ثمَة حزنٌ على الطرقات
ما يكتبه أسلافه الآن سبق أن كتبه أحفادي منذ ألفي سنة.
الطريقة الصَرِفة لنيل الحب هي أن تذوي
أن تتمدَد كشجرٍ بوميضٍ كامل
في الأغاني لا لون لك ألا أقدامك المحمومة
تتحول إلى جداول
منفيٌ عن زمانك المستدير مثل أحجية
غريبٌ كقيضٍ يتوالد
توقفتَ، أبداً، في الوسط من أشياء تحبها
مضتْ أزمنةٌ لم ترتحل فيها حتى
لم تترجل كمحراب مأفونٍ؛ أو حتى كمحاربٍ يَهلكُ بشكلٍ مستمر.
ثمة ما يعيقكَ عن الرحيل
وجعكُ بالسؤال الأولِ مجرد امرأة طيبة تريدك
راودكَ المنجمون، اختلسَ حلمَكَ مرابون وسفلة.
ما عدتَ أنتَ من يذوي، ولا من يبصقُ جهاتِ الأرض
في كلِّ سنبلةٍ تتوحد بطريقتكَ القديمةِ في التجديف
تنتظرُ عالقاً يريدُ الخلاص
وكعهدٍ لقيطٍ تجرِّبُ أغلالاً ونبوءات:
(كان من عطره أنهُ وصلَ الماء بالألمِ الرازقي. كان وِتراً لمفردةٍ أهملتها القوافلُ في هامشِ الرّاحلِين، يصلُ الفتنتين ببعضهما:
المدى جائرٌ والوتين انقطعْ
لحظةً لحظةً وانقشعْ
هي أصنامُهم هزّها هزّةً فارتفعْ
كان مما تناهى إلى سمعه ورعُ المؤمنين،
وهو يخبرهم عن صلاةِ الشروقِ:
كهاتي التي عشقتْ حظوتي في سماء البلادِ وجللتِ الريحَ بالآية المشتهاة
في صلاتي وهادٌ، وترتيلةٌ في اللهاة
كنتُ دوماً أنا، وهو فيمن سواه
حاضرٌ لا تراه
ينسجُ الحبَّ في العالَــمَـين).
..
والآن..
ها هم يديرونَ لكَ وجهاً للصمتِ لا تعرفه
ها أنتَ تتورَّدُ وحدكَ في الحديثِ المحترق مع ما بقي من حقول الذرة والدخان
تعتمر الشتائمَ وتتسرب في شقوق الشمس المنسدلة على حافةِ الجُرفْ.
خرائطُ هذا الوجع تبدو غائمة
القريبون منكَ أذهلوكَ بنسيانهم الفضي والبارد جداً
كُنتَ منذوراً للمشقة والاكتشاف الأول
مصلوباً في الأجنة والبذور الرخوة والولادات المبتورة
وكانتْ لآمالكَ أصواتٌ متباينةٌ لا يشبه أيٍ منها صرير الوجع العتيق
لكنك الآن على جذع أغنية مقززة
أمّيٌ إلا من الرغبةِ والجنون
ترابيٌ إلا من الويلاتِ والقصائدْ.
كل ما أعرفه ،أنا وأنتَ، في هذه اللحظة أننا ظلان لا يشبهنا الأبد
وكغزاةٍ من دماء أدمنتْ الحبالى أوجاعَهم؛
نعرفُ أنَّ حزناً بطيئًا، وقياسياً كالمحبةِ، يهطلُ الآن
تماماً
كما كان أحفادنا الطيبون يأملون..
تماماً تماماً كجدريٍ يدخلُ من خلال آهات الأمهاتِ
فيتحللُ في الهواء..
ثمةَ حزنٌ على الطرقات..
- آخر تحديث :
التعليقات