من بغداد:اعلنت جمعية الحفاظ على تراث الرحالة المرحوم ناجي جواد الساعاتي نتائج مسابقتها السنوية الرابعة، فيما ناشدت لجنة الفحص من يهمه الامر الى طبع ونشر النصوص الفائزة لما للمسابقة من اثر في ترصين ادب الرحلات، وتؤكد ملامح المسابقة ان هذا النوع من الادب ما زال يبحث عن مكانة له وسط السرد الادبي اذ ان قلة المشاركات في المسابقة تعكس حالات غيابه عن المشهد الثقافي.
احتفلت اسرة الراحل الساعاتي بتوزيع جوائز مسابقة ادب الرحلات التي اسسها وتبرع بجوائزها السنوية نجله سعد بالتعاون مع الجمعية العراقية لدعم الثقافة وبحضور حشد من الادباء والمثقفين والاعلاميين الذين احتضنتهم قاعة الجواهري في اتحاد الادباء، وقدم للاحتفالية الكاتب توفيق التميمي عضو لجن الفحص الذي اعلن عن جائزتي المسابقة / حيث كان الفائز بالجائزة الاولى الكاتب والروائي ابراهيم سليمان نادر من محافظة نينوى عن مخطوطته (سندريللا بلون الشقائق) وقيمتها 700 دولار اميركي، فيما كان الفائز بالجائز الثانية الكاتب والروائي حسن البحار عن مخطوطته (رحلة ابن البحار) وقيمتها 500 دولار.
وأوضح التميمي: لقد تقدمت الى المنافسة في الدورة الحالية خمسة نصوص تنافس منها اربعة على الجائزتين الاولى والثانية واستبعد نص واحد لعدم التزامه بأحد شروط المسابقة الذي يتعلق بعدد الكلمات المطلوبة، وبعد الفحص الدقيق لتلك النصوص الاربعة قرر لجنة الفحص بالاجماع اعلان جائزتي المسابقة، حيث ان النص الاول يروي رحلة عجائبية ساحرة الى تركيا وجبال ازمير وجزيرة قبرص، فيما النص الثاني يروي مغامرات في البحر.
وقرأ التميمي في بدء الاحتفالية رسالة من سعد ناجي نجل الراحل الساعاتي الذي غاب عن الاحتفالية لظروفه الخاصة، جاء فيها: ان النجاح الذي احرزته الجائزة وسعة انتشارها هو ما جعلنا نصر على الاستمرار فيها وهذا الامر لم يكن ممكنا لولا دعم الادباء والمثقفين لها، في حديث لوالدي مع احدى الممرضات التي كانت ترعاه في المستشفى بأيامه الاخيرة، وقد سألته: ماذا تعمل؟ فأجاب: كنت تاجرا وكاتبا، فقالت: وهل نشرت شيئا؟ قال: 17 كتابا معظمها في ادب الرحلات، فتعجبت وقالت: وكيف هذا؟ فقال: انه امر بسيط، ما عليك الا ان تدوني ما تشاهدين وتبحثين عن الحقائق الاخرى في الكتب، وهذا لعمري جوهر فلسفة ادب الرحلات.
واضاف: لقد نجح المرحوم الوالد في ارساء هذا الادب في العراق والوطن العربي ٍ بفضل كتاباته التي صورت للقاريء،بصورة دقيقة وشفافة،الاماكن والدول التي زارها من خلال رحلاته الكثيرة، فمنذ كتابه الاول عن الهند وانتهاء بكتابه الاخير عن جزر نيوزيلاند، مرورا بالاندلس والمغرب العربي وبغداد الحبيبة الى قلبه بالاضافة الى المقالات الكثيرة التي كتبها في الصحف في هذا المجال، استطاع ان يصور الحياة والعادات والتقاليد والطبيعة في هذه الدول جميعا، وقد تبقت لديه مخطوطتان عن زيارتين مهمتين، الاولى للاتحاد السوفيتي السابق والثاني للولايات المتحدة الاميركية، لم يسعفه القدر المرض الذي ألم به كي يكملهما وينشرهما.
وتابع: لعل من عرف المرحوم الوالد عن قرب وخالطه في حياته شعر بالقرب منه لاسباب كثيرة لعل اهمها دفأه وبساطته وتفانيه في خدمة اصدقائه والمقربين منه، وهو امر سبب له المعاناة في بعض الاحيان، وكان سريعا ما يتغافل عنها بكرم التسامح، وفوق كل ذلك فإنه تميز بحبه العظيم لبغداد والعراق الذي ظل يتحسر على فراقهما طوال ايامه الاخير في الغربة وبروح الدعابة فيه وبتواضعه الجم الذي جعل دائرة اصدقائه تتسع الى ابعد الحدود، وهو امر لازلنا نحن ابنائه وحتى احفاده ننعم بفوائده المعنوية الكثيرة.
وختم بالقول: اعدكم ان هذا التقليد سيستمر طالما اعطانا الله الحياة وكانت لنا القدرة على ادامته.
اما الكاتب والمؤرخ يعقوب افرام منصور فقال: صداقتي بالمرحوم الاستاذ ناجي جواد الساعاتي تعود الى السبعينيات من القرن الماضي، ولا زلت اتذكر رغبة المرحوم ناجي مع الموسيقار سلمان شكر،عازف العود المشهور، حين شرفاني بزيارة الى بيتي،وهناك عزفت لهما شيئا من مؤلفاتي الموسيقية كما اسمعنا الاستاذ سلمان شكر رحمه الله شيئا من عزفه المبدع، وقد سجلنا هذه الحفلة على كاسيت وأعتقد انني اهديت الى الاستاذ ناجي نسختين من الكاسيت الذي يحوي الاحاديث والذكريات والنكات والعزف المسجل لكلينا، ولا ادري اين صار مصير هاتين النسختين.
وقرأ توفيق التميمي التقرير الخاص بالدورة الرابعة للمسابقة فقال: تزامنا مع الذكرى السنوية الخامسة لرحيل رائد ادب الرحلات في العراق ناجي جواد الساعاتي نحتفل بالدورة الرابعة لمسابقة ادب الرحلات وبأول جائزة عراقية من نوعها في تاريخ الثقافة العراقية المعاصرة، اشرفت عليها لجنة الحفاظ على تراث الراحل الساعاتي وبالتعاون كما في السنوات الثلاث الاخيرة مع الجمعية العراقية لدعم الثقافة في العراق، وتمكنت هذه المسابقة من تسجيل حضور ثقافي واعلامي مكنها من استقطاب مواهب وطاقات عراقية وعربية في مجال ادب الرحلات الذي ارسى ريادته الاولى الراحل ناجي الساعاتي ولا يمكن ان نغفل جهود الاديب الراحل محمد شمسي في هذا المجال ونزعم ان المسابقة خلال هذه السنوات حققت ما يصبو اليه صاحب الجائزة من تعزيز مكانة هذا الادب وتشجيعه جنبا الى جنب مع بقية صنوف السرد المتعارف عليها، وهي اهم الغايات التي ترمي المسابقة لتحقيقها.
واضاف: المسابقة تناشد الجمعيات الثقافية لطبع المخطوطات الفائزة على الاقل لتعزيز هذه الثقافة داخل السرد العراقي، لما لها من اثر كبير في ترصين المطبوع العراقي في مجال ادب الرحلات ومواصلة الاثر الكبير الذي تركه صاحب الجائزة.
اما الفائز بالجائزة الاولى ابراهيم سليمان نادر، فقد قال لـ (ايلاف): انا سعيد جدا بهذا الفوز المبارك في هذه المسابقة الجميلة للمرحوم الرحالة الاسدي ناجي الساعاتي، ويا حبذا ان تتحول هذه الجائزة من عراقية الى عربية وان تتبنى دار الشؤون الثقافية العامة طباعة النتاجات وتوزيعها