بغداد: صدر حديثًا للشاعر العراقي الدكتور حسين القاصد، كتاب يحمل عنوان (النقد الثقافي ـ ريادة وتنظير وتطبيق ـ العراق رائدٌ)، عن دار (التجليات) في القاهرة،ويهتم الكتاب بأسبقية الريادة للنقد الثقافي العربي، وأثبت بالأدلة ريادة العراق، متمثلاً في الدكتور علي الوردي، والشاعر حسين مردان، والناقد الدكتور علي جواد الطاهر، والدكتور عناد غزوان، والدكتور محمد حسين الأعرجي، يقع الكتاب في 114 صفحة من الحجم الكبير ، صمم غلافه الدكتور قحطان الفرج الله، وهو عراقي مقيم في مصر وهو المدير الفني لدار التجليات في القاهرة.
يتضمن الكتاب اربعة فصول، الفصل الأول: الريادة العراقية للنقد الثقافي عربيا، وتناول فيه أولا: اشكالية الريادة، من خلال قراءة (المتـنبي شحاذ عظيم أم الغذامي منظّر فقير؟أم الغذامي من الذين يسهرون جراها..؟!!،أم المتـنبي يسترد أذاه؟!!، المتـنبي حرٌ عظيم،أبو تمام بوصفه شاعرا رجعيا / عبد الله الغذامي، أبو تمام شاعر له أكثر من وجه / حسين مردان)، ثانيا: الطاغية والمثقف..من خلال قراءة (بين العلامة د. محمد حسين الأعرجي وعبد الله الغذامي).
والفصل الثاني:الشعوبية و ولاية الناقد الفقيه،وتناول فيه (اولا: الشعوبية: طائفية أم ماذا؟ والعروبية ماذا؟عبد الله الغذامي انموذجا، وثانيا: ولاية الناقد الفقيه).
والفصل الثالث تناول فيه (ثقافة الوهم أم الوهم الثقافي؟، وتضمن البحث في أولا: وهم التأنيث عند الغذامي،ثانيا: الوهم بوصفه حقيقةً !!.
والفصل الرابع تضمن تطبيقات ثقافية، تناول فيه (قمصان يوسف.. يوسفيون بلا زليخات) وتضمن ثلاثة مباحث،الاول: الأنساق المضمرة،والثاني:إشكالية الاعتراف الأخير بين السيرة والرواية، وتناول فيه:إشكالية العنوان و القناع والتحولات الخطيرة في جيل يوسف الصائغ، والثالث: الانساق المضمرة في كتابات ياسين النصير) وتضمن نسق المناورة بين التديّن واليسارية، ونسق الاستغفال (قراءة ثقافية لديون جواد الحطاب).
وجاء في صفحة الاهداء: (إلى من قال لي: يا شقيق روحي، إلى من علمني حرفا وأطلقني حرا إليه صديقـًا، أخـًا، حبيبـًا، جليسـًا وأستاذا قبل ذلك كله وبعده، إلى / أبي هاشم، محمد حسين الأعرجي وفاءً ومغفرة ورحمة.
كما كتب المؤلف مقدمة للكتاب تضمنت جزءين (اما قبل واما بعد)، وقد جاءت (اما قبل) تهكمية عالية، وهو قوله: (إن تكتب وأنت عراقيٌّ فثق أنك من أهل النار في الدنيا وفي الآخرة، وأن تعلن عن موت القارئ ليس انتقاما للمؤلف الذي بقي حيّا رغم اعدامه بقدر ماهو رصد لتدني مستوى القراءة وتخبطها بين المزاجية (والاخوانية ) ؛ فثق أنك من أهل النار في الدنيا وفي الآخرة.. وان تقول: بأن النقد الثقافي عراقي اللون والطعم النكهة وتأتي بشاهدٍ من أهلها ؛ فثق أنك من أهل النار في الدنيا وفي الآخرة.. وأن تقول: إن أسماء وهمية - ما أنزل النقد بها من سلطان - تسيدت المشهد النقدي وهي تمارس نسق استغفال القارئ وتضمر نسق السلطة، وأن تشير إلى أحدهم باسمه وتحدد نسق السلطة عنده ؛ (فثق أنك من أهل النار في الدنيا وفي الآخرة).
اما في (أما بعد)، فقد جاء في بعضها ما يأتي: (فإن ما قيل في (أما قبل) ما هو إلا غيض من فيض، ومازلنا نسير (نحو الأمية)؛ ولقد كان من حسنات أمية بعضنا أنها سمحت لغيرنا أن يشتري منا الثلج ليبيع لنا الماء البارد - على طريقة المثل العراقي الشائع -؛ لذلك وبعد ستة أعوام كان العلامة د. محمد حسين الأعرجي يبني وعي تلميذه الفقير لعلمه - كاتب هذه السطور - حتى اطمئن فاستوى على النبض فغادر الحياة، وبعد تركة على درجة لا تقدر بثمن، من كتب غير صادرة حتى الآن، منها ماسيرى الضوء بعد ترحيب بعض دور النشر - مشكورة - بطبعها وتوزيعها كي تغني المكتبة العراقية والعربية بعد أن تخرج من ملفات حاسوبه و(مسوّدات) أوراقه ليتنفس من نسيمها التواقون لهوائها؛ أقول: بعد هذا كله، وبعد اطلاعي على النقد الثقافي العربي، وجدت أن عليّ أن أسير على درب شيخي وأعيد الابن لأبيه والعلم لأهله وإن كانوا أمواتا، فهم عراقيون وعلمهم حيٌّ يرزق، ونتاجهم الإبداعي ظهر بهذه الهوية).
