عبد الجبار العتابي من بغداد: نعى الوسط الثقافي والاعلامي العراقي بأسى بالغ، يوم الخميس، المصور الفوتوغرافي الفنان علي طالب الذي رحل عن الدنيا بعد مرض ألم به عن عمر ناهو الـ 49 عاما، وكان وقع الخبر مفاجئا للجميع للرحيل المبكر للفنان الذي كان شعلة متوهجة بنشاطاته الفنية ومشاركاته الثقافية وحركته الدؤوبة في الاروقة الثقافية والفنية، وهو المعروف بعلاقاته وصداقاته الطيبة مع الجميع، وطالما كان يُرى وهو يحمل كاميرته لاقتناص اللحظات الهاربة من عمر الزمن، ولكن الزمن كان له رأي اخر فأطفأ توهجه وأغلق عدسة كاميرته بالظلمة ليفقد العراق واحدا من مبدعيه الشباب، وكانت حصيلته الاف من الصور و(15) معرضا شخصيا، كان يحرص فيها على ان يكون قريبا من معاناة الناس البسطاء والفقراء ويضيء طموحاتهم، وكان اخر معارضه ذلك الذي حمل عنوان (اثرياء.. فقراء) واقامه في شهر شباط / فبراير من عام 2011، الذي قال عنه : (المعرض بذاته اغنياء.. فقراء وهي ثيمه تعبر عن انغماسي في علاقة الانسان بوجوده ولذلك يكاد ان يكون مجسدا في عربات وفقراء وهو رسالة بأنه رغم الفقر هم يعيشون ومتشبثون بالحياة لذلك تجد ان هناك لوحات ملونة وعليها قطع او اشياء اخرى وبهذا المعنى اعتقد ان المعرض حقق ثيمته)، والراحل من مواليد الكرادة ببغداد عام 1963.
يقول الاعلامي عماد جاسم : بهذا الخبر الحزين.. فقد العراق هامة فوتوغرافية مهمة لطالما كان لها دور مهم في رقي هذا الفن.. لذا اعزي نفسي اولا واعزي الجمعية العراقية للتصوير وكذلك اتحاد المصورين العرب بهذا الحدث، رحم الله فقيدنا الغالي واسكنه فسيح الجنان والهمنا وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
فيما قالت الروائية عالية طالب : علي طالب - الفنان / الانسان/ المبدع/ الصديق/ الهادىء/ الشفاف، كثيرا ما قالوا لي هل علي طالب هو أخوك - وغالبا ما كنت اقول لهم هو شقيق الكل ما دام مبدعا بجمال ورقة - رحل علي وترك وراءه محبته وفنه ووجوده في عقولنا وقلوبنا ولكم تمنينا له الشفاء كم سألنا الله ان يعود لنا سالما ان يبرىء مما هو فيه لكن قدر الله ان يرحل ويترك في قلوبنا غصة، ادهم صديقه الحميم حزين جدا حزين حد البكاء ينثر لقطات علي في المتنبي وبغداد التي يحب وينثر لوعته وهو يرى علي في كل اللقطات، ادهم ايها الوفي صبرا على قدر الله، اصدقاء علي تذكروه فهو يستحق ان لا ننساه، علي طالب - الى رحمة الله وجنات الخلد
وقال الناقد فؤاد العبودي : رحم الله صديقنا الفنان علي طالب الذي فقدناه مبكرا وهو احد المصورين الفوتوغرافيين المثابرين، وحقيقة فاجأني خبر رحيله، اذ كنت اعلم انه كان يعاني من ورم بسيط في (اللثة) قبل اشهر، وسمعت انه سافر الى شمال العراق لاجراء فحوصات وانه اغلق هاتفه، ولم اسمع عنه شيئا الا خبر وفاته الحزين مع الاسف، واضاف : صور علي طالب لم تختصر تأريخاً بعينه ولا هي مستفيدة من صور زملاء آخرين سبقوا هذا الفنان الذي ابتدأ هوسه بالفوتغراف مذ كان صبياً ليبتاع له والده كاميرا ظل يداعبها سنين طوالاً حتى استقر وعيه وتنامت إمكانيته الفنية، وعلي طالب عاش تجارب عديدة قبل أن يقول ها أنذا ويطرح نفسه كمصور فوتغرافي بتوقيع عدة معارض في الداخل ومشاركات في الخارج. حصلت بعض صوره على الجائزة العالمية في معرض إيطاليا وهي (جائزة الشرف FIAP) بمدينة ميلانو عام 2002 والتي عرضت بصالون (جيفاني كريسبا). كذلك فوزه ولأعوام (99، 2001، 2002، 2003) للصورة الصحفية في صالونات الفوتغراف (بلجيكا، استراليا وصالون بكين العالمي). وعلي طالب لا يخفي استفادته من دراسته في معهد الفنون الجميلة لمجال الرسم مما انعكست على اختياراته للموضوعات الفنية بحيث عمقت مساره الفوتغرافي ونظرته للأشياء بعين رسام وتنفيذ مصور.
