محمد الحمامصي في القاهرة: (ملاك الفرصة الأخيرة) عنوان الرواية الخامسة للروائي المصري سعيد نوح الذي دأب في كل عمل جديد له أن يقدم منطقة ويجتاز في سرده عالما جديدا، فلم يكرر تجربة سردية، ولم يكرر شخوصه. ومن ثم تعد تجربة (ملاك الفرصة الأخيرة) مغايرة ومتمايزة عن رواياته السابقة علي مستوى أسلوبه السردي وموضوع العمل، فها هو يعيد إنتاج أسطورته الأدبية الخاصة حيث لا يعيد إنتاج الأساطير الإنسانية المتعارف عليها، بل يعيد كتابة الأساطير الإنسانية من وجهة نظر مغايرة.
هي رواية تحفل بالمحبة والنظرة الليبرالية للذات وعلاقتها بالعالم... وقد أتى سعيد نوح ببطل جديد تلبسته الذات الساردة، وهو ملاك الفرصة الأخيرة الذي يقدم المساعدة لكل إنسان في مأزق أو يتعرض لخطر ما،يقدم له فرصة النجاة، متمثلة في الكيس الأرجواني ونظرة حانية وابتسامة من الملاك المنقذ.
ولكن من عجب أن يقع ملاك الفرصة الأخيرة في حب ذات إنسانية مغايرة لطبيعته الملائكية، يقع في حب خطية تلك البنت الفلسطينية، فتتلبسه طبيعة بشرية ويشعر بالمحبة، ويمارس الحلم لأول مرة في حياته.
يقدم سعيد نوح أسئلته تجاه العالم وتجاه قضايا وطنه وقوميته، فيتتبع الشخصية الفلسطينية المنسحقة أمام الآخر اليهودي، ويتتبع نمو وجود الآخر كنتوء في جسد الوطن. كذلك يعيد صياغة مقولاته وتابوهاته الدينية، ويسلط بقع ضوء مختلفة على الجوانب الإيجابية في الشخصية العربية، ويبحث من خلال أساطيره الأدبية في البحث عن أسباب سقوط الشخصية العربية وانسحاقها، وكأنه يعيد صياغة اللا شعور الجمعي، وإن هذا النوع من اللا شعور ليس العقل الباطن للإنسان الفرد وحده، بل إنه التجربة الإنسانية برمتها وعبر رحلة موغلة في القدم، وهي مخزونة في مكان ما في الذهن البشري، لذلك فان quot; الإنسان الحديث ndash; كما رآه يونغ ndash; مزيج عجيب من ميزات مكتسبة على مدى عصور طويلة من تطوره العقلي، وهذا الكائن المزيج هو الإنسان ورموزه التي علينا أن نتعامل معها، ولا بد لنا من إمعان النظر في نتاجاته العقلية بحرص شديد حقاً
وللملاك دلالتان تمضي الرواية وفقهما، إحداهما: رمزية والأخرى فنيّة فأما الدلالة الرمزية فإنها تبرز مرادفة للأمل والحلم اللذين يحرّكان الإنسان بحيث يتجاوز ذاته ويتغلب على كل متاعبه ويصبح أكثر قدرة على التحدّي واحتمال الصعوبات
وأمّا الدلالة الفنية، فالملاك في هذه الرواية ينتظم أواصر الرواية ويستأثر بعنوانها وينمو بنموّ أحداثها حتى يصل إلى خاتمتها.