محمد بن رجب من تونس: تستعد مدينة القيروان، مركز الحضارة الإسلامية في الشمال الإفريقي، لتكون عاصمة للموسيقى الروحية و الفكر الإسلامي الصوفي، وذلك من خلال احتضانها الدورة الأولى للمهرجان الدولي للموسيقى الروحية والصوفية في هذا الشهر الفضيل وذلك على امتداد نحو أسبوع، تستقبل فيه أحباء الموسيقى الصوفية و المتعطشين إلى ما يخلخل الكيان و يهز الوجدان.
المهرجان الدولي للموسيقى الروحية و الصوفية ينطلق يوم العاشر من أغسطس الجاري و حتى الخامس عشر منه ويقدم عديد العروض الموسيقية الروحية و الفكرية من خلال ندوة تتضمن عديد المداخلات التي تتمحور حول الموسيقى الروحية و الصوفية التي تلاشت تقريبا أو
عبد اللطيف الرمضاني |
تكاد لأنها لم تلق الحماية الضرورية كتراث تونسي أصيل.
ويسعى القائمون على هذا المهرجان الدولي في دورته الأولى بعد ولادة عسيرة إلى تطوير هذه الموسيقى من خلال التعريف بهذا التراث الموسيقي التونسي والتعرف على تجارب موسيقية صوفية من بلدان أخرى.
ويشهد المهرجان ذو الطابع الصوفي مشاركة عديد الفنانين من تونس و خارجها من بينهم الفنان لطفي بوشناق والشيخ المصري يس التهامي و فرقة ابن عربي للسماع الصوفي بالمغرب و العرض الإيراني quot; محراب quot;..
بطحاء quot; الجرابة quot; و أشهر أعمال هوليود
أشار مدير المهرجان الأستاذ عبد اللطيف الرمضاني إلى أنّ الإضاءة ليلا بالبطحاء المعدة للعروض ستضفي عليها جمالية متميزة لا على العرض فقط بل على المدينة بمعمارها الأغلبي و الحفصي و الأندلسي خاصة.
و أضاف أنّ بطحاء زروق و التي تعرف بـ quot; الجرابة quot; و التي ستحتضن مختلف العروض التي سيؤثثها فنانون وفرق لهم مكانتهم الكبيرة كانت شهدت كذلك بلاتوه لأشهر أعمال هوليود و شريط quot; أنديانا جونز quot; للمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ.
رغبة جدران المدينة و أزقتها
أكد الأستاذ عبد اللطيف الرمضاني مدير المهرجان الدولي للموسيقى الروحية و الصوفية، وهو أستاذ بالمعهد العالي للفنن الجميلة بالقيروان، في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ هذا المهرجان ذو التوجه الصوفي جاء بناء على رغبة من جدران المدينة وأزقتها التي تشهد بمرور شيوخ الصوفية و علمائها من هنا، من القيروان، التي كانت دوما أرضا يقصدها كبار الشيوخ المشارقة ليقضوا فيها سنتين من أجل السماع و التعلم و التكون فيتشبعون بروح الموسيقى الروحية و الصوفية ويغادرون إلى أوطانهم بعد أن نالوا العلم و حققوا أعلى المراتب في هذا الشأن.
و أضاف مدير المهرجان أنه كان من بين المنادين منذ سنوات بتركيز مهرجان خلال شهر رمضان أو بمناسبة المولد النبوي الشريف، وهو موسم السياحة الدينية و الروحية والتراثية والثقافية، يهتم بالجانب الروحي، و في الواقع فإن من يزور مدينة القيروان في هذه الفترة بالذات يشعر بوجود مهرجان غير رسمي و ذلك من خلال الإستماع إلى الأناشيد الصوفية من الشيوخ علي البراق و عبد المجيد بن سعد و ابنه محمد وغيرهم.
موسيقى روحية و صوفية
أوضح الأستاذ عبد اللطيف الرمضاني مدير المهرجان الدولي للموسيقى الروحية و الصوفية بالقيروان أنّ افتتاح المهرجان يوم 10 أغسطس الجاري سيكون بالمعرض التشكيلي الذي سيقام بقاعة الحليوي بالمركب الثقافي بالقيروان، ثم تبدأ العروض الموسيقية في مسرح الهواء الطلق بعرضين من ليبيا و اندونيسيا، أما اليوم الثاني فستؤثث السهرة فرقة حلب بمقام الصحابي، و سيشهد اليوم الثالث سهرة للفنان مقداد السهيلي صحبة أربعة عناصر ببطحاء زروق quot; الجرابة quot; ثم عرض من إنتاج المهرجان ببطحاء الجرابة بقيادة محمود فريج و حاتم الفرشيشي رفقة 24 عنصرا و أمسية شعرية من العراق بمقام سيدي بن خوذ يؤثثها عبد الرزاق عبد الواحد.
وسيشهد اليوم الخامس من المهرجان عرضا للفنان التونسي منير الطرودي يليه عرض إيراني في إطار التبادل الثقافي بين البلدين و يكون الإختتام بعرض موسيقي صوفي للفنان لطفي بوشناق بمسرح الهواء الطلق بالمركب الثقافي بالقيروان.
جماليات التصوف
يشهد برنامج المهرجان تنظيم ندوة فكرية تتمحور أساسا حول الموسيقى الروحية و الصوفية و ذلك بمشاركة أساتذة و خبراء من تونس و دول عربية، مداخلات عديدة تنطلق بفضاء سيدي بن خوذ حيث يكون الإنطلاق مع محاضرة الدكتور محمد الغزي من تونس حول quot; جماليات التصوف quot; ثم خالد بلقاسم من المغرب حول quot; الشعر و التصوف quot; و محاضرة الدكتور يحي عمر من العراق حول quot; الفنون التشكيلية و التصوف quot;، ومحاضرة محمود قطاط من تونس حول quot; الموسيقى عند المتصوفة quot; ثم مداخلة الدكتور المنصف الوهايبي بمداخلة حول quot; الإنتفاع الصوفي في الشعر التونسي الحديث quot; ويختتم الجزء الأول بقراءات شعرية من ديوان المتصوفة القدامي بصوت حسين القهواجي و تختتم الندوة الفكرية في اليوم التالي بمحاضرة حول quot; ذاكرة القيروان في الإنشاد الصوفي، عبد المجيد بن سعد نموذجا quot; و ذلك بمشاركة كل من مراد سيالة و فتحي زغندة و صلاح بن سعد و محمد البراق.
التعليقات