علي النجار:ليس من الهين علينا وكفنانين تشكيليين عراقيين وعرب الدخول في منافسة الآخر(الأوروبي) المؤسس لذائقة مفصلة على مقاس ارث متحرك ولا يزال ينأى عن الثبات، ونترك كل عاداتنا ومقولاتنا عن الإرث الأثري الذي نفصله على مقاسات باتت عاجزة حتى عن مراجعة مخلفاته بما يناسب ولو جزئيا منطقة الحراك الثقافي المعاصر. ومادام هذا الإرث مقدسا وخاضعا ليمين أفكارنا أو أفكار أناسنا. فمعظمنا خريجو مؤسسات تشكيل الداخل التي نأت بنفسها ومنذ تأسيسها عن متابعة مستجدات التشكيل العالمي ولو كثقافة مرادفة للمنهج التعليمي التلقيني. وزادت نسبة الخراب في العراق نأيا على امتداد سنوات الحصار وما بعد الحصار. ففي الوقت الذي ازداد فيه عدد الأساتذة الدكاترة في كلياتنا الفنية عانت هذه الكليات والمعاهد من خبرة التعليم الفني المهنية ومن ضمنها التقنيات المستحدثة التي تمهد لفنان المستقبل مجاله الطبيعي ضمن منظومة طرق الإبداع التشكيلية المتشعبة. لقد شكلت شهادة التحصيل الدراسي ومعظمها نظرية الهاجس الأرأس للعديد من تشكيليينا، في الوقت الذي يوسع التشكيلي الأوروبي من دائرة معارفه التقنية من اجل توسيع دائرة اكتشافاته الخاصة وليست المنضدة في دفاتر الأطروحات التي تستعير معارفها من الآخرين.
وجودنا هنا الذي هو عن قصد أو بسبب نكبات السياسة التي دفعتنا للهجرة أو الفرار على أمل العودة يوما ما بعد ان تنتفي الأسباب، ولم نكن نعلم بان للهجرات أنظمتها العلنية والسرية التي تكبلنا وأجيالنا الجديدة بعاداتها. هذا الوجود ارتهن بإمكانيتنا للتأقلم ثقافيا وحاضن يوهمك لأول مرة بأنه مفتوح على كل الثقافات. وان يكن الأمر كذلك أحيانا نادرة، لكنه عموما يعاينك ضمن مفهوم التقاطع الثقافي لا التجاور ويبحث عن ألغازك التشكيلية ضمن هذا الحيز وعليك ان تقدمها إليه ضمن سوق الأنتيك الاوقيانوسي. لذلك أرجو الانتباه إلى هذا الأمر ليس من ناحية استساغته وتقديم ما يؤمل منا ضمن مساحة أدائه الاستعراضية وليست الفكرية. في زمن فعل مفهوم (الفكرة) نصوصا وصورا وأفلاما وبناءات تلسيقية وتجميعية. وما اصطلحنا على تسميته بالبعد الواحد وتكريسنا للحرف العربي بتنويعات باتت جاهزة لكثرة ما استهلكت، اعتقد ينظر إليه الآخر كما الإرث الخطي الياباني أو الصيني رغم عراقة صنعتهما. وان اكتفينا بالتزويق وتركنا كل مساحة أداء الأساليب المعاصرة التي ابتكرها زمننا الراهن، فسوف نكون ماضويين بامتياز وسوف نظل نشغل حيزا هامشيا اعتقد أننا لا نستسيغه.
