سهى شامية: quot;راحلاً من وطن يرقد بتلابيبه/ خلف أسيجة الذل والهوان/ حقلاً شاسعاً من الاعضاء التناسلية المتشابكة ببعضهاquot;، منذ البداية يحضر الوطن ثيمة في ديوان الشاعر العراقى الكردى جمال جاف الصادرحديثا في بيروت بعنوان (ما أوسع هذه الكف) عن دار الغاوون. وهذا الحضور يبدو ذا مستويين: اول سببه غربة الشاعر في مهجره باوستراليا كما تخبرنا النبذة المدونة في الكتاب، وثان سببه الهوية الكرديه العراقيه التي عانت الكثير في وطنها العراق.
لذلك يحضر الوطن باشكال كثيرة، ايجابية عبر الوطن الحقيقي، وسلبية من خلال المهجر او المنفى، واخرى من خلال الهوية الحقيقية، وتلك المفقوده ايضا:
quot;من أين للمنارة أن تحمل تباريحَ على كتفَيها وتتوشَّم بالتربة
وتُصلصل لرجالٍ أفواههم تتشدَّق نحو القبَّة العتيدة
فيما رطوبة المكان تنسل من الجدران كأعناق مغيمة، حلقاتٍ، حلقاتٍ متقطِّعة تُنزنز
شوكة الذكر والصلاة.
تشعر بأن الكلامَ فصوصُ زجاجٍ تتكسَّر على الشفاه فيما تزيغ العين الثالثة
تختلطُ الرؤيا وتتماوج
حمحمة متواصلة،
تَرسم من خلالها خريطة الكلام،
دمدمةٌ لا تلين، ناقلاً هواجسك إلى ريح مُصابة بالزكام فترشح الأماكن المصفِّرة من اللهاثquot;.

يؤرق جمال جاف قارئه بأرق هويته، وبصيغ جمالية ينجح في صنع سؤاله الكياني، مستحضرا عوالم كردية تتصل بالطفولة واشعارا للشاعر الكردي المشهور كوران.
الاشياء الحقيقية في العالم يعيد انتاجها جمال جاف لتغدو كائنات شعرية، وكأن عين الشاعر هي عصاه السحرية التى تجتر ح الخوارق وتخلق عوالم غير موجودة وغير مفكر فيها:
quot;ثم انظروا إلى
ماسحي الأحذية،
طبول تنبذُ الأصابع،
الحوذي يأكل ذيله ليطول سوطه،
طفلٌ ضائعٌ يقرأ الوجوه ويحلم بالأثداء،
الثعلب...
إيه... إيه - أيها المحنَّك العتيدquot;.

ودائما تاتي القبضة الضاربة ndash; في رمز لا يخفى على احد عن الدكتاتورية ndash; لتقلب المشهد راسا على عقب، ولتمحل السماء كما الارض المحروقة بالقنابل والنابالم والهويات:
quot;وتدلف إلينا قبضةٌ تحوِّل الناسَ أصناماً خرساء...
ورأسي يهزّه الحلم.
تعساً لحمحماتٍ تتطاير كالشظايا
لهتافات تُقرقع كالأطباق
لسماء قحط تنبذ وجهها
للشمس الغارقة في النكدِ
لهذا العربي، الكردي، التركماني، والباقين...quot;.