عبد الجبار العتابي من بغداد:أكد رسام الكاريكاتير ضياء الحجار ان فن الكاريكاتير العراقي يتسيده المبتدؤون الذين بلا موهبة ولا ثقافة، مشيرة الى وجود رقابة كبيرة وممنوعات كثيرة في توجيه النقد عبر هذا الفن الى الاشخاص والجهات المختلفة، موضحا ان رؤساء تحرير الصحف يضعون املاءات معينة لرسم الكاريكاتير ونشره، موضحا ان ظاهرة النقل والتقليد هي ابرز ما يميز عمل الشباب الان وهو ما يجعله يقول ان فن الكاريكاتير متخلف في العراق مقارنة من مثيلاته في الدول العربية.

* اين انت الان في عالم الرسم والنشر؟
- انا الان اعمل موظفا في دار ثقافة الاطفال، واشتغل في الصحافة، وانشر رسومات طبقا لمن يريدني ان انشر عنده على ان يكون مناسبا لي من الناحية الفكرية والتوجهات العامة.

* اقصد.. اين تنشر رسوماتك الكاريكاتيرية؟
- انا جربت ان انشر رسوماتي في بعض الصحف المحلية، ووجدت ان الصحف التي تمول من قبل الدولة اسوأ من صحف النظام السابق،الرقابة لديهم والتملق للسلطة ولا يريدون اي نقد للحكومة ولا نقد للامريكان ولا نقد للاحزاب، اذن.. على من ارسم؟، هذا كاريكاتير !!، انا خلافي مع هؤلاء الذين يريدونني ان ارسم لمدح الدولة، وهذا يعني اننا لم نعمل شيئا، وكأننا ما زلنا في (نظام صدام)، كان المفروض ان يكون غير ذلك، في زمن صدام هناك تخريجة اخرجوها لنا وهي (الكاريكاتير الايجابي) الذي هو موجه لمدح السلطة، الان هناك من يطالب بكاريكاتير لمدح السلطة، او ان نرسم بشكل (تمويهي) جدا، اي ان ارسم اعمالا ذات مفهومين حتى استطيع تمشيتها عليهم، هذه التمويهية كنا نستخدمها في زمن النظام السابق وتعبنا منها، الان نريد شيئا صريحا، وضعنا في البلد مرتبك جدا، اجتماعيا وسياسيا وعلى كل الاصعدة، فلا بد من تقديم اعمال مباشرة وبالصميم كي تصل (ضربتك) الى السيء، سواء كان شخصا او وضعا عاما او وضعا خاصا لحالة من الحالات، اذا نحن (نموه) ونماري ونرسم بطريقة غير مباشرة، فهذه لا تخدم في المرحلة الحالية.

* وكيف تنشر رسوماتك اذن في ظل هذا الوضع؟
- انا اختار الصحيفة التي اقول لها: عندي شرط اساسي واحد، وهو انني لا اريد رقيبا عليّ، الكاريكاتير الذي ارسمه والذي اريدك ان تنشريه، تنشريه بمسافة محررة، لا اريد ان تراقبني وتقول لي هذا لماذا هكذا، او لو انك عملت هكذا وهكذا، وعندما توافق الصحيفة لا يهمني الاجر الذي تعطيني اياه، على قدر قابلية الصحيفة المادية، فهناك صحف فقيرة ولكن لديها هذه الجرأة،ولكن هناك صحف غنية ولكن لا بد لي ان اسير وفق ما يمليه رئيس التحرير او مدير التحرير، فأنا ارسم ولكن عندما اجد اعتراضا فأنني انسحب، فأنا اذن مشروع قابل للتعاون من كل الصحف بشروطي، وشروطي بسيطة، ان انشر ما اريده وما اقوله انا.

* هذا يدفعني الى سؤال هو كيف ترى واقع الكاريكاتير في العراق؟
- كنا نأمل ان يكون الواقع شيئا كبيرا ومختلفا بعد ما صارت لدينا مساحة من الحرية كبيرة، ولكن ما حصل كان مغايرا، انا قبل سنتين كنت اقدم لرئيس تحرير احدى الصحف اعمالا انتقد بها حالات سياسية وبالذات عن الحملات الانتخابية، فكنت كلما اقدم له رسما يحفظه، لماذا؟ كانت لديه حسابات ان يخرجونه من الجريدة اذا ما نشر كاريكاتيرا لايرضي احدا من اولئك الذين تناولتهم بالنقد، فهكذا حالات انا اجدها اسوأ من وضع النظام السابق.

* ولكن هنالك صحف تريد نشر كاريكاتير جريئة جدا؟
- انا اتعامل مع هؤلاء، ولكن حتى هم تجد لديهم تحفظات مثل لا ترسم ضد هذه الجهة ولا تتكلم ضد تلك الجهة، او احذر (دير بالك يا معود.. لا نروح بيها).

* اريدك ان تقرأ لي واقع حال الكاريكاتير بشكل عام؟
- للاسف الواقع مزري، انا اشاهد ناسا زادهم كله (النقل) عن الاخرين،وهؤلاء يدعون انهم رسامون !!، واصبح هذا بشكل مفضوح، يعني مثلا بعضهم ينقل رسوم (الفنان غازي) وينشرها، او ينقل رسوم المرحوم (مؤيد نعمة) وتنشر هذه للاسف لان مستوى رؤساء التحرير او القياديين في الصحف الموجودين حاليا ليست لديهم ثقافة مهنية، لا اقول ثقافة التخصص بالكاريكاتير، لا.. ليست لديهم ثقافة مهنية عامة عن الصحافة، لذلك اي شيء يأتي به له الاخرون ينشرونه، ولا يعرف اذا ما كان هذا منشورا سابقا او منقولا عن احد، او ربما انه لم يكن في العراق سابقا حتى يعرف تراث غازي وتراث مؤيد وغيرهما من الرسامين.

* والاساليب التي متبعة كيف تراها؟
- ربما هناك 90 % من الرسامين الموجودين حاليا ليست لديهم اساليب، اضافة الى ان اسلوبه ركيك وضعيف وهزيل ولا يمتلك ثقافة عمل، انه فاقد لارادة العمل التي تدفعه لكي يكون رسام كاريكاتير، هي ليست بالكيف، بل ما هي مؤهلاته ليصبح رسام كاريكاتير، فالشغلة ليست بسيطة وهينة، رسام الكاريكاتير موقف، موهبة وثقافة، فان كانت هذه الاشياء لايمتلكها فكيف يكون، فهل يكفي انه يقلد احدا انه ينقل اعمال فلان و (يلطشها) ويجد من ينشرها له، لان كثرة الصحف سهلت امور النشر، وما دام النشر اصبح سهلا اذن.. فقد كثر الذين ينشرون الكاريكاتير، فلبيس امرا اساسيا ان يكون لدينا عدد كبير، ولكن للاسف اكثر من 90 % منهم مبتدؤون وبسطاء وبعضهم ليس رساما اصيلا، ان ارتضينا بعضهم ضعيفا واصيلا، ولكن ان (يلطش) اعمال الاخرين ويسجلها بأسمه، فهذا شيء خطير.


* هل ترى ان مستقبل الكاريكاتير العراقي لا يبشر بالخير؟
- المرحلة الحالية مرتبكة بشكل عام في البلد، وان كنا قد استبشرنا خيرا منذ عام 2003، فليس كافيا ان انشر كاريكاتيرا ضد (المالكي) او ضد الحكومة، هذا ليس كافيا وهناك الكثيرون يتجرؤون على الحكومة،ونشرنا ضد الحكومة، ولكن هناك احزاب نخاف منها، هذا من المفروض ان لايكون.

* هل سبق ان نشرت كاريكاتيرا وخفت على نفسك؟
- لم اخف، ولكن في الحقيقة خيف عليّ، ووصلت الى حد انني تلقيت تهديدا وانسحبت فترة، بعد ان اخترقتني رصاصة عام 2006، انسحبت ثم عاودت نشاطي، المهم انا رجل اسعى الى الاصلاح في بلدي من خلال كوني رساما، وجهدي ينصب مع جهود الشرطة والجيش والموظف المخلص وكل المخلصين، انا معهم فرد من الافراد وهذا هو مفهوم لعملي، فلا اريد ان اتميز بشيء سوى ان رميتي التي ارميها الى مسيء ان تكون مؤثرة.

* لو طلبت منك ان تؤشر لي على اسماء لرسامين اثاروا انتباهك، الى اي تشير؟
- فنانو الكاريكاتير في العراق الذين من جيلي ممتازون ولكنهم قلة، مثل رحيم ياسر وهو رسام فكرته ممتازة جدا لكنه مقل جدا واسلويبه غير شعبي وهذه ملاحظتي عليه، فأنت ان اردت ان ترسم كاريكاتيرا فلابد ان يتلقاك الناس صغارا وكبارا، ولكن عندما ترسم باسلوب التجريد فأنه لايناسب هؤلاء، كذلك هناك الفنان خضير الحميري، وهذان هما ابرز الموجودين حاليا، بعد ان توفى مؤيد نعمة، وعلي المندلاوي يرسم البورتريه، اما الشباب فلم اجد ما يستفزني منهم الا واحدا هو عادل صبري، وانصحه ان يتوسع برسوماته، وان لا يتصور بأنه حين يرسم بهذا الاسلوب الاختزالي سيجمع شعبية، انه لا ينغرز في وجدان المواطن العراقي، فالرسم الذي يدخل القلب هو الرسم المؤثر، والرسم المؤثر يجب ان يكون فيه تفصيل، فيه شيء من الواقع الذي نراه، فالكاريكاتير واقع مكثف وانا اسميه (واقعية مكثفة) فلابد ان نرى فيه شيئا مما نراه في الشارع ولكن بشكل مضخم.

* كيف يمكن النهوض بالكاريكاتير العراقي؟
- لست انا من ينهض به، انا ابذل جهدي، ولكن من ينهض به هي الطرف الاخر، المؤسسات الصحفية، فنحن ليست لدينا مؤسسات صحفية رصينة قائمة، فهي في طور البناء، واتمنى ان تقام سياقات عمل صحيحة واتمنى ان يكون هناك رسوخ لهذه السياقات حتى نستطيع ان نتعامل مع الكاريكاتير بشكل متحضر، وبالمناسبة الكاريكاتير في العراق متخلف من الناحية الادارية على الاقل عن مثيلاته في الدول العربية وبالاخص مثل الاردن وفلسطين وحتى الكويت ودول الخليج التي الى وقت قريب ليس لديهم رسامو كاريكاتير والان هم ما شاء الله وقد اعتنوا برسام الكاريكاتير والعناية تخلق، فيما ظل رسامنا لم يعتن به احد وربما مطارد وربما يلاحق اذا ما عمل شيئا.