عبد الجبار العتابي من بغداد: يبحث الفنانون العراقيون في جلساتهم الشخصية المواصفات التي يجب أن يتميز بها المدير العام لدائرة السينما والمسرح التي هي المؤسسة التي تهتم بفن التمثيل سواء السينمائي منه او المسرحي، فضلا عن فرقة الفنون الشعبية التي تنضوي تحت لوائها، وهم في نقاشاتهم هذه يحاولون الشعور بالسعادة افتراضا، لانهم يجدون انها لم تتحقق لهم طوال السنوات التسع الماضية على الاقل، ولا سيما مع الاشكالات التي حدثت مؤخرا بسبب (التمويل الذاتي) الذي تريد الدائرة ان تتبعه بعد ان احتضن (المسرح الوطني) مسرحيات تجارية تقوم على الاسفاف والتهريج، فضلا عن سماع حكايات تشير الى ان (الحكومة) في طريقها الى استبدال المدير العام الحالي لكنها تصطدم بعقبة البديل المناسب الذي يجب ان يكون (متفقا عليه) من الجميع وان يمتلك مواصفات من شأنها ان ترتقي بالواقع السينمائي والمسرحي في البلد، ويرى البعض من خلال علاقاتهم الشخصية ان هناك اسماء مطروحة على طاولة النقاش ما زالت قيد النقاش منها من داخل الدائرة ومنها من خارجها.

وقد تباينت آراء الفنانين في مواصفات المدير العام الذي يريدونه لهذه المؤسسة، لكن الاغلب منهم تمنى أن يكون من خارج الدائرة، اي ان لايكون فنانا، كونهم يمتلكون تجارب مع زملائهم الفنانين الذين تبوأوا مناصب ادارية فابتعدوا عنهم في ابراج عاجية واصبحت بينهم حدود وفواصل وألقاب، بل انهم وجدوا ان التردي الذي اصاب المسرح العراقي في زمن الفنانين الذين نالوا المنصب وان المشاكل اكثر ما نشبت في عهودهم، ومن اجل الوصول الى ما تحمله افكار الفنانين من رؤيتهم للجديد القادم، افترضنا سؤالا حول المدير العام الذي يشعرون انهم بحاجة اليه، من دون ذكر اسماء، طبعا.

فالفنان فلاح ابراهيم، اعرب عن اسفه أن: اعتقد ان اهم شيء يميز المدير العام لدائرة السينما والمسرح، والذي انا اتمناه، ان لا يكون فنانا،اي ان لا يكون مخرجا ولاممثلا ولا مؤلفا، فأن افضل المدراء العامين الذين قادوا هذه الدائرة كانوا ليسوا فنانين، بصراحة.. ان اي فنان عراقي مجرد ان يستلم منصبا يبدأ بقيادة الدائرة كلها لمصالحه الشخصية ودائما هو: المخرج الاوحد ان كان مخرجا، والمؤلف الاوحد ان كان مؤلفا، وهو الممثل الاوحد ان كان ممثلا، والدليل ان هناك مدراء صغارا كانوا فنانين مهمين ولمجرد ان اصبحوا مدراء (تخربطوا)، فأنا ارشح أن يأتي شخص محترم ولكن ليس فنانا ليقود هذه الدائرة والتجربة اثبتت ان الشخص غير الفنان اذا قاد الدائرة فسوف يقودها الى بر الامان.

فيما قالت الفنانة الدكتورة عواطف نعيم: القيادة بالدرجة الاولى هي حكمة، معرفة، تواضع، فن قادر على احتواء الاخرين، وهي دراية ومعرفة بكل الامور المالية والادارية، دائرة مثل السينما والمسرح بعراقتها، باعتبارها صمام امان لمجتمع عراقي اذ ترعى الفنون والثقافة وتحتاج الى اداري عارف بالفنون،عارف بالثقافة، عارف بمكانة الفنانين وقاماتهم، عارف بماهية العمل الفني وطبيعته، عارف ماهي القيادة من حكمة وفن ادارة ودبلوماسية وانها جانب معرفي كبير، نحتاج الى مهني، نحتاج الى انسان ذي خلق، نحتاج الى فنان بروحه واخلاقه وطريقة ادارته وعمله وليس بالضرورة ان يكون حاملا لشهادة الفن، بقدر ما يكون حاملا لشهادة المواطنة العراقية الحقة وشهادة الاخلاق العراقية الحقة، وان يكون متذوقا وعارفا بتاريخ مكانة الفن العراقي والمثقف العراقي والفنان العراقي.

