محمد الحمامصي من القاهرة: تكتب سهام العربي القصة والرواية والدراسة والمقال الأدبي،قصص الأطفال،ونشرت أعمالها في كثير من المجلات مثل القصة،المحيط الثقافي،الأدباء،الثقافة الجديدة، حواء،النهار. والجرائد مثل المساء،الرأي،اختراق،أخبار البحيرة،الملحق العربي لجريدة آريف،للأطفال كتبت قصص فى قطر الندى،لها كتاب مشترك بعنوان quot;نوافذquot; صادر من فرع ثقافة البحيرة، وأصدرت هذا الأسبوع مجموعتها القصصية الأولي بعنوان quot;جملة إعتراضيةquot; التي تحتفي بعالم الأنثي في مختلف تجلياته،ولها تحت الطبع مجموعة قصصية بعنوان quot;مساءات صاخبةquot; ورواية quot;غيداءquot;. النملة المتمردة (قصص للأطفال)،وفازت بجائزة دار الأدباء في دورتين عام 2005،2008. وفي هذا الحوار نتعرف علي جوانب من شخصية الكاتبة ورؤيتها لعالم الكتابة.
** بداية نود التعرف على بدايات تجربتك في الكتابة، وماذا تعنى لك الكتابة؟
** نشأتي في الريف وسط الخضرة والماء والطبيعة الصافية، كان لها أثر كبير على خلق الحس الفني بداخلي، ولكنى كنت أشعر أنني أختلف عن رفاقي، فأنا أعشق الموسيقى والغناء الشرقي القديم، وأتابع برنامج فن الباليه وكذلك البرامج التي تعرض مختلف أنواع الفن التشكيلي، وذلك رغم حياة الريف البسيطة والساذجة أحيانا. بل إنني أتذكر الأن، كيف كنت أتأمل السماء والسحاب والألوان وأرتجل كلاما أشعر به عذبا دون أن أعرف ما هو جنسه الأدبي، ثم أنساه دون التنبه لكتابته وتسجيله. إلى أن وصلت إلى المرحلة الثانوية وحدث خلالها حادثان جعلاني أبدأ في تسجيل ما أشعر به. الحادث الأول هو انتحار صديقتي الوحيدة، رحت أكتب وأنعيها، كتبت عن افتقادي لها ووحشتي إياها. أما الحادث الثاني هو غزو العراق للكويت، وقد عبرت عن ذلك بقصة ثم بدأت أقرأ كتاباتي لمن حولي وكانوا يثنون عليها وتسرهم ومازالت هذه الأوراق في أدراج مكتبي. وعندما إنتهيت من المرحلة الجامعية كان في حوزتي أربع روايات وعدد كبير من القصص القصيرة والخواطر النثرية. ولم تكن لدى الجرأة للدخول في أي نشاط جامعي، كما أن الفروع الإقليمية للجامعات في المحافظات لا تعطى لمواهب الطلاب أهمية، لذلك كنت أحتفظ بما أكتب فقط ليقرأه من حولي.
** ما المؤثرات التي أحاطت بولادتك ككاتبة؟
** الكاتب لا يكن واعيا بتلك المرحلة التي يتم فيها خلقه ككاتب، فهو مثلا لا يمسك القلم ويقول الأن سأكتب لأكون كاتب، فهو أولاً ينفعل بما حوله من أحداث ثم يكتب، ثم يدرك فيما بعد أنه يكتب ويختلف عمن حوله. ومن ثمّ فقد إستمرت مرحلة الاحتفاظ بأوراقي حتى عملت بالتدريس،وإرتبطت بشخص كان ينظر لما أكتب في شك وكأنه لا يصدق أنني كتبت ذلك،وتحول إعجابه بكتابتي إلى هجوم على الكتب التي يجدها عندي. وبدأت أهمل الكتابة، ولم أهمل القراءة مطلقاً حتى انتهى هذا الارتباط،وكان نقطة التحول في حياتي، فقد أخرجت الأوراق وبدأت أراجعها وأهتم بها وكتبت عدد أكبر من القصص عن تجربتي وعن غيرها من الموضوعات ورحت أبحث عن النشر في الجرائد،وأنا أشعر أن مستقبل المرأة الحقيقي في عملها،كل ذلك وأنا مازلت في بلدتي بمحافظة البحيرة. ثم خرجت للبحث عن نوادي الأدب والقصة في دمنهور، ذهبت في المساء وكان صعباًَ على فتاة أن تسافر من مدينة إلى مدينة ليلاً لذا اصطحبت معي شقيقتي الصغرى نحضر الندوة ونعود،وكم ذهبت فى الشتاء لأجد الندوة قد تم إلغائها. وهناك قرأت قصصي وقابلوها باستحسان فهممت بكتابة غيرها لأتواصل معهم ووجدت اهتماماً وتشجعياً من الأستاذ رضا إمام رئيس نادي الأدب وأشركني مع آخرين فى كتاب نوافذ الصادر من فرع ثقافة البحيرة وكنت قبلها قد اشتركت في مسابقة أدبية نظمتها جريدة أخبار البحيرة ووجدت إسمى منشوراً ضمن الفائزين.
