عبد الجبار العتابي من بغداد: رصدت وزارة الثقافة العراقية مبلغ مليار و450 مليون دينار عراقي لترميم بناية المسرح الوطني ببغداد، ومن الممكن ان اكرر الرقم اكثر من مرة وأضع امامه كلمة (ترميم)، وهو المفارقة التي صدمت الكثير من الفنانين الذين وجدوا ان الرقم يمثل نوعا من المبالغة، وحسب الدائرة الهندسية ان مدة الترميم هي ستة اشهر ابتداء من 22/10/ 2009 ولغاية 22/5/2010، ولكن العمل توقف لاسباب غير معروفة والى اشعار اخر!، والمتابع لهذه الاعمال من الممكن ان يرى ان ما تم الى حد الان هو تنظيف السرداب وصبغ عدد من جدران بناية المسرح الداخلية،على الرغم من انها قبل اشهر قد صبغت، وجلي المرمر الخارجي للبناية ورفع كراسي قاعة المسرح الفرنسية الصنع من اجل استبدالها بكراس جديدة اكثر متانة، وما زال الفنانون كل يوم يوم وطوال الاشهر الماضية يسمعون ويشاهدون عددا من العمال يعملون في المرافق الصحية ويقال في تسليك المجاري، وهو زمن كبير بالطبع!!، ولكي لا نكون طرفا في الموضوع فقد اثارنا استغراب الفنانين للمبلغ المرصود من اجل الترميم في وقت يشكون فيه من البطالة وقلة الاعمال والعديد من المشاكل الصحية والاجتماعية، ومن المدة التي طالت وعدم وضوح الرؤية لنهاية الترميم.
المبلغ المرصود.. كما يشير الفنانون انه كبير، وسط ما يعانونه من العوز وقلة الاعمال والبطالة والمرض، خاصة مع عدم وجود مهرجانات كبيرة، ويرون ان من المهم ترميم احوال الفنانين الان بدل ترميم بناية مسرح لا يحتاج الى الكثير من الترميم.
ومن اجل معرفة اراء الفنانين حول ذلك افترضنا سؤالا فنطازيا هو: ماذا لو ان الحكومة او وزارة الثقافة سلمتك هذا المبلغ لتنفقه لمصلحة الفن والفنانين، فكانت هذه الاجابات التي في نهايتها هناك وقفة مع مدير الدائرة الهندسية لاعمال الترميم.
الكاتب فاروق محمد حين طرحت عليه السؤال وهو يحمل رقم المبلغ قال: الرقم مخيف بالنسبة لي، ولا اعرف ماذا افعل به، فليس لدي تصور ماهو المليار، لذلك ارفض استلام المبلغ!!.
اما الفنان يحيى ابراهيم فقال: لو انهم اعطوني هذا المبلغ، اما ان اؤسس شركة انتاج تلفزيونية ومسرحية وسينمائية ضخمة جدا واختار من كلية ومعهد الفنون الجميلة طلابا متفوقين وارسلهم الى امريكا لدراسة السينما، واعمل لهؤلاء عقود احتكار لمدة خمسة وعشرين سنة، من اجل اعادة حركة الانتاج السينمائي العراقي، او ان ابني مجمعا سكنيا خاصا للفنانين الذين لايملكون سكنا واحاول ان يكون قريبا من ارض واسعة لتكون ملعبا رياضيا او ربما استديو او اقيم عليها مسرحا.
وقالت الفنانة سوسن شكري: انا استغرب ان يتم ترميم المسرح الوطني ولا يرصد اي مبلغ لبناية مسرح الرشيد الذي ما زال مهدما وضائعا، كان من الممكن رصد المبلغ للرشيد واعماره والاكتفاء بجعل المسرح الوطني واجهة جميلة للعروض الكبيرة.
واضافت: بهذا المبلغ اعيد بناء واعمار مسرح الرشيد الذي هو مقر دائرة السينما والمسرح لنرجع ان نداوم فيها، لنحفظ ماء وجه الفنان من هذه الوضعية التعبانة في المسرح الوطني الذي حضورنا فيه مؤذ لنا، واذا ما تبقى بعض المال من هذا المبلغ سأدخره لانتاج اعمال مسرحية جيدة.
فيما قال الصحفي كاظم لازم: احول المبلغ الى رصيد شخصي للفنانين كي يضمن الفنان بعد ان يشيخ انه مطمئن على شيخوخته، او ان ابني مجمعا سكنيا لفناني العراق الذين نحن نعرف ان البعض منهم ذهب الى العالم الاخر وهو يعيش في محنة الايجار، كما سأرصد جزء من المبلغ لانتاج اعمال مسرحية ما زالت نصوصها حبيسة الادراج والغرف نصف المضيئة في دائرة السينما والمسرح.
وأجاب الفنان طارق شاكر: افاتح الجهات الرسمية الصحية اولا من اجل التأمين الصحي للفنانين ومعالجة المرضى منهم وهم كثيرون للاسف، كما استثمر جزء من المبلغ بانشاء مجمع سكني بسيط للفنانين وتقديم الدور لهم عن طريق اقساط مريحة، ومن ثم استثمر المبالغ هذه في في مرافق اخرى تدرّ اموالا اصرفها بطريقة يرضى الله بها عليّ ورسوله والمؤمنون.
