كان من قصي صالح الدرويش: تتفاوت آراء النقاد والسينمائيين حول الفيلم الجزائري quot;خارجون عن القانونquot; للمخرج رشيد بو شارب، فالفيلم جيد من حيث القضية، أما الموضوع السياسي فهو يندرج في اطار السينما الوطنية التي تحدثت عن الاستعمار، والنضال الوطني من أجل التحرر الوطني والاستقلال.
لكن من الناحية الفنية فهو متوسط، دون مستوى أفلام رشيد بوشارب السابقة، من quot; العصا الأحمرquot;عام 1985 الى quot;شاب quot;العام 1991 quot;واشارة صغيرة quot;العام 2001 و quot;بلديون quot;العام 2005 الذي فاز به بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان. وفيلم quot;نهر لندنquot; الذي فاز به بجائزة الدب الفضي لمهرجان برلين العام 2009.
فرشيد بو شارب مخرج موهوب لكن فيلمه الجديد كان قويًا في ربع ساعته الأولى، حيث انطلقت الحكاية بسهولة لكن المسار الدرامي تعثر، وأصبح بطيئًا، ثقيلاً. ويعود ذلك الى السيناريو، ولا يرقى فيلم بو شارب الجديد الى مستوى فيلم quot; معركة الجزائر quot;أو مستوى أفلام محمد الأخضر حامينا أو أحمد راشدي أو غيرها من الأفلام الوطنية الجزائرية التي صورت أحداثها أو بعضها في فرنسا. ومع أن جمال بو دبوز كان مقنعا في أدائه التمثيلي، كذلك شافية بو دراع وأحمد بن عيسى الا أن مستوى رشدي زيم وسامي بوعجيلا كانا أقل من أدائهما المعتاد.
أما بالنسبة إلى الاعتراضات والاحتجاجات السياسية من طرف اليمين الفرنسي، أو من الحركيين، وهم الجزائريون الذين التحقوا بالاستعمار الفرنسي خوفًا من حكم الاستقلال، فهم يعتبرون أنفسهم أعداء الحركة الوطنية، ويعتبرون ان الاستقلال الجزائري بحاجة إلى سنوات طويلة لنسيان التاريخ.
وحاول رشيد بو شارب في مؤتمر صحافي أن يخفف من حديثه عن الجرح من طرف الجزائريين الذين التحقوا بالاستعمار عمدًا أو خطأ. وقال إنه لم يسع أن يكون شجاعًا في أحداث فيلمه سياسيا، فقد صور فيلمًا روئيًا له أحداثه، وبعد عرض الفيلم صار مفتوحًا للحوار ولمختلف الاراء.
تجدر الإشارة الى أن مخرجين فرنسيين صوّروا أفلامًا عن الاستعمار الفرنسي، وعن الحركة الوطنية الجزائرية، مثل جان لوك غودار في quot; العسكري الصغير quot;، كما صور المخرج الفرنسي جاك ديمي حرب الجزائر كسبب وكفرز اجتماعي العام 1965 وصور المخرج روني فوتييه ميكانيزم انتقال المجندين الى الحرب في الجزائر، وقد اضطر هذا المخرج للإضراب عن الطعام لحرية الحركة.
لكن يبدو من الصعب منح فيلم quot;خارجون عن القانون quot; جائزة السعفة الذهبية، للمقاييس الفنية. وتجدر الإشارة الى أن وزارة الثقافة الجزائرية ساهمت بربع ميزانية الفيلم، بينما ساهم المنتج التونسي طارق بن عمار بمليوني يورو ونصف المليون كتسهيلات عملية في تونس أثناء التصوير.
جدل حول الفيلم الروسي quot;الشمس الخادعة 2quot; لنيكيتا ميخالكوف
وجه النقاد والسينمائيون الروس انتقادات شديدة ضد الجزء الثاني من فيلم quot; الشمس الخادعة quot; لميخالكوف بتهمة الستالينية ومضمون الفيلم الذي صوره. وذهب مخرج جورجي شارك في مهرجان كان السينمائي الى حد القول ما كان لمهرجان كان أن يختار فيلم ميخالكوف.
