الترجمة نافذة ثقافية والمترجمون رُسل الحضارات
الدولة العبرية تترجم حوالي 15.000 كتاب سنوياً والدول العربية 330
مروة كريدية من الشارقة: تُعدّ الترجمة أحد أهم أدوات التواصل بين الشعوب والحضارات وفي عالمٍ متعولم تسارع فيه إيقاع الاحداث، تجد الدول العربية نفسها مُطالبة فيه بالتحاور مع الشعوب الأخرى، حيث يصبح هذا الدور ملقى على عاتقها كجزء من مهمتها الوطنية، وفيما تسعى الامارات عبر مؤسساتها العلمية الى ترجمة العديد من الابداعات العربية الى لغات أخرى، تحرص وزارة الثقافة وتنمية المجتمع في الامارات الى رعاية ابداعات الشباب وترجمة أعمالهم، كجزء من مشروعها العلمي والثقافي.
وفي هذا السياق جاءت أعمال الندوة الفكرية التي اقامتها الوزارة خلال الملتقى الفكري المصاحب لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وقد جاءت بعنوان quot; المتغيرات الحافزة لترجمة الثقافة والإبداع الإماراتي إلى اللغات الأجنبيةquot;
إشكاليات الترجمة والبيئة الثقافية:
ما يستخدمه كل العرب من ورق سنوياً يكاد يساوي ما تستخدمه دار نشر فرنسية واحدة!
محمد عيد إبراهيم المسؤول عن مشروع الترجمة في الوزارة اعتبر ان quot;الترجمة فعل خيانة أصلاً وتذكّر ثانياً وتنوير ثالثاً. هي فعل خيانة، لأن النصّ المترجَم يزيد قليلا أو ينقص قليلا عن النصّ الأصليّ. وهي فعل تذكّر، لأن المترجِم يفعل هذا مع نصّ جيد على الأقل فيحييه في مكان آخر ولغة أخرى ووسط بيئة اجتماعية مختلفة. كما أنها فعل تنوير، لأن النصّ المترجَم في لغته الجديدة ومكانه الآخر وبيئته المختلفة يقوم حتماً بدور رائد في وعي من يقرأهquot;
عيد اعتبر ان الترجمة هي فعل ثقافيّ لغويّ حضاريّ، وان المترجم هو رسول التنوير بين الحضارات، حيث قال: quot;من قديم الزمان وحتى العصر الذي نعيش فيه لم تفقد الترجمة ضرورتها أو فاعليتها، فهي الوعاء الذي تُنقل من خلاله المعرفة من بلد إلى آخر ومن لغة إلى أخرى. الترجمة إذن هي نافذة فكرية ومدخل حضاري يضمن لهويتنا القومية المزيد من التواصل مع الآخر في كل مجالات إبداعه. quot;
وأضاف عيد أن الترجمة جزء من منظومة حضارية وثقافية ضخمة، فمن غير المعقول ألا نرى تقدماً أو تغيراً أو تطوّراً في عالم الترجمة بيننا نحن العرب، فبينما نجد الدولة العبرية، مثلاً، تترجم حوالي 15.000 كتاب سنوياً بلغة ميتة أصلاً، لا تترجم الدول العربية أجمعها أكثر من 330 كتاباً سنوياً، وفقا لآخر إحصاء صادر عن تقرير للأمم المتحدة، يثبت أن ما ترجمه العرب من اللغات الأخرى منذ عهد المأمون بن الرشيد حتى اليوم يساوي ما تُرجم للعبرية في أربع سنوات فقط، أو ما ترجمته إسبانيا في عام واحد كمثال آخر.
وكلّ ما يستخدمه العرب من ورق سنوياً يكاد يساوي ما تستخدمه دار نشر فرنسية واحدة.و هذه الأرقام تدل على الفارق الحضاريّ الكبير الذي يسعى العرب والغرب لتحقيقه في الوقت نفسه ضمن صراع الوجود وسط العالم. ولو قمنا بإحصاء حتى في مجالات الترجمة لدى كل منهما على حدة، لوجدنا أن الغرب يعمل على توسيع رقعة الترجمة في معظم المجالات، بينما يركز العرب في أحيان كثيرة على الأدب دون الفكر والفلسفة أو العلم بآفاقه الواسعة، ويحق لنا أن نقول إن الفوضى ضاربة في مشروعات الترجمة العربية إلى حد كبير.
عيد تناول اشكالية الكتب المترجمة حيث انها تنصب على الاداب دون العلوم حيث قال quot;يؤسفنا القول إن معظم ما استفدناه من بعثات الترجمة إلى الغرب في القرن التاسع عشر كان لصالح الأدب لا العلم، عكس البعثات اليابانية التي ذهبت لأوربا في الفترة نفسها وانصب اهتمامها كله على ترجمة الكتب العلمية، وشتان بين ما صرنا إليه وما صارت إليه اليابان. ويمكن أن نؤكد أن حركة الترجمة العلمية عند العرب لا تزال في تقهقر بالغ حتى اليوم. quot;
جهود اماراتية حثيثة
سعيد العامري رئيس قسم التأليف والنشر في الوزارة تناول أهمية الترجمة في نقل ميراث الشعوب طارحًا مبادرة الوزارة في هذا السياق مما سيساهم في إيصال الابداع إلى ما هو خارج حدود الإمارات وذلك عن طريق التنسيق بين السفارات الخارجية لتوزيع هذه المطبوعات في مختلف الدول بالإضافة إلى الجهود المبذولة في المشاركة بالمعارض العالمية منها وأن هذه المبادرة جاءت لترسيخ الابداع وتصديره، إلى العالم حيث يقوم قسم التأليف والنشر والترجمة بالوزارة حالياً بإصدار سلسلة من ترجمات في كافة المجالات: الرواية الإماراتية، القصة الإماراتية، الشعر الإماراتي، النقد الأدبي الإماراتي، المسرح الإماراتي، التراث الإماراتي، الفن الشعبي الإماراتي... وستتوسع السلسلة لتشمل أيضاً مجالات المعرفة الأخرى في القريب العاجل.