ما من سبيل سواها، ورقة اليانصيب الرابحة فأذهب إلى العمل و أجمع في حزمة واحدة: دفاتر الحضور و الانصراف، قانون العاملين بالدولة، النشرات الدورية و غير الدورية، إعلانات النقابة لرحلات المصيف و إعانات الحج و الزواج، أحاديث النميمة و المزاح بكل ألفاظها البذيئة و خصوصا الضحكات و الغمزات... ثم تصفية لحسابات قديم أتقيأ عليها لتخرج الأحقاد صفراء بكل سوء. أما عن القصر.. القصر البعيد عن العمران فلن يكون سوى تجسيد لقدرك الأسود أيتها الفراشة اللحيمة المبسوطة الخلقة.. آه و العربة سأختارها تشبه عربات الإسعاف كم تمنيت لو كانت سوداء لكن أزمتك الروحية المنعكسة آثارها يوميا على خديك و شفتيك و شهريا على كل جسدك و ملابسك الداخلية ستفرض علي لونا أحمر لن يضاهيه في إثارته سوى الفخ الذي ستصنعه لك مع ذات الرصيف..
الرصيف الذي يهبك العناية كل صباح
الرصيف الذي يتنفس الصعداء لعودتك أخر اليوم
الرصيف الذي يحتفظ بأكداس و أكداس لآثار قدميك العريضتين و لم يفلح في معرفة لون عينيك
الرصيف الذي لا يمتلك فتيل دفء في جليد مشاعرك
الرصيف الذي يفاجئنا عقب كل حادثة برغبته في اتساع حدوده ليواري سوءة الموت
الرصيف الذي كنت تضحكين كلما شدا بأغنية أبكت لفرط سذاجتها طوب الأرض:
واقف بامتداد الظل
يداي فارغتان
و قلبي أفسدته الكآبة
..........
لن اسأل الله
نصيبا من كعكة الحياة الدنيا
و لا ملكا
طاردا للحزن و الحسرات
فقط أن يرفع عني عزلة
لا تليق سوى بإله
........
لأنك بلا قلب
سأترك هذا العالم ورائي
كحائط لا نفع منه
مستقبلا رصاصة الكمد
دون عصابة على عيني
و إمعانا في عقابك
لن أوقع بالأحرف الأولى
على جدارية
أحدثتها طرطشة الدم.
.........
الرصيف هل كان يعلم أن عدالة السماء تعتق بجوف القبو وحشة تنمو على ضفتي نهر من الحنين إلى آلاف الأشياء العادية، يحفر مجراه في طبقة البلادة الكاسية مشاعرك. نهر يبدأ و لا ينتهي ليهبك الكوابيس النبيلة التي ستخلي لها خرابات ِ ليلك عروضُ أحلام ساقطة كنت بطلتها أمام برابرة يعيشون على الموز و الحضارات النافقة! برابرة حتى فساد مقارنتهم بخادمك المنقطع لرعايتك بقناعه الأسود و عباءة الكونت دراكولا ، الباذل أفضل ما لديه ليمتص كل الرحيق السام لحياتك الخبيثة ثم تصفية لحسابات قديمة سألقي بجثتك على الرصيف... ما كان ليقدر ذلك مكتفيا كرومانسي فاشل بالانكفاء على أحزانه و التنظير لقسوة عالم لم يبق منه سوى شوارع موحشة تقطعها نفس منتشية بساديتها و عربة لا تتردد في تغيير لونها وفاء لصداقة تلهبها سياط الرغبة في المزيد و المزيد من فراشات تحمل كل قبح العالم و جماله!
[email protected]
الإسكندرية