نحن هنا كأجيال متشعبة سبلها، لست أقصد أجيال الهجرة، بل الجيل العمري. جيلنا الستيني بعد ان ودع زمنه الشبابي لا يزال يحن إلى سطوة منجز ذلك الزمن بعد كل الحراك الزمني ومزالق التعلق الجنيني بحياة ثقافية كانت فاعلة وقتها ولم تنتبه لمزالق دروبها إلا مؤخرا. ومن هذه المزالق الثبات الاستيتيكي الاسلوبي. ما يدلنا على ذلك تصفحنا لسيرة منجز الفنان. وان كانت من حسنة لهذا الجيل فهي تكمن في محاولاتهم البطولية للتنويع على منتج هذا المنجز لكن ليس بعيدا عن خطوطه الأسلوبية أو الثقافية أو المكانية رغم كل الحراك لهذه الخطوط العامة على مدار هذه الأعوام المتتابعة، من تغيير الذائقة
إلى تشعب الوسائل والوسائط. وهيام الفنان بتقنية سطح اللوحة أو المنحوتة لا يضاهيه غرام، ربما خشية فقد جهد كرسوا حياتهم له. وان كان الأمر مبررا من قبل الفنان حفاظا على سمعة كسبها بكد مستمر، سمعة غلبت هاجس المغامرة وهو الهاجس الأعظم لنوايا اكتشافات الفنان لمجهول هو احد رواده. ولا تزال هذه السمة غالبة حتى لمن هاجر منهم، وان كان ثمة من فروقات قد حدثت لنتاج بعضهم، فهي لا تتعدى تأثير الموشور اللوني البيئي الجديد، على قلتهم.
رغم تنوع نتاج الجيل الستيني إلا ان السبعينيين ونتيجة لتأثير تنظير الأصالة التي فجأة وجدت مجالها الضائع لتنافس الحداثة أطروحاتها الزمنية. ورغم اكتظاظ نتاج أفضل منظّر لها(المرحوم شاكر حسن آل سعيد) بمؤثرات النتاج التشكيلي الحداثي الغربي. إلا ان غالبيتهم لم يستوعبوا مغامرة آل سعيد التشكيلية وأغرتهم تفاصيل منوعة الحرف والأثر الفولكلوري وليس الأثري تفكيكا لمنظومته الإدراكية و الاستيتيكية المتكاملة درسا حضاريا يملك خصائصه الخاصة المرتبطة بوشائج متماسكة والمنظومة الثقافية العامة لتلك العصور. ففي الوقت الذي اكتظ النتاج الستيني بتنوع أسلوبي رغم ان كل ما أنتج لا يملك صفة البحث الفني بمستويات متقدمة. إلا ان هذه المساحة باتت متقلصة إلا من بعض التجارب النادرة الموصولة بمصادر دراسة الفنان في أوروبا أو أميركا. ولا يمكن ان يكون الأمر غير ذلك لنأي المنتج التشكيلي العراقي يوما بعد يوم عن مساحة الحراك التشكيلي المعاصر أو حتى الاحتكاك بمنتجه من قريب أو بعيد، لقد تشكلت قناعات الفنانين بعيدا عن كل ذلك في منطقة حياد لا هي تواصل ما انقطع ولا هي تتطلع لجديد المستقبل، واتسعت رقعة المنتج المحلي المثقل بمحلية رموزه وليست إشاراته المعرفية. وبات اللون زخرفا نادرا ما يلج منطقة التعبير عن بيئة أخذت تتآكل مقوماتها.
لم يكن بالإمكان تشكل جيل تشكيلي عراقي جديد في زمن مصادرة الجسد للحروب العبثية في الزمن الثمانيني وبات هذا الجيل موصولا بسابقه لكنه معاق ومعطل وليس بالإمكان حدوث معجزة وان حدثت فهو أمر استثنائي، من هنا جاءت شكوى هذا الجيل من معوقات منجزه، في الوقت الذي لا يمكننا فيه فرزه بشكل واضح عما سبقه واعتقد انه وبعد السبعينات لا يمكننا إلا ان نبت فيه بان مصطلح الأجيال العشرية بات غير ملائم. وعلينا انتظار بزوغ أجيال جديدة تحمل ميزة جدتها، وهو أمر قابل للتكهن. بالتأكيد هناك استثناءات في كل ذلك. لكن كيف لهذه الاستثناءات ان تواصل مشوارها الاستثنائي وتوصله لمدياته المتقدمة من دون توفر شروط تطور منجزها بمحاذاة المنجز العالمي المعاصر وهي قاصرة عن امتلاك أدواته. لذلك نجد الكثير من مهارة الصنعة كمتنفس لهذه الاستثنائية المكبوحة. والصنعة تصنع أعمالا جميلة، لكنها ولوحدها لا تصنع فنا. وما بين الفن والصنعة لوحدها بون شاسع لا يكتفي التزويق لردم هوته.
