لوس أنجليس من أرثر سبيجلمان: عانت أمه من نوبات اكتئاب حادة وحاولت أن تهيمن على حياته.. وعانت شقيقته وابنته من اضطرابات عقلية حادة وتوفي أبوه وزوجته في سن صغيرة وانتحر خاله الذي أحبه بقطع شرايينه. فماذا فعل بيتر مارك روجيه مؤلف معجم روجيه للمترادفات للتغلب على كل الآلام والحزن والأسى والبلاء والمرارة والتعاسة والشقاء في حياة امتدت 90 عاما.... لقد صنف معجما للمترادفات. فالعالم البريطاني الذي عاش في القرن التاسع عشر وضع قوائم لكلمات ومترادفات لكل المناسبات ساعدت في النهاية في تيسير حياة كتاب الابحاث الاصطلاحية وعشاق الكلمات المتقاطعة وكل من يبحث عن اجابة السؤال القديم quot;ما هو مرادف كلمة.....quot;. وتشير سيرة جديدة لحياة العالم البريطاني الى أنه اعتمد على وضع القوائم لانقاذ حياته والتغلب على الاكتئاب والشقاء اللذين أحاطا بها. ويقول جوشوا كندال مؤلف كتاب صدر للتو عن دار نشر بوتنام بعنوان quot;صانع القوائمquot; ان روجيه quot;وقع بالصدفة عندما كان صبيا على اكتشاف كبير وهو أن اعداد قوائم من الكلمات قد يمده بالعزاء مهما تكن المحن التي يتعرض لها.quot; والكتاب الذي يباع بسعر 25.95 دولار للنسخة هو عبارة عن دراسة لحياة روجيه (1779 حتى 1869) استنادا الى مفكرته وخطاباته وكذلك الى سيرة ذاتية.
وقال كندال في مقابلة أجريت معه مؤخرا ان روجيه كان معنيا بالكلمات أكثر من البشر وأن وضع قوائم بهذا الحجم الذي قدمه كان سلوكا محكوما بالوسواس القهري ساعده على التصدي للشياطين التي روعت عائلته البريطانية الموقرة. وقال كندال ان الجنون كان ضيفا معهودا في بيت روجيه. فأحد أجداده ربما عانى من انفصام الشخصية أو من اكتئاب حاد وعانت أم روجيه من جنون العظمة وكثيرا ما كانت تتهم الخدم بالتامر على حياتها. كما عانت شقيقته وابنته من الاكتئاب ومن اضطرابات عقلية.
ثم كانت هناك قضية السير صمويل روميلي عضو البرلمان البريطاني خال روجيه الذي اشتهر بمعارضته لتجارة العبيد وتأييده للحريات المدنية. وشق رقبته بينما كان روجيه يحاول انتزاع الموسى من بين يديه. ولم يفهم أحد اخر كلمات تفوه بها العم سام الاخيرة quot;يل عزيزي.. أود ان ..quot;
وفي الواقع وبالرجوع الى معظم المعاجم التي ضمت قائمة بمرادفات الالم فان حياة روجيه كانت مملوءة بالهم والالم والمعاناة والمحن والاسى والكروب والمرارة والحزن والشقاء والاحداث غير السارة والبؤس. وقال كندال quot;القوائم منحته عالما بديلا يعوضه عن عالمه.quot; وأعلن كثير من الكتاب أنهم مدينون بالفضل لروجيه. ومن بين هؤلاء جي. ام. باري مؤلف رواية بيتر بان. ووضع نسخة من المعجم عرفانا لروجيه في قمرة القبطان هوك كي يصبح في مقدوره أن يعلن أن quot;الرجل لم يكن شرا كاملا.. فلديه معجم في قمرته.quot; وأعلنت سيلفيا بلات شاعرة القرن العشرين أنها quot;عاشقة روجيهquot; احتراما لكل الكلمات التي اختارتها من معجمه. لكن الصحفي البريطاني سايمون وينشستر يعتبر روجيه مسؤولا عن جعل الثقافة الغربية بكماء لأن ما قام به يسمح للكاتب بأن يلتقط الكلمات بدلا من التفكير فيها. وحاول روجيه وضع أول معجم للمترادفات عندما كان عمره 26 عاما لكنه ازاح الفكرة جانبا ولم ينشر كتابه حتى عام 1852 عندما تجاوز عمره 70 عاما وتقاعد. ثم انشغل به طيلة ما تبقى من حياته. وحقق المعجم نجاحا في بريطانيا لكن المبيعات لم تكن جيدة عندما نشرت بعد ذلك بعامين طبعة أمريكية. ولكن عندما جن جنون الامريكيين بالكلمات المتقاطعة في العشرينات احتل المعجم مكانتها بين قائمة المراجع.
وكتب كندال سيرة حياة روجيه بأسلوب يصفه بأنه quot;سردي غير قصصيquot; يحتوي على قدر كبير من الحوار والاوصاف عما يشعر ويفكر فيه روجيه وأصدقاؤه ويقول ان الكتاب كله يعتمد على مصادر. وقال quot;بذلت قدرا كبيرا من الجهد لانسج حكايةquot; مضيفا أن كل المشاهد التي تضمنها الكتاب تعتمد على أحداث واقعية. (رويترز)