وقد حاورنا المؤلف الشاعر حسين القاصد حول افكاره التي دونها في كتابه
*كيف قررت ان ريادة النقد للعراق؟ وهل يكفي علي الوردي لذلك؟ ام هناك اخرون؟
- ريادة العراق للنقد الثقافي اعترف بها د. عبد الله الغذامي وان كان اعترافا خجولا، وقد اشرت الى اعترافه في كتابي، والكتاب ليس معنيا بريادة النقد حسب ماورد في سؤالك انما هو معني بريادة النقد الثقافي، اما مايخص الدكتور علي الوردي فهو اول من شخص ظاهرة الخطاب المضمر في كتابه اسطورة الادب الرفيع ثم وقف عند ظاهرة الاخطل ونسق السلطة عنده حين مدح الاخطل معاوية مشيدا بالدين الاسلامي ـ كما مبين في متن كتابي ـ وكان سبب وقوف الدكتور الوردي هو ان الشاعر مسيحي ماعلاقته بخليفة الامويين وبالدين الاسلامي؟ مشخصا بذلك علاقة الشاعر بالسلطة.. نعم هناك اخرون.
- لماذا اطلقت صفة (ولاية الناقد الفقيه)؟
- النقد العربي لم يخرج من طابعه الديني، فدلائل الاعجاز للجرجاني لم تكن من اجل الادب وانما كانت دفاعا عن اعجاز القرآن، وبقي النقد يرتدي العمامة حتى في جامعة بغداد ايام مناقشتي الماجستير حيث كدت اخسره الشهادة بسبب قولي ان ابن الشبل البغدادي ضاع شعره بسبب سلطة فقهاء السلاجقة وبسبب وجود الامام الغزالي وقد اوردت الادلة، لكن من حسن حظي ان كان مشرفي هو العلامة محمد حسين الاعرجي رحمه الله، وقد ايدني بذلك.. وحين نستعرض الشعر العربي ونقده نجد ان لازمة الترضية (رض) تلازم حسان بن ثابت لتصد عنه سهام النقد، ولعنة الردة تلاحق الحطيئة كونه هجا احد الخلفاء، واستمرارا بهذا النهج ترى اسماء النقاد يسبقها دائما كلمة (الامام ) او (الشيخ)، وربما انطلق طه حسين من هذا السبب ليقول ان اللغة العربية لغة دينية.. واذا ابتعدنا عن الدين واعتبرنا الدين هو السلطة او الحكومة نجد الناقد السلطوي مازال قامعا، حتى ان احد المهووسين في العراق دعا الى منهج نقد بعثي!!!
* هل يمكن لشاعر ان يتعرض للنقد فينتقده،بأية ادوات تصديت له؟
- الشاعر هو اول ناقد لنصه، لكني لم اتعامل مع النقد شاعرا، انما دخلت للنقد اكاديميا وقد سبق ان اصدرت كتابا اسمه (الناقد الديني قامعا).
* لماذا اتخذت من عبد الله الغذامي مثالا؟
- وقفت عند الغذامي لانه لم يستطع اخفاء ما نقله عن العراقيين دون الاشارة اليهم، كما انه اتخذ البيئة العراقية طاولة للتشريح الثقافي متناسيا بيئته التي تصلح اكثر، والحديث في الكتاب بتفصيل وأدلة حول ما أخذه الغذامي من حسين مردان وعلي جواد الطاهر، وما سبقه اليه محمد حسين الاعرجي.
* لماذا اعتمدت (الحطاب في مواجهة نصب الحرية) في قراءاتك؟
- لم يكن الحطاب النموذج التطبيقي الوحيد في الكتاب لكني ـ وبشهادة جواد الحطاب نفسه ـ استطعت الوصول الى المضمر في خطاب جواد الحطاب وهو انه ضد نصب الحرية جداااااا، لامثل ماظن الاخرون ومنهم ياسين النصير بأن الحطاب بصدد الاشادة بنصب الحرية وقد نشرت مايخص الحطاب في جريدة المدى.
*لماذا تعمدت ان تضع على الغلاف الاخيرة كلمات تهكمية مؤثرة،لماذا اهتممت بها؟
- الكلمات التي على الغلاف هي جزء من مقدمة الكتاب وهي اشبه بالدافع الاساس الذي جعلني اشرع في البحث في هذا المضمار.
* هل اتيت الى ذكر واقع النقد العربي بشكل عام في كتابك؟ وكيف وجدته؟
- كانت وقفات سريعة لانني لست بصدد النقد الفني انما النقد الثقافي.
* هل تعتقد ان نقادنا يتعاملون من النتاج الادبي وفق مناهج نقدية؟
- الاكاديميون منهم: نعم، وهكذا كان علي جواد الطاهر وعناد غزوان ومحمد حسين الاعرجي، والكثير من اساتذتنا.. ومن خارج الاكاديمية.. يبقى فاضل ثامر ناقدا مميزا، الان ان المنهج الاجتماعي والنفسي والتحليلي مازال مهيمنا على اغلب المشهد النقدي العراقي، لذلك فان ولادة النقد الثقافي في العراق ولادة منطقية كونه ابنا شرعيا للمنهجين الاجتماعي والنفسي
التعليقات