وبغضّ النظر عن حديث المخرج الجورجي السوريالي، فان الإنتقادات ضد ميخالكوف لأنه قريب من رئيس الحكومة فلاديمير بوتين، وأنه من أنصاره، واتهموا ميخالكوف بأنه ديكتاتوري، متحكم في سلطته كمسؤول عن وضع السينما الروسية، وذهب النقاد والصحافيون الروس الى القول إن فيلمه الجديد كلّف خمسين مليون يورو، من ميزانية الدولة.
بهدوء وشطارة رد ميخالكوف على الأسئلة بأن ميزانية فيلمه بلغت أربعين مليون يورو وليس خمسين كما قيل، واضاف ان الدولة لم تصرف منها الا مليوني يورو باعتبار أن فيلمه يضم فيلمين معا، فطول الفيلم ثلاث ساعات، حذف منها نصف ساعة لمهرجان كان، واوضح أنه سيعرض فيلمه في صالات العرض كفيلمين، وأن مؤسسة السينما الحكومية لا تدفع الا مليون يورو عن كل فيلم أيًّا كان مخرجه.
وعليه فإن ما تبقّى من ميزانية الفيلم كان من القطاع الخاص، ويؤكد ميخالكوف بأنه لم يكن مؤيدًا لستالين أو ضده. وأنسيناريو فيلمه يتحدث عن علاقته بابنته، والتي قامت ببطولة الفيلم الى جانبه، والمشهد الذي فيه ستالين كان عبارة عن حلم يجلس وراء طاولة عليها كعكة كبيرة فوقها صورة لستالين، لم يجرؤ أحد الواقفين معه على استخدام السكين لقطعها، الأمر الذي جعل البطل ميخالكوف يدفع ستالين بوجهه الى الاختناق فوق الكعكة.
ويقول ميخالكوف إنه أراد تصوير الحرب العالمية، لأن السينما الأميركية هي التي صورت الحرب العالمية، وأظهرت أن أميركا هي التي انتصرت خلال الحرب لوحدها، بينما كان الجيش السوفياتي بطوليًّا في الحرب، ودفع أعدادًا هائلة من ضحاياها. وقد حقق المخرج ما أراده، وان بالغ في النهاية، فالفيلم ليس تحفة فنية مثل أفلام ميخالكوف السابقة، أو مثل الجزء الأول من quot;الشمس الخادعةquot; لكنه ليس فيلمًا ضعيفًا أو متوسطًا، وكان قد صور الجزء الأول قبل ثماني سنوات وهو بالتأكيد أحد كبار مخرجي السينما في أوروبا بل وفي العالم. ولا يقل من قيمته أن أباه هو الذي كتب النشيد السوفياتي الرسمي. ويتميز ميخالكوف في كتابة السيناريو بمهارة، وكذلك. بأدائه السينمائي كممثل مبدع، كما تشكل ابنته الجميلة ممثلة موهوبة هي الأخرى.
أما الذين ينتقدونه في السلطة المتفردة في مؤسسة السينما فانه مستعد لمناقشتهم، لكن أغلب هؤلاء لم يعودوا من رعايا روسيا بل رعايا دول أخرى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وقد حصلت بعض أفلامه على جوائز مهمة مثل {العيون السود }الذي حصل على جائزة أفضل ممثل وكان الممثل الإيطالي مارسيلو ماستورياني، العام 1987في مهرجان كان والفيلم انتاج أوروبي. كما حصل فيلمه quot; أورجاquot; على جائزة الأسد الذهبي لمهرجان البندقية أو فينيسيا العام 1991وجائزة أفضل لجنة التحكيم في مهرجان كان عن فيلم quot; الشمس الخادعة quot;العام 1994 وأوسكار أفضل فيلم أجنبي عن الفيلم نفسهللعام 1995وحصل على جائزة الأسد الذهبي الخاصة لكل أعماله العام 2007 .
التعليقات