تعريب عبد الله كرمون: اقتنت الخزانة الوطنية الفرنسية في الأسبوع الماضي بعض مسودات كازانوفا. ويعتبر كتاب quot;قصة حياتيquot; الذي كتبه بالفرنسية مغامر مدينة البندقية دجياكومو كازانوفا (1725_1798) أحد أهم نصوص أدب القرن الثامن عشر. كما أن مذكراته تعد أيضا نصا خارقا امتدحه العديد من الكتاب. قال عنها الناقد فرنسيس لاكاسان بأنها quot;تحتل في عهد لويس الخامس عشر نفس المكانة الهامة التي احتلتها مذكرات سان سيمون في عهد لويس الرابع عشرquot;. إن قصة نشر هذه المذكرات مثيرة، مثلها مثل حياة صاحبها الفاجر السادر. إذ لم تخرج إلى القراء إلا في سنة 1960 بفضل طبعة بروكوس/بلون، التي حصلت عليها الخزانة الوطنية اليوم.
وأكد رئيس الخزانة الوطنية بباريس بأن quot;النسخة الأصلية لم تكن مجهولة، غير أنه لم يطلع عليها حتى الآن سوى حفنة قليلة من الباحثين. إذ يتعلق الأمر بشأنها بقطع نادرة جداquot;.
يعود أمر هذه الصفقة إلى خريف سنة 2007، عندما اتصل بسفير فرنسا في برلين ورثةُ عائلة بروكوس، أول من نشروا المذكرات، بعدما اشتروها من حفيد أخ كازانوفا وذلك سنة 1821، واحتفظوا بها منذ ذلك الوقت.
يتضمن مجموع تلك الوثائق ثلاث عشرة علبة من الكرتون مرقمة بالأرقام الرومانية والحروف المذهبة. وقد نجت من الإتلاف بأعجوبة إبان إطلاق القذائف على مدينة دريزد يوم 13 فبراير/شباط 1945. وذلك لأنها كانت موصدة داخل صندوق فولاذي محكم في قبو دار بروكوس التي دمرت عن آخرها، مثلما دمرت المدينة كلها. وتم، فيما بعد، نقل تلك الوثائق، التي سلمت من الضياع، إلى سويسرا.
حسم المكلف بتلك العملية بباريس، بعد عامين ونصف من بدء المفاوضات بشأن اقتناء هذا الجزء من أرشيف كازانزفا، بضرورة الحصول على ذلك الكنز الاستثنائي. فتدخل مناصر كريم للآداب والفنون لم يكشف عن هويته، ووفر مبلغ سبعة ملايين يورو الذي حدد كسعر لتلك المقتنيات.
بغض النظر عن الثلاثة آلاف وسبعمائة صفحة مسودة وغير مجلدة، فإن مجموع تلك الوثائق يحتوي على مسودات أخرى نادرة مثل نص حول لعبة الحظ، وهو نص قد رفعه كازانوفا إلى إمبراطور النمسا كي يحثه على منع الفساد المالي. إضافة إلى غيرها من الكراسات والمراسلات.
وصرح برينو راسين أن المهتمين بكازانوفا سوف يجدون ضآلتهم في الأمر، إذ من المنتظر إنجاز طبعة من المذكرات تحتوي على مدخل نقدي واف وعلى الحواشي اللازمة. ذلك أن المذكرات جد غنية وتحتوي على تفاصيل جديدة. كما أن أسلوب وأفكار الرجل سلسة وممتعة. غير ذلك، فالمسودة تتضمن، في مواضع كثيرة على تشطيبات، تظهر تحتها أسماء أعلام...
وتأمل الخزانة الوطنية الفرنسية أن تتمكن في أواخر سنة 2011 القادمة من إقامة معرض يضع هذا العمل الأدبي في سياقه. كما تعتزم حفظ هذه الوثائق على الكومبيوتر في أسرع وقت ممكن.
(عن الملحق الثقافي لجريدة لوموند).
[email protected]