ولما نشرت القصة الفائزة مع إسمى وعنواني وصلني خطاب رائع من شخص مجهول،كتب لي قصيدة رقيقة عنى وعن قصتي،وشعرت أنني على نطاق محافظتي فعلت ما يرضيني ككاتبة فمع هذا التشجيع كان لابد من التوسع والانتشار.
بدأت أحضر إلى القاهرة لزيارة معرض الكتاب وندواته في إجازة نصف العام،وفى الصيف أدور على الجرائد والمجلات وندوات نقابة الصحفيين وصالون المساء الأدبي ونادي القصة ودار الأدباء ونادي أدب الريحاني،وكل من يدلني على ملتقى للأدباء أذهب إليه،ومن خلال ذلك صنعت معارف أدبية وتمكنت من النشر في أكثر من جريدة.
** ما أهم الكتابات والكتاب الذين كان لهم دور في تشكيل رؤيتك؟
** بالنسبة لي الكتاب نوعان، هناك من تأثرت بكتابتهم دون أن أعرفهم أو أراهم، من الجيل القديم نجيب محفوظ، خيري شلبي،محمد عبد الحليم عبد الله، ومن الحاليين جمال الغيطانى،محمد المنسي قنديل،محمد البساطى, إبراهيم أصلان،محمد المخزنجى، نعمات البحيرى.أما الكتاب الذين تعرفت بهم عن قرب وتتلمذت على يديهم، بل وأعادوا صياغة أسلوبي فهو أستاذي محمد جبريل الذي عرفته أولا عن طريق كتاباته وكنت حينئذ ما أزال في البلدة حيث قرأت كتبه في بيت ثقافة شبراخيت،وتمنيت لو أقابله،ولما انتقلت إلى القاهرة حضرت ندوته الأسبوعية. وفى مكتبه بجريدة الجمهورية تلقيت دروس في فن كتابة القصة والرواية،مما جعل أسلوبي في الكتابة في المجموعات اللاحقة أفضل من المجموعة الأولى بل إنه وجهني للعمل في الملحق العربي لجريدة أريف وإتصل بالدكتور / محمد رفعت رئيس تحريرها قبل أن أذهب إليه.
** quot;جملة اعتراضيةquot; مجموعتك الأولى، ماذا حملت من رؤياك ووعيك الأنثوي؟
** كتابتي عن أمور الأنثى بكل صورها، البنت، الزوجة،لأم، الأخت، شئ طبيعي لأنني امرأة قبل كل شيء،لكنني لا أفضل إطلاقا مصطلح الأدب النسائي، فأنا أكتب لأن الموضوع يلح علىّ،وأرى أن هناك رجال عبروا عن المرأة أفضل من تعبيرها عن نفسها مثل إحسان عبد القدوس في القصة والرواية،ونزار قباني في الشعر. أما أن تظل الكاتبة متمركزة حول مشاكل الأنثى فقط فذلك تقصير منها لابد من الخروج من هذا البالون الخانق، والمرأة والرجل على كل حال بشر مشاكلهم واحدة، وإن كان هناك جزء من الخصوصية لكل واحد منهما ومجموعة جملة اعتراضية عبرت عن المرأة مثل قصة quot;فراقquot; التي وصفت لحظة الطلاق، وقصة quot;الكنزquot; التي عبرت عن الزوج العجوز والشابة الخائنة، وquot;أول يوم في العام الدراسيquot; عبرت عن التفريق بين الطلاب الفقراء والأغنياء، أما المفاجأة أن quot;جملة اعتراضيةquot; هو عنوان إحدى قصص المجموعة،بطلها طفل يعمل والده سائق سيارة أجرة والولد تباع له، تدور أحداثها عن طرق تعذيبه له وإهانته أمام الركاب.
