أوجه التشابه بين لقطات من فيلم quot;وداعاً للسلاحquot; ولوحة quot;غرنيكاquot;

يوسف يلدا من سيدني: لا تزال لوحة بيكاسو الشهيرة quot;غرنيكاquot;، تحمل بين ثناياها العديد من علامات الإستفهام فيما يتعلق بالوحي الذي ألهم الفنان الإسباني في رسمها. وهذه المرة، قد يكون الشريط الفيلمي quot;وداعاً للسلاحquot; للمخرج فرانك بورزيج، المأخوذة أحداثه عن رواية إيرنست همنغواي، هو من أوحى بيكاسو لإبداع لوحته الخالدة، طبقاً لدراسة أعدها المصور السينمائي المعروف خوسيه لويس ألكاينه.
وفي مقال موسّع نشره في المجلة المتخصصة quot;كاميرامانquot;، يكشف ألكاينه عن تفاصيل بحث إستغرق في إعداده عدة أشهر. ومن بين ما يتناوله فيه، المشهد الذي يعرض، باللون الأبيض والأسود، هروب العسكريين والمدنيين، أثناء الليل، عبر إحدى الطرق التي تتعرض لقصف بعض الطائرات. يقول المصور السينمائي موضحاً ذلك :quot;كنت قد شاهدت فيلم (وداعاً للسلاح) في آواخر أعوام الستينات، في نادي السينما لقناة التلفزيون الثانية. ولكن، بعد مرور عدة سنوات، عدت لأشاهده مرة أخرى في شريط فيديو في المنزل، وأصابتني الدهشة حيال مشهد الطريق. إذ رأيت نفسي كما لو كنت واقفاً أمام لوحة غرنيكاquot;. من الوهلة الأولى، تلفت إنتباهنا ثلاثة أشياء في اللوحة: أصابع اليد البيضاء الثخينة في الوحل، وهي في حالة إحتضار، والخيول الهاربة، ومن ثم إمرأة تنظر الى السماء وهي تبكي.
لم يكن بيكاسو يمر بظروف يحسد عليها عندما رسم quot;غرنيكاquot;، في شهر مايو من عام 1937. حيث الحرب الأهلية قد دمرت إسبانيا، والحرب العالمية الثانية على وشك أن تعصف بأوربا.
وحينما رسم الفنان الباسكوي لوحته، كان فيلم quot;وداعاً للسلاحquot; لا يزال يعرض في صالات السينما، لأن نظام التوزيع، كما يذكر ألكاينه، كان يشترط، حينها، على إستمرار عرض الأفلام لمدة ست سنوات. ومن الجلي أن يكون بيكاسو قد شاهد الفيلم خلال هذه المدة الطويلة، ليس بسبب من علاقة الصداقة التي كانت تربطه بهمنغواي فقط، بل لأنه كان كثيراً ما يرتاد السينما ، في ذلك الحين.، الى جانب إنها كانت من أفضل الوسائل تسلية، وأكثرها توثيقاً للواقع. بالإضافة الى أن الفيلم أثار الجدل حولهفي ذلك الوقت، بالنظر لنهايته السعيدة. وكان لا بد لبيكاسو أن يشاهده.

المصور السينمائي المعروف خوسيه لويس ألكاينه

ومن بين اللقطات الأخرى التي تجمع بين الفيلم واللوحة، كما يشير إليها مصور فيلم quot;الحياة جميلةquot; الحاصل على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، قصف الطائرات للعسكريين والمدنيين ذاته، والذي يحدث ليلاً، كما هو في اللوحة أيضاً، وإن كان ذلك القصف في الحقيقة قد حدث في النهار. ناهيك عن الحركة، في كل من الفيلم واللوحة، والتي تسير من اليمين الى اليسار، مع ظهور الخيول وطيور الأوز في أجواء كليهما.
وجدير ذكره أن لوحة quot;غرنيكاquot; لا تزال معروضة في quot;متحف الملكة صوفياquot; في مدريد منذ العام 1992، والذي صادف يوم العاشر من الشهر الجاري مرور 30 عاماً على نقلها الى إسبانيا. ويقوم المتحف، بهذه المناسبة، بإعداد سلسلة من النشاطات الثقافية والفنية، من بينها ندوات، ومحاضرات، ومعرض فني، تتناول جميعها العقود الثلاثة الماضية.

[email protected]


.