معضلة تقصي منجز التشكيليين العراقيين تشكل مشكلة مضاعفة بعد ان توزع الفنانون على منطقتين متلاحمتين، ومنفصلتين في الوقت نفسه، منطقة الداخل ومناطق الخارج. هما متلاحمتان لتشابه المنجز في شقه الأول، ومنفصلتان لمغايرة المنجز في شقه الثاني. وبهذا فمن الممكن ان نشخص جيلين تشكيليين. الأول جيل مغترب تقليدي لا تزال تربطه بنتاج الداخل وشائج قوية. وجيل مغترب مختلف ليس له أية علاقة بتشكيل الداخل. رغم خضوعهما لشروط الغربة الجغرافية إلا ان احدهما فضل التماهي كأسلافه الآخرين ومنجزه العراقي لما قبل الهجرة. والثاني فضل الانسياق وراء هاجس الاستحواذ على معارف تقنية جديدة في محاولة منه لولوج عتبة اغترابه للضفة الأخرى الحاضنة. وآخر ولد أصلا في بلاد الهجرة ولا يهمه مونولوج التشكيل الداخل أو الخارج إلا من باب الفضول والبحث عن جذور تنأى باستمرار. ويبقى سؤال النقد قاصرا ان لم نتمكن من الإحاطة بهذه الفئات التشكيلية الثلاث. وما يزيد المهمة صعوبة ان جل الجهد النقدي التشكيلي يبقى في حدود الاجتهادات الشخصية. في الوقت الذي يجب ان يتوفر على مؤسسة متمكنة وقادرة على التواصل المعرفي وخيرة هذا نتاج هذا المنجز. لذلك بات على التشكيلي المغترب مهمة التعريف بنتاجه في وسطه الحاضن وتواصلا مع الداخل.
ليس من السهولة ان تصل بعملك التشكيلي إلى مراكز القرار التشكيلي الثقافي ومراكز العروض العالمية. لكن ثمة قضايا سياسية خدمت بعض التشكيليين العراقيين المغتربين. القضية العراقية(الحرب والاغتراب والاندماج) فنانون من الرعيل التشكيلي العراقي الثالث اشتغلوا بأدوات العصر التشكيلية( الفوتوغراف،التنصيب، الجسد، الفيديو ارت، والنص المفهومي والجسد) بعد ان تدربوا على وسائطه ووسائله التقنية. ومن هؤلاء الفنانين المغتربين: محمد عبد الله، عادل عابدين، وفاء بلال، جنان العاني، الفاضل. وأسماء أخرى توزعت خارطة أوروبا وأميركا ووجدت طريقها للعروض التشكيلية العالمية. وان أشرت إلى جهد هؤلاء وهو جهد في معظمه مستحدث، فليس في الأمر إنقاص لجهد التشكيليين الآخرين من أجيال أخرى اشتغلوا على القضايا نفسها بوسائل تعبيرية تقليدية، بقدر من وصول هذا الجهد لعروض عالمية تأكيدا لحضور عراقي نحن بأحوج ما نكون إليه. إذ لم تعد اللوحة الملونة ولا المنحوتة والمألوفة طرحهما بقابلة على نقل صورة الحدث العراقي(بما ان التشكيل المعاصر معظمه صور وقضايا شخصية وجمعية وبيئة وحدث). ولنقر هنا بان ليس للصدفة من حظ هنا مثلما للكدح المعرفي التواصلي والاشتغال على دقائق خطوطه التقنية و التسويقية فليس بالأحلام وحدها نستطيع كسر الحواجز.مع العلم ان للحلم أيضا نصيبه من العملية الإبداعية لكنه يبقى جزأ من شروط تحققها الأخرى، لا تسويقها. ويبقى من كل ذلك مدى قابلية الفكرة على التحقق فنيا. وان أعوزنا تسويق عملنا الفني بشكل شخصي فعلينا ان نجد أو نؤسس مؤسسات راعية وحاضنة توفر لنا ولو فرص التسويق للآخر مجالا تواصليا، ولنا مثل في تجربة شبكة الفنانين المهاجرين في أوروبا(الأيومان).