وقالت الفنانة ساهرة عويد: دعهم يرمموننا نحن الفنانين قبل ان يرمموا هذا المسرح!!، اذهب الى كل فنان مريض ومحتاج واحاول ان اشتري للذين بلا سكن بيوتا صغيرة (مشتملات) يستقرون بها هم وعوائلهم، وعندما يستقرون سوف يبدعون اكثر، اول اجراء مهم هو العلاج والسكن، ولدينا الكثيرون من هؤلاء المرضى والفقراء، كما اعمل بجزء من المال هذا ورشة عمل للفنانين الشباب الذين ما زال البعض يحاربهم وندخل معهم نحن من فناني الجيل السابق ونقدم اعمالا تقدم الحركة الفنية وتطورها.
اما الفنان عدنان شلاش فقال: لو اعطوني هذا المبلغ لسرقته وهربت به خارج العراق حالي حال الذين سبقوني!!
وقال المخرج المسرحي عبد علي كعيد: احوّل المبلغ الى مشروع استثماري للانتاج الفني، ومن ارباحه اعالج المرضى وأدفع اجور سكن المستأجرين واصرف مخصصات مضافة الى رواتبهم، وانصح بعدم بناء مسرح لانه سيكون ثابتا وتتجمد الفلوس فيه، الاهم الان تشغيل الفنانين الذين يشكون من البطالة.
فيما قال الفنان اياد الطائي: ابني مساكن للفنانين في مجمع اسميه (حي الفن) واخلصهم من ازمة السكن والوقوع تحت رحمة المؤجرين، كما اعمل شركة انتاج للاعمال الدرامية واجعلها في شغل دائم، وهي افضل من هذه الميزانيات التعبانة التي ترصد لاعمالنا الدرامية، واعتقد ان المبلغ المرصود لترميم المسرح الوطني كان من الممكن بناء مسرح جديد به، نحن الان لا نحتاج الى ترميم المسرح بل تحسين واقع الفنان.
وقال مدير الانتاج حسن جواد: اما ان اؤسس بهذا المبلغ شركة لانتاج الاعمال الدرامية تعمل على اساس النص الجيد، لتحتوي كل الفنانين، وهذا سيكون له مردود مالي من اجل ديمومة الاعمال التي ستؤدي الى تشغيل الفنانين وبحصولهم على مردودات مالية جيدة، كما يمكن بجزء من هذا المال تأهيل عدد من مسارح بغداد وانتاج مسرحيات بشكل مستمر تليق بالواقع العراقي، او من الممكن ان نستثمر المبلغ لشراء دور للفنانين تحت عنوان (صندوق رعاية الفنانين) فأما ان تؤجر للفنانين باجور زهيدة او تباع لهم بالاقساط المريحة، وبالتأكيد ان الاموال العائدة تستثمر لاعمال فنية.
وقال الفنان سعد عزيز عبد الصاحب: لو كان هذا المبلغ عندي لاعدت اعمار ثلاثة مسارح فيه هي الوطني والرشيد والمنصور والعمل على انتاج المسرحية الشعبية والاحتفالية واشغل كل اعضاء الفرقة القومية للتمثيل الذين عددهم الان اكثر من الف عضو ما بين فنان وفني ومدراء مسارح، اضف الى ذلك تأهيل البلاتوه القديم في بناية دائرة السينما والمسرح، كما يمكن انتاج اعمال درامية طويلة مختلفة من التاريخي الى الشعبي.
واضاف: انا لا اعرف اية فكرة كانت حول الترميم بهذا المبلغ الضخم، فاللون غير طبيعي، الازرق والسمائي لا علاقة لهما بجو المسرح، بقدر ما تكون على البلاجات والوان مظلات كشفية، ثم من قال اننا نحتاج الى هذا المسرح، كان عليهم ان يعملوا لنا مسارح بديلة صغيرة 200-300 كرسي.
ولا بد لي ان اذكر انني في البدء التقيت المهندس عبد القادر احمد مدير الدائرة الهندسية في المسرح الوطني الذي قدم استقالته من منصب المدير قبل ايام، ولم يوضح اسباب الاستقالة، وهو الذي اكد لي على المبلغ المرصود، لكنه تحدث قائلا: كان الوقت المحدد لانتهاء الاعمار والترميم هو الشهر الخامس لكنه توقف لوجود نواقص في بعض الاعمال ضمن ورقة العمل الاصلية التي تسمى (التندر) مثل تبديل خشبة المسرح وشراء كراسي جديدة، حيث كان المقترح في البدء كان المقترح ان تتم (دوشمة) الكراسي ولكن الان صار ان يتم شراء كراس جديدة من منشأ الماني.
واضاف: ضمن ورقة العمل هناك تبديل مجاري المسرح وتغيير مسارها ومعالجة النضوحات وتبديل الانابيب في الحمامات كلها، وهذه تتطلب رفع (الكاشي الفرفوري)، بالاضافة الى جلي المرمر الخارجي والداخلي وتأهيل الاقواس في مدخل المسرح وتأهيل جهاز التبريد وتبديل اربع ضواغط، وتأهيل كراج السيارات الامامي وتغليفه بالكاشي المقرنص الملون.
واشار الى ان: ورقة العمل التي اعدتها الدائرة الهندسية التابعة للوزارة غير متكاملة بعد الكشف الموقعي، ولكننا رأينا الذي يفيد المسرح بعد ان وجدنا ان اعضاء لجنتة الوزارة ليست لديهم خبرة بالمسرح.
التعليقات