوجهه ثم الذهاب الى الفراش دون أن تحدثه مرة أخرى، ستريه قريباً!، لكن قلبها راح يخفق بسرعة، فلم تستطع النوم، أمست تتقلب في فراشها وتلتف أغلب الليل في أحلام حمى هاذية، يصاحبها الهدير العنيف في أذنيها عالياً، كما لو أن البحر قد أستبد به الغضب.
نهضت في الصباح، يلازمها شعور بالتعب والألم، وأعياء المرض، وبدلاً من تحسن صحتها في قابل الأيام أزدادت حالتها سوءاً، فأحضروا اليها طبيباً، ومن بين الأشياء التي سمعتها قوله أنها تحتاج الى راحة طويلة بملازمة الفراش، بلا مهيجات، تؤذي قلبها، لأصابتها بحمى روماتزم رئوي، قضت في البداية عدة أسابيع في الفراش، بين ضبابيات النوم وروائح الأدوية، بعد أن شعرت بالتحسن، بدا كل من في البيت قد تواطأوا على معاملتها بلطف شديد، يدللونها ويبالغون في تسليتها.
الجدة نقلت ماكنة خياطتها وسكنت معها الغرفة، تتبادل معها الأحاديث وهي تخيط، ذاهبة عائدة تحمل أطباق أكلات جديدة كونتها من عناصر مختلفة، تحكي لها في أسترخاء أقاصيص شتى عن العنكبوت الأفريقي الغبي أنانسي ذي الجثة الهائلة، كما علمتها لعبة الداما، وتدقق مواعيد طعامها، بل وحتى ميرسه جورج الخجولة التي تعمل في تسمين الغنانيص تأتي في بعض الأماسي وتجلس عند عتبة غرفتها، ترتل لها الأناشيد بصوتها الرقيق، والأكثر من كل ذلك أن شيري من حولها طوال الليل والنهار، يعلمها الأشعار والألغاز، يملأ رأسها بالأغاني والقوافي اللامعقولة والأدوار التمثيلية (ويبسي.. كيسي كم.. بندر شل.
ويبسي.. كيسي كم.. بندر شل)
المحارة، مضى زمن طويل دون أن تتذكر محاراتها، أولاً، لأنها عليلة ومنهكة، أضافة الى أنها منغمرة في الحياة مع كل سكان المنزل الذين يحاولون بشتى الطرق إسعادها، والمساعدة في تحسن حالتها ثانية، لكنها الآن عادت بها الذاكرة من جديد الى محاراتها، لذا فعليها العودة الى حالتها الطبيعية، فكل من في البيت يريدون لها ذلك، لا مجال لديهم من أجلها طويلاً، فقد أعادت الجدة ماكنتها ذات العجلات الى غرفتها، قالت أنها ليست بها حاجة لها الآن، وقد غادرت الفراش، توقفت عن تقديم الأطعمة الشهية، ولم يعد لديها الوقت الكافي لحكايات أنانسي، شيري ألقيت على عاتقه كل الأعمال البيتية، فلم يعد له مجال لما يسمى ترهات غبية، يرى الجد أن ألعاب الداما والمربعات الصينية لاتناسبني، بدا كما أن الزمن يمضي فترة بعجالة ثم يعود الى التباطؤ في سيره مرة أخرى، يخطو نحو فراغ مضجر بأيام متعثرة عاطلة.
لقد أدركت عزلتها من جديد، أخذت تقضي وقتاً أطول في التفكير ثانية بالأصداف، متلهفة لذلك اليوم الذي ستتعافى فيه لكي تكون قادرة على ضمهن لرعايتها كما فعلت في سابق الأيام، للتمشي فوق أكوام الباربكيو حيث المحارات ينتظرنها بقلق، متسائلات عما حدث لها، وستحدثها صديقتها عن آخر الأخبار، ستخططان معاً لرحلة بحرية أخرى. ستستفسر من محارتها الصغيرة عما أذا كان البحر هادئاً أو صاخباً هذا اليوم، (قالت لها المحارة أننا جميعاً أتينا من البحر، فلا يهم كيف سننتهي، حتى ولو تشظينا في شذرات عديدة، فسنستمر حاملين معنا جزءاً من البحر من هنا الى الأبد) فرحت كثيراً حين أدركت أنتظارهن الطويل وشوقهن اليها.
أخيراً، جاء اليوم الذي أعلن فيه الطبيب وجدتها والآخرون شفاءها التام، (بلا أثارة أو مستفزات) ذكر الطبيب جدتها التي تساءلت أكثر من مرة عما يعني بذلك، وسرعان ماهرعت الى كوم الباربكيو وهي تنشد كل أغاني البحر الشائعة التي تدور في رأسها، وماأن أقتربت منهن أكثر، أستطاعت سماع أصواتهن المجيبة في كورس واحد:
(سوف أصطحبك الى البحر..
سآخذك الى البحر..
أقدر أن أخذك الى البحر)
لكنها كلما تقدمت وأزدادت قرباً من الباربكيو، رأت شعاعاً يغشي البصر، وحقل الباربكيو بأكمله مغطى بالبمنتو البري، ولم يعد هناك وجود للبحرالمنبسط الهائل الذي شاهدته من قبل فوق زاويته العالية، ولافي أي مكان غيره، ولاحمولة اللوري من الرمال اللاصفة، ولا اللمعان الخفيف الذي كان يغمر المكان بصفائه، جثت على ركبتيها ويديها فوق العشب، باحثة بلا جدوى عن أدنى أثر بين الحشائش وعن بقايا الرمل، وآخر ومضات اللؤلؤة الأم، فلم تعثر الا على النتف الأخيرة من شظايا المحار البالغة الصغر، تملكها الأرتباك وأبتدأ قلبها يخفق بشدة، وقد أحست بصعوبة التنفس، حملت البقايا الضئيلة قرب أذنيها، فملأ سمعها صوت الموج الهادر مقبلاً من جهة البحر، على مسافة أميال، مغطياً أرض المروج الواسعة أثناء طغيانه المضطرب المفاجئ ومرتطماً بأعالي الجبال.
التعليقات