* واذ لابد من الاستذكار لابداع الراحل عبر الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسته، فهنا لابد من استذكار كلماته واقواله عن نفسه وصوره :

يقول (علي طالب):
* منذ الدراسة الابتدائية احببت اللون والتكوينات ( الرسم ) ظل هذا الحب يلازمني لكن اسرار التصوير كانت تثير لدي التساؤلات فعندما امسك صورة اية صورة ابدأ بسؤال كيف تكونت وعدم التعرف على هذا السر مبكرا اسس لدي رغبة اكبر الى الاكتشاف فقادتني الى المحاولات من خلال اقتناء الكاميرا ومن ثم تتابع المعرفة ( الاسرار ) من خلال اغتنام فرصة التصوير (صورة شخصية ) لدى صاحب الأستوديو أطرح الكثير من الاسئلة وكان من حسن الحظ ان لا يبخل من اصادفهم من المصورين بالاجابة.
*كانت الكاميرا تلازمني في السفرات المدرسية والكثير من المناسبات العائلية والاصدقاء فرافقتني الكاميرا منذ مرحلة المتوسطة واعتقد انها ستفارقني عندما اكون غير جدير بحملها.
* على رأس الأشياء تظل فكرة مطاردة اللحظة الهاربة ما دمت أجد فيها ما يخدم الصورة، حتى أقف طويلاً لأجعلها في ختام المطاف متنفساً عما في داخلي.
* لا اعتقد أن هناك من يقوم بتصوير لقطة ما ما لم يكن يحمل حباً لها وتعلقاً بها.
* اتجاهي إلى التراث.. هو بسبب حبي المتجذر له.. هذا الحب الذي يجعلك تعيش حالات من التأمل والاستذكار.. وتحصل لك في أحيان كثيرة حالات استعادة لحكايات شعبية طالما غفوت على إيقاعها وأنت طفل قبل أن يداعب النوم أجفانك. كما أن هناك دوافع للبحث في تلك الأمكنة القديمة وشخوصها وطريقة معيشة الناس ضمن واقعهم.. لذا اقول دون مبالغة حينما أشاهد وجه رجل طاعن في السن أعود بذاكرتي إلى وجه جدي.. وليس هناك باعتقادي أجمل من تلك الطقوس ويصبح فرحي غامراً حينما أسجلها في ذاكرتي الفوتغرافية، ويبقى خوفي الأكبر من زحف حضارة الأسمنت على معالمنا التراثية).
* انا فنان من مجموعة مصورين تحاول ان تجسد واقع النص البصري الفوتوغرافي الذي يصل الى مستوى الابداع وهو يخرج من مكانه باعتباره مهنة وكل ما يشهد هذا المجال هو حالة من حالات الصيرورة لهذا النص مثلما هناك اخراج فني للكتاب بطبيعة المقدمة والعنوان والغلاف كذلك الفوتوغرافي بحاجة الى مفردات تأسيسية ما عدا النظرية العلمية.
* أكثر الأحيان لا أخشى إذا ما شعر الشخص الذي أروم تصويره، حتى وأن التفت بانتباه إلى الكاميرا لأنني وقتها أراهن على نظرات عينيه.. وما يعنيني هنا هو عمق نظراته.
* في داخلي لا أختلف عن الآخرين.. ربما أنا امتداد للاخرين رضيت أم أبيت...وفي صف تقف فيه لابد من أن تجد هناك من سبقك فيه وهذا هو قانون الحياة. وإذا اردنا القول الفصل في هذا الموضوع فإن سنة ميلادي قد وضعتني ضمن جيلي فأنا من مواليد السبعينيات.. باختصار أن ما ينتج عن الفنان هو الذي يضعه في تصنيف معين.
* انا لست ممن يعمل من اجل الحصول على الجوائز. بل ان فعل التصوير هو الاساس لدي من اجل الابداع وحب التصوير. لا خير بمن يعد نفسه فناناً والهدف الأساسي لعمله الفوز بالجائزة.