وقبل الانتقال إلى مشروع هذه الشبكة لنعاين بعضا من تجارب هذا الرعيل الثالث أو من انتسب إليه:.
محمد عبد الله: ولد في بغداد - العراق عام 1965، يقيم في هولندا ودرس الفن فيها وفي عدة دول أوروبية ولعدة تخصصات ولا يزال مولعا في البحث الدراسي. اشتغل على الجسد والنص الافتراضي والفوتوغراف والنحت التنصيبي. تناول عمله السيرة الشخصية ووجهة نظره في الاندماج والثقافة البينية وسيرة الحدث العراقي والإنساني بمفاهيمية لا تخلو من حس شعري رغم جسامة الحدث. وعرض أعماله ونصوصه في أكثر من مكان عرض من العالم. اعتقد ان سيرة هذا الفنان لا تبتعد عن الفعل الوجودي المسترجع بإدراكات لمحركات العمل التشكيلي في منطقته المعاصرة. وما يدلنا على ذلك هاجس اكتشاف الذات الفاعلة التي تسكنه ومنذ بداية اكتشافاته التشكيلية(منحوتاته) الأولى.
عادل عابدين: مواليد عام 1973، العراق. يقيم ويعمل في هلسنكي، فنلندا. عابدين مولع بالتنصيب وبالفيديو ارت وإمكانيته لتوصيل أفكاره عن البلد الكارثة الذي تركه منذ عام (2000) ولنعاين عناوين بعض أعماله: تجهيزات رحلات بغداد( عن وكالة سفر بتصوير لإعلانات مكتب سفر وصور مزدوجة لانفجارات بغداد وصور سياحية من أميركا). أو عمل الفيديو موقع بناء: ليد طفلة تحرك الحصى في موقع انفجار حديث في بغداد بملعقة بلاستيكية، والتي نصب الحصى أمام العرض للجلوس عليه والمشاهدة بهاجس استعارة الإحساس بالحدث. وأخيرا عمله التهكمي الذي ينظف به مساحة الثلوج الشتوية الطبيعية بماكينة الكنس الكهربائية(وهو الذي يقطن بلد الثلج فنلندا). وليخلق تصوراته بسخرية مريرة أو خفيفة تفكيكا لأضداد الفعل الإنساني أو الطبيعة غير السوي. لقد أهلته أعماله بمزاجيتها العامة لان يمثل فنلندا في أكثر من عرض عالمي.
وفاء بلال: من مواليد 1966.اكتشف قدراته الفنية وطورها بعد لجوئه إلى الولايات المتحدة في عام(1992) قادما من معسكر اللجوء في الجزيرة العربية. والآن هو مدرس في كلية فنون نيويورك. ما يهمنا من وفاء هو مقدرة وسائطه التشكيلية على إيصال الحدث إلى اكبر دائرة ضوء عالمية. وهذا ما فعلته أعماله التي اشتغلها تحت ضغط قسوة الحدث الذي مسه وعائلته وبإحالات على مسبباته السياسية. وعمله التنصيبي(أطلق النار علي أنا عراقي) أو بعد إعادة تسميته(توتر داخلي) والذي نفذه بتقنية الانترنت للتصويب عن بعد بإطلاق الكرات عليه وهو المحتجز في حيز صغير جهزه لحجزه أربعين يوما. أو عمله الثاني اللعبة الفيديوية (ليلة القبض على بوش) الذي اشتغله بإيحاءات من ردة فعل على مقتل أخيه بيد القوات الأميركية في العراق. هذان العملان بالذات أكسبتاه شهرة عالمية وشاهدها أناس من(136) بلدا. اضافة إلى مشاريع فيديوية لعب فيها على تحريك شخصيات اللوحات الفنية العالمية وصور فوتوغرافية مفاهيمية وتنصيبات مختلفة. لقد استعمل هذا الفنان الأدوات نفسها التي استعملها عابدين مع توسيعها و باختلافات تقنية. لكن يبدو ان الاختلاف في ما بينهما يكمن أيضا في المزاج الفني الشخصي و الجغرافي الحاضن وطرق التسويق للفكرة. وان كان كل من محمد عبدالله وعابدين أكملا جاهزيتهما الفنية في العراق وطورا قابليتهما الأدائية وتعداها لمناطق جديدة في الخارج. فان وفاء لم يستطع دراسة الفن في العراق لكنه استطاعه في الولايات المتحدة. أي انه بنى منجزه الفعلي في الخارج. وهو بهذا يصلح لان يكون نموذجا للجيل التشكيل المغترب الجديد.
