كامل الشيرازي الجزائر: اكتسى الحرف العربي الأنيق حلة أكثر أناقة في الجزائر، عبر سلسلة تطبيقات حداثية مزجت بين جماليات الخط العربي وأفانين الرسم على الزجاج، ما يؤشر على تحول دينامي للمنظومة الفنية في الجزائر عبر جيل جديد من المبدعين المجدّدين.
تسنى لمن واكب احتفالية قصر quot;مصطفى باشاquot; العتيق وسط الجزائر العاصمة، أن يهيم بروائع الثلاثي الواعد quot;محمود طالبquot;، quot;نور الدين كورquot;، وquot;فراح عديquot;، وبرز عبر عشرات اللوحات المعروضة، ذاك الاستخدام البديع الجامع بين القماش والورق الصيني، بجانب دمج فنون عدة من خط ورسم ونحت، اجتهدت من خلالها ريشات الفنانين لإسباغ تنميطات مغايرة للسائد والمألوف، واللعب على وتر الحرف العربي وليونته القابلة للتماوج والتلون في انسجام كامل.
وبدا واضحا من خلال ما سطرته أنامل محمود طالب، أنّ الأمر يتعلق بعشق دفين حوّلته الريشة إلى روض بلور التخيلات إلى أشكال معبرة هادرة بالأسرار، مبتعثة بالرسائل، ويقول طالب الذي يعتمد على الخط الحر، إنّه أقحم تقنيات جديدة بالاتكاء على المنحوتات وما هو تجريدي، بغرض إضفاء رونق ومرح على الحرف العربي والتجوال به في فضاءات غير كلاسيكية مثل المسطحات الزجاجية، بعدما سبق له الاشتغال على عديد الجداريات الضخمة بينها جدارية تتواجد حاليا ببغداد.
بدورهما، آثرا كل من quot;نورالدين كورquot; وquot;فراح عديquot; إبراز القيم الجمالية للحرف العربي، بتوظيف الزجاج الذي تتيح شفافيته وبريقه تجسيد سحر الضاد وما يتصل بها من آثار ومقامات، ويستعمل نور الدين وفراح ألوان الطيف سواء الداكنة أو الفاتحة، فضلا عن تكثيف تراكيبها، وصولا الى منبع الضوء الرامز إلى التفاؤل.
نور الدين كور المتأثر بمواطنه quot;عامر الهاشميquot; وكذا الخطاط العراقي الشهير quot;خليل الزهراويquot;، فسّر تركيزه على الألوان وإحالتها على قبس ضوئي، بكون تماسك الحروف وصعودها نحو القمة دلالة على الاتحاد وما يترتب عن ذلك من أهمية في بناء الوطن.
ويذهب ناحتوا الحرف العربي في الجزائر إلى كون لغة الخط وهندسيتها بدأت تأخذ مسار ملفتا في الجزائر، وهو اطراد محسوس منذ إنشاء متحف متخصص بالزخرفة والمنمنمات والخط العربي في بلد يشهد انتعاشا لعالم الزخارف والخطوط بشكل مغاير يعتمد أيضا على الحبر والضوء.
ويشير فنانون من مدرسة فن الخط بحاضرة المدية (90 كلم غرب) وكذا جمعية الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، إلى حرصهم على التطوير الدائم لإخراج سلسلة من الأعمال المتنوعة الألوان والأشكال تذهب بالمتملين في جمالياتها إلى عصور ضاربة في العراقة تزامنت مع أوجّ الفترة الذهبية للحضارة العربية الإسلامية.
ويشير الناقد quot;رضوان بحريquot; إلى تصميم عديد اللوحات بالحبر الصيني والقلم الفحمي، بينما أنجزت الأعمال الأخرى بزخارف مذهبة على الحرير، فيما حضر الخط المغربي باختلاف أنواعه بقوة، تماما مثل الخط الكوفي، هذا الأخير أعرب شفيق، كمال، فوزي وغيرهم من عشاق المنمنمات الشباب عن تفضيلهم له، خصوصا مع إعطائه لمسة خاصة معاصرة.
ويتوقع نقاد أن يتبوأ فن الخط العربي في الجزائر، مركزا رياديا على المستوى الدولي خلال السنوات المقبلة، خصوصا مع بروز فصيل جديد من الفنانين على غرار: الهاشمي عامر، أحمد بلكحلة، وموسى كشكاش وغيرهم.