يدعو بولكستاين اليهود إلى الرحيل من هولندا ليس بسبب الكره الغربي لهم، بل بسبب تزايد عدد المسلمين المعادين للسامية. ويرى في كتاب جديد له ان ما نراه من مظاهر ازدهار التيار الإسلامي وسطوته ليس من القوة بشيء بل هو استعراض عضلات لبطل ليس حقيقياً.
أمستردام ndash; عدنان أبو زيد: يتهم كتاب جديد للسياسي والمثقف الهولندي فريتس بولكستاين يحمل عنوان quot; إغواء المثقف، أفكار خطرة في السياسةquot; الغرب بأنه السبب في تأجيج الصراع مع الإسلام، بحكم امتلاكه أدوات مادية وفكرية هي أقوى وابلغ تأثيرا مما لدى العالم الإسلامي ولاسيما الحركات المتطرفة، مما يجعله في موضع quot; الأقوى حصانة quot; وليس العكس، مما يشكل حافزا للمسلمين لرد quot; أعمىquot; متطرف. ولا يتردد بولكستاين في كل مناسبة يظهر بها من البوح بالأفكار المناوئة للإسلام، حيث يرى في كتابه الجديد، أن الحركات الإسلامية هي ردود أفعال وصدى لأفعال القوة والريادة التي يوجه بها الغرب العالم، ولهذا لا داعي للقلق من quot; الضجيج quot; الإسلامي بحسب وصفه.
الرحيل الى إسرائيل
وكان بولكستاين دعا اليهود إلى الرحيل من هولندا ليس بسبب الكره الغربي لهم، بل بسبب تزايد عدد المسلمين المعادين للسامية. ويتحدث محمد بن علي وهو مدرس مغربي وناشط ديني، ان معاداة السامية هي احد افكار بولكستاين الذي لا يفوت فرصة ألا وينتقد فيها الثقافات الأخرى التي يعتبرها quot; دخيلة على أوربا quot;. يضيف: يحاول بعض السياسيين والمثقفين الهولنديين إلصاق تهمة معادة السامية بالعرب لاسيما المغاربة في محالة للتشويش على توجهات غربية تدعو إلى طرد اليهود والعرب والمسلمين من أوروبا.
ويتابع: تُستغل في بعض الأحيان حوادث فردية، لتمرير أفكار العداء للإسلام عبر وسائل الإعلام، ومن ذلك حادثة اعتراض مراهقين مغاربة لحاخام يهودي في أمستردام، حين صرخوا بوجهه quot; يهودي quot;، فقدر ضخّم الإعلام الحدث، لينتج عن ذلك أعمال عنف في حي بأمستردام. وبحسب بن علي فان الحادثة تدلل على انه هناك من يسعى الى تأكيد ان الصراع الإسلامي اليهودي انتقل إلى أوربا. وان كلا الثقافتين ليستا أوربيتين.
تحصين ضد التأثير الغربي
وتبدي الباحثة الهولندية quot;لزا رويquot; قلقا شديدا من التغير الديمغرافي والثقافي والديني الذي يغير وجه أوربا بسبب هجرات الشعوب الأخرى لها. و ترى لزا أن القنوات الفضائية العربية التي تٌشاهد في quot;هولنداquot; ستحول دون الاندماج الحقيقي للمسلمين في أوربا، وأن أية تدابير للحيلولة دون ذلك ستبوء بالفشل، لان المسلمين ابتكروا لأنفسهم دروع تحصين داخلية ضد التأثير الغربي على رغم إنهم يعيشون في أوربا.
ولا تذهب ليزا الى ما يذهب اليه بولكستاين من ان الغرب أقوى. وتتابع: المد الإسلامي قادم وسيمحو الإرث الأوربي ثقافيا ودينيا وتاريخيا. لكن تحذير quot;ديتير جرومنquot; نائب رئيس المجلس المركزي اليهودي في ألمانيا في 2010 من معاداة اليهود وكراهيتهم بين صفوف المسلمين، يغذي فكرة تنامي المد الإسلامي، لكنه يرى ان اليهود سيكونون بين خطرين، خطر معاداة السامية من قبل الأوربيين وخطر المسلمين. غير ان اليهودي فال رونالد وهو باحث في التاريخ في مدينة ايندهوفن في الجنوب الهولندي، لا يرى أن هذه الأفكار مستندة الى أسس واقعية، لاسيما وان اليهود لهم جذور تضرب في التاريخ الهولندي. ويتابع : ثمة من يشيع بان ولائنا الأول لإسرائيل، لكن الحقيقة ان الكثير من اليهود لا يؤمن بالمشروع الإسرائيلي على أرض فلسطين، ولا يودون الانخراط في أجندته.
و فريتس بولكستاين هو زعيم سابق للحزب الليبرالي الهولندي، ومثقف هولندي معروف، يؤمن بتفوق الثقافة الغربية على الثقافات الأخرى بسبب تقديسها لحرية التعبير والفردانية. ولان هذه الثقافة متفوقة فهو يؤمن بأن المجتمع المتعدد الثقافات سينجح في النهاية على عكس ما تعتقده نخب سياسية وثقافية من مثل الرئيس الفرنسي ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية ميركل. وإيمانه بهذا الانتصار يعود الى اعتقاده ان الثقافة الغربة ستتمكن في النهاية من ابتلاع الثقافات الوافدة وتذيبها في بودقتها. ويرى بولكستاين ان ما نراه من مظاهر ازدهار التيار الإسلامي وسطوته ليس من القوة بشيء بل هو استعراض عضلات لبطل ليس حقيقياً.
انتصار الغرب
ويؤمن بولكستاين انه سبق كثير من الأوربيين في ابتكار فكرة التعددية الثقافية في هولندا منذ نحو عقدين، لأنه لم يكن يشك في يوم من الأيام بانتصار الغرب، على عكس quot; الخائفين quot; من سياسيين ومثقفين والذين بدت أفكارهم انهزامية أمام تنامي النفوذ الإسلامي في أوربا. ويقول بولكستاين ان المواليد الجدد من النساء ذوات الأصول التركية والمغربية في هولندا الآن يقل عن معدله لدي المرأة الهولندية الأصلية، على عكس ما كان يتوقعه كثيرون، مما يثبت صحة افكاره في quot; الذوبان الثقافي quot; في البوتقة الغربية.
ويحمل بولكستاين بشدة على ما يعتقده السياسي اليميني الهولندي خيرت فيلدز من أن الإسلام يشكل تهديدا للحضارة الغربية، ويؤكد في كتابه الجديد ان الاستياء الإسلامي من الغرب يعود الى الحروب التي شنها الغرب على العالم الإسلامي مثل الغزو الأمريكي للعراق ومساندة إسرائيل وحرب أفغانستان، كما ان الصراع quot;الفلسطيني الإسرائيليquot; يؤجج معادة السامية المتنامية في أوربا.
التعليقات