أخيرا لابد من التعريف بشبكة الفنانين التشكيليين المهاجرين في أوروبا(الأيو مان). التي أسسها الفنان عبد الأمير الخطيب مع أربعة فنانين من هولندا و الدانمرك وفنلندا وهم كل من الفنانين حامد الصراف،صباح الحكيم، والروماني زتروم والصينية التي تقيم في فنلندا هونك بتاريخ (10.1.1997). واستطاعت هذه الشبكة بعد خمسة أشهر من إصدار العدد الأول من دوريتها(الأكوان الملونة(1) وتقيم المعرض الأول مدينة(توركو) الفنلندية. وبلغ مجمل معارض هذه الشبكة لحد الآن(24) معرضا بضمنها عدة معارض نوعية. كما أصدرت(50) دورية، وفي عام(2007) تحولت طباعتها من الأسود والأبيض إلى الملون. ووصل عدد أعضائها من الفنانين إلى(214) عضوا توزعوا دولا أوروبية عديدة(فنلندا الدنمرك انكلترا فرنسا النمسا السويد وهولندا و ألمانيا روسيا والنروج وجمهورية التشيك وبلجيكا والنمسا) وحسنة الأيو مان أنها تحتضن الفنان المهاجر من جميع الدول الأوروبية والعربية والآسيوية واللاتينية في محاولة منها وكمؤسسة تشكيلية ثقافية تضامنية كسر الحواجز ما بين الثقافات معتمدة خطاب الآخر المهاجر كخطاب مجاور لا متقاطع تأكيدا لعولمة الثقافة وكسرا للخطاب الواحد. ولم يكن الأمر تمنيا بل من خلال طرح مفاهيم وثيم ومواضيع تؤكد خطابها الاندماجي ليس تابعا بل موازٍ يحمل سماته الخاصة. لقد حققت سياستها الثقافية اغلب أهدافها وفي ظروف لم تكن مثالية وكما نعلم كلنا ولا تزال تكافح من اجل إدامة عملها. وثقافة (ألما بين) أو (الثقافة الثالثة) هي إحدى أطروحاتها التي عالجتها في معارض نوعية ونصوص منشورة على صفحات مجلتها الأكوان الملونة. وفي منشورات وصحف ومواقع الكترونية وفي نقاشات وحوارات. وختاما رغم شحة الدعم، وحتى في حدوده الدنيا، استطاعت هذه الشبكة مواصلة مشوارها بل وطورت تقنيتها الثقافية التواصلية وبنت جسورا بينها وبين المحيط المجتمعي وبعض من دور العرض في مدن أوروبية عديدة. وان كانت شبكة العلاقات مطلوبة في هكذا مشاريع تشكيلية. فان ما يعيق هذه العلاقات في كثير من الأحيان هو النظرة الأحادية لمنجز الأجنبي التي تضعه تحت المجهر مشروعا قابلا للمعاينة المغايرة والأقل كفاءة. ووسط كل هذه الهواجس ومعوقاتها الفعلية استطاعت (الأيو مان) ان تجد لها فسحة ما وسط كل الزحمة الثقافية التشكيلية. وان هي حافظت على حيزها هذا فبظل تفاني ونكران ذات كادرها التشكيلي الثقافي والتقني. والشعور بتحقيق كيان تشكيلي ثقافي ربما يتوسع ويزداد خبرة من خلال احتكاكه بالآخر. وهذا الأمر اعتقده هاجسنا المشترك نحن قاطني حافات المدارات.
*.. عن محاضرة نظمتها واستضافتها جمعية التشكيليين العراقيين في لندن في قاعة كنيسة (ريفرزكورت) في همرسميث في يوم السبت السادس من شباط. وقدم المحاضر(علي النجار) الفنان عبد الأمير الخطيب.