واضافت: انا اؤمن ان الهيئة العامة لدائرة السينما والمسرح هي اقدر على ان تختار وتكلف من يقودها، وانا اؤمن ان اهل مكة ادرى بشعابها، فعليه ان يكون من اهل البيت وعارفا بما في البيت فيحويهم ويحميهم.

اما المؤلف والممثل باسل الشبيب فقال: نتمنى ان يكون المدير العام من خارج الدائرة، لكن من الممكن ان نختار فنانا لدينا معه تجربة وينفذ البرامج المطروحة من قبل الفنانين، اما مواصفاته، فأولا يجب ان يعتبر الدائرة المتنفس الوحيد لفناني العراق بالمسرح الجاد، وثانيا: ان لايعترف بالفرق المسرحية التي تأتي لتجعل من المسرح الوطني مسرحا احتفاليا وخاصة ان هذا المسرح تعبنا عليه وصرفنا اموالا كثيرة عليه في اعماره، لاننا لا نضمن الجمهور الذي يأتي الى حفلات راقصة، ان لايخرب الكراسي او الخشبة، فهناك قاعات خاصة لهذه الحفلات، فاسمه (المسرح الوطني) وهذا يكفي.

واضاف: من الملاحظات التي لدينا على اغلب المدراء، وهي من الطامات الكبرى هي اننا نرى دائما هؤلاء المدراء العامين اول ما يأتون لاستلام المنصب يعملون التكتلات الخاصة بهم والتعسكرات، ونحن نأسف لهذا الموضوع، لان المدير العام يجب ان يكون محايدا ومحبا لكل الفنانين ودائما عليه ان يعتبر الفنانين سواسية بالنسبة له.

وقال السينمائي عزام صالح: انا برأيي ان دائرة السينما والمسرح لا يصلح لها مدير عام من داخلها،لان هناك ارتباطات خيطية مع اشخاص معينين، وهناك (مجاميع خاصة) حيث ان لكل فنان مجموعته الخاصة، بمعنى ان المدير العام سيهتم بمجموعته فقط ويهمل الاخرين، ولنا في ذلك حكايات ووقائع، لذلك نحن نحتاج الى شخص يدير الدائرة بحيادية ولا ينتمي لا طائفيا ولا عرقيا الى اي مشروع، ولا ينتمي لاي شيء اخر سوى ان يقدم اعمالا جيدة للناس.

واضاف: لو نظرت الى اغلب من قاد الدائرة عبر السنوات الطويلة من عمرها.. لوجدت ان اغلبهم شعراء مثل لؤي حقي وعبد الامير معلة ويوسف الصائغ وفاروق سلوم بالاضافة الى سلام السلطان الذي قادها بعد التأسيس وهو خريج حقوق، ونجح هؤلاء في ان يقدموا شيئا على صعيد المسرح والسينما، لذلك انا اعتقد ان من يصلح للدائرة هو شخص من خارجها، وان يتحلى بمواصفات مثل ان يكون مثقفا ويفهم بالاعلام ويفهم بقضايا الانتاج ويقدم نتاجات سينمائية او مسرحية وفنونا شعبية جيدة، ولابد ان تكون لديه خطة لاستنهاض المسرح والسينما، وان يكون لديه برنامج لإعداد كوادر فنية جيدة، وان يضع نصب عينيه العالم وكيف يمكنه ان ينظر الى العالم مع وجود فكرة لديه ان العالم ينظر له، وان يكون المدير العام قريبا من الفنانين، انا مثلا في هذه الدائرة، لمدة اربعة اعوام لم يلتق بنا المدير العام، وليس لديه اجتماع واحد معنا نحن السينمائيين المنتمين الى قسم السينما في الدائرة !!.

اما المخرج فتحي زين العابدين فقال: هناك نقطتان اساسيتان لابد من توفرهما في المدير العام لهذه المؤسسة، هما: ان مبدأ التكنوقراط مبدأ اساسي في ادارة دائرة السينما والمسرح، اي بمعنى ان يأتي شخص صاحب اختصاص يدير هذه المؤسسة، لان هذه المؤسسة مرّ عليها مدراء عامون لا يمتلكون الاختصاص وبالتالي خسرنا عنصرا مهما في ادارة الدائرة،اما النقطة الثانية فهي الخبرة الادارية في ادارة المؤسسة، التي تعني العدالة، تعني الحق، تعني التنظيم وتعني تسيير المؤسسة بشكل رسمي وقانوني، اما ان يكون الاختيار عشوائيا فهذا فيه خطورة كبيرة.