** كيف تنظرين إلى quot;جملة اعتراضيةquot; كبداية؟
** معظم القصص في المجموعة منشورة في أكثر من جريدة ومجلة مثل المساء،الرأي وحواء والثقافة الجديدة. وفيها قصتان حصلتا على جوائز،قصة quot;عيونquot; أخذت جائزة جريدة أخبار البحيرة ونشرت تحت عنوان quot;الحب والمطرquot;. وقصة quot;أول يوم في العام الدراسيquot; حصلت على جائزة دار الأدباء وهى كبداية أنا راضية عنها وأشعر بالرضا أكثر عن كتاباتي الجديدة.
** كتابات المرأة اليوم تتجه نحو الجنس والجسد وتفتش في تفاصيلها، كيف تنظرين للأمر؟
** ليست المرأة وحدها التي تتجه في كتاباتها نحو الجنس،فقد كتب الرجال فى هذا الأمر ومنهم من صرح ومنهم من كتب بحذر. لكنني أعتقد بعد رواية quot;عمارة يعقوبيانquot; حصل انفجار في الرواية المتجه نحو الجنس والجسد. والجنس أحد مكونات العقل والجنس البشرى ولا مانع من الكتابة الموظفة عنه،ليس الكتابة المدسوسة التي تهدف لإثارة الغرائز كما يجب تضمينها في إطار من اللغة الراقية ليس المتبذلة التي تخدش الحياء. فهناك كاتبات مثل نعمات البحيري،فتحية العسال،و د/عزه بدر يكتبن بروعة ولم يتهمن بالكتابة عن الجسد والجنس، وليس بالضرورة لأنني أنثى أن أكتب عن ذلك وبالنسبة ليّ أنا كتبت في مجموعتي الجديدة قصة quot;مساءات صاخبةquot; عن العلاقة الجسدية الشاذة بين رجل وزوجته، حيث جاء من الخارج يحمل تصرفات تختلف عن ثقافتها وكان رد فعل النقاد حين نشرت بمجلة القصة أنها لا تحمل لفظ واحد خادش للحياء. إن الكتابة عن الجنس لابد أن تكون موظفة ولها هدف،لا تقحم في العمل الأدبي بصورة عشوائية. ولماذا نخجل من الكتابة عن شيء هو جزء من التكوين البشرى، أتذكر أنني حين قرأت قصة quot;مساءات صاخبةquot; في إحدى الندوات كدت أموت من الخجل،رغم أن البعض علق على تصرفي أنني أبالغ والقصة ليس بها شيء. ثم كتبت قصة quot;بعض الرجال يحبون لعق الكلماتquot; تحكى عن مساومة الرجل للمرأة بالأعمال المشتركة بينهما، وكتبت عن الختان والعنوسة وحرمان الجسد.
** ما قيمة الجوائز في حياة الكاتب؟
** الجوائز في بعض الأحيان تعانى من عدم مصداقيتها،قد ترتبط ببعض المصالح والاعتبارات،والكاتب قد تهمه الجوائز لأنها تدعمه وتدفعه للأمام لكن عليه أن ينساها لو تجاهلته حتى لا يكسره ذلك ويؤثر فيه،فتصبح شغله الشاغل وتعطله عن التجويد والإبداع.
أتذكر أن جائزة جريدة أخبار البحيرة كانت شهادة تقدير وتميز جعلتني أستمر،ثم جائزة دار الأدباء في دورتين عام 2005، 2008. كانتا دعماً معنوياً لمسيرتي.
** ما أهم ما يميز الواقع الأدبي في مصر؟
** في رأى أنها الندوات بمختلف أنواعها وأماكنها فهي تواصل وتعارف بين الأدباء،فالنسبة لىّ من خلال إحدى الندوات دلني أحد الحاضرين على مجلة النهار للمواهب،وهى برغم كونها مجلة بسيطة إلا أنها كانت تنشر الأعمال مع الاسم والعنوان. وكنت أفاجأ بعد كل عدد من المجلة بكم من الخطابات تصلني من محافظات أخرى، بل ومن دولة الإمارات العربية، يثنون على ما أكتب.
** ماذا يحمل مشروعك القصصي في المستقبل؟
قد أزعم أنني كاتبة مهمومة بالناس ومشاكلهم،أبحث عن القيمة فالكتابة ليست للتسلية. وأتمنى أن أحقق المعادلة الصعبة، أكتب وحين يرفع إسمى عن العمل لا يعرف القارئ هل الكاتب رجل أم امرأة،أعبر عن الجميع بحيادية وموضوعية، فقد كتبت عن الإبن كيف يضع والده في دار المسنين،وعن ليلة الدخلة لطفلة، وعن العنوسة، وعن مريض القلب،والآن أجهز رواية جديدة بعد أن انتهيت من مجموعة قصص للأطفال.