معروف أن ملك الكوميديا البريطاني تشارلي تشابلن كان موضع تحقيقات مكثفة لدى laquo;إف بي آيraquo; الذي كان يتهمه بالشيوعية. لكن ملفات لوكالة الاستخبارات البريطانية الداخلية تكشف للمرة الأولى أنها هي ايضا تعقبته بطلب من المكتب الأميركي.


تشارلي تشابلن كما عرفه العالم

اميط اللثام عن ان وكالة الاستخبارات البريطانية الداخلية laquo;إم آي 5raquo; خصصت ملفا للممثل والمخرج الكوميدي الأشهر تشارلي تشابلن موازيا لذلك الموجود لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي laquo;إف بي آيraquo;، باعتباره laquo;أحمرraquo; مواليا للشيوعيين السوفيات.

وعلم أن تحرك إم آي 5 جاء بعد طلب إف بي آي معاونته على جمع الأدلة التي تبرر منع تشابلن من حظر عودته الى الأراضي الأميركية. وقد اتضح - بعد الإفراج هذا الاسبوع عن وثائق في دار الأرشيف القومي البريطاني - أن إم آي 5 تجسست على تشابلن، الانكليزي المولد والجنسية، وجمعت ملفا ضخما عنه.

وكان مما ورد في هذا الملف قول عميل لوكالة المخابرات البريطانية في واشنطن في اكتوبر / تشرين الأول 1952 إن تشابلن laquo;تبرع لهيئات شيوعية معروفة وكان ذا ضلع في قضايا تتعلق بالأبوة وأخرى بالإجهاضraquo;. وبالطبع فقد اعتبر ضلوعه في مسائل تتصل بالإجهاض نشاطا يشي بالليبرالية المعتبرة صنوا للشيوعية وقتها.

وورد في الملف ملاحظة أن تشابلن خاطب - قبل سنوات من ذلك الزمن - مؤتمرا لجمعية الصداقة الأميركية السوفياتية في لوس انجليس قائلا: laquo; في الشيوعية، هناك الكثير من الصالح الذي يمكن لنا الاستفادة منه بعزله عن الطالحraquo;. كما ان الملف يظهر أن إم آي 5 اعترضت برقية الى تشابلن من آيفور كونتاغيو، وهو منتج وناقد سينمائي عُلم أنه تجسس في وقت ما لموسكو. وجاء فيها أنه يأسف لأن الظروف لم تسمح له بلقائه في لندن لدى زيارته لها في 1952.

ويلاحظ الملف أن تشابلن لم يسع للحصول على الجنسية الأميركية رغم أنه عاش في الولايات المتحدة لأكثر من30 عاما. ويورد أيضا قصاصة من صحيفة laquo;ديلي ويركرraquo; العمّالية البريطانية وهي ترحّب بقدومه الى لندن وجاء فيها: laquo;أفلامه تسخر من الطغاة بكل أشكالهم، وتعلّي من مكانة الإنسان العادي على حساب الأثرياء... الآن laquo;قبضايraquo; العالم يهدد مهرّج العالمraquo;.

شابلن بهيئته الطبيعية

وكان طلب إف بي آي لوكالة الاستخبارات البريطانية يتعلق ايضا بمعرفة ما إن كان تشابلن يلتقي في لندن شخصيات laquo;مشبوهةraquo; مهمة، والتحقق ايضا من أصله وفصله كما يقول حقا. فقد ورد إليه أن اسمه الأصلي هو إسرائيل تورنشتاين وإنه كذب بشأن ولادته في انكلترا وربما كانت فرنسا هي مسقط رأسه. لكن إم آي 5 لم تعثر على ما يثبت أيا من هذا.

ولأن الولايات المتحدة كانت تعاني وقتها حمى ملاحقة ذوي الميول اليسارية من أهل الأدب والفن، فقد كانت إف بي آي، في طلبها معاونة إم آي 5 مهمومة بمعرفة ما إن كان تشابلن شيوعيا أو متعاطفا مع الشيوعيين.

لكن هذا لم يكن هدف الوكالة البريطانية الأول. فقد كان يهمها معرفة ما إن كان تشابلن يمثل تهديدا للأمن القومي. ولهذا ورد في ملفها أنها لا تستطيع العثور على أي أدلة تجرّمه إذ لا ملف سابقا له في خزائن إم آي 5 عن أي نشاط له يمثل تهديدا لأمن المملكة المتحدة. وورد في ختام عرضها لملفه هذا إنه laquo;ربما كان متعاطفا مع الشيوعيين، لكنه نفسه ليس شيوعيا ويمكن وصفه على الأكثر بأنه laquo;تقدميraquo; أو laquo;راديكاليraquo;.

يذكر أن ملفات سابقة أفرج عنها في دار الأرشيف القومي البريطاني أظهرت أن الكاتب جورج اورويل (اشتهر بكتابيه laquo;مزرعة الحيواناتraquo; وlaquo;1984raquo;) سلم قبيل مماته في 1950 صديقة له في وحدة مكافحة الشيوعية بوزارة الخارجية قائمة من 35 من الفنّانين والأدباء - بمن فيهم تشابلن - قال إنهم شيوعيون خطرون.

وفي 1953 أصدرت الولايات المتحدة، بتوصية من إف بي آي، قرارا بمنع عودته الى أراضيها. ورغم نفيه كونه شيوعيا ووصفه الاتهامات ضده بأنها laquo;أكاذيب ملفقة تهدف لتدميري فنيّاraquo;، فقد امتنع عن الاستئناف ضد القرار في وطنه الثاني. ونقل عنه قوله: laquo; لا حاجة بي للولايات المتحدة بعد الآن. لن أعود اليها ولو ظهر فيها يسوع المسيحraquo;! وهكذا عاش في سويسرا الى وفاته ليلة عيد الميلاد 1977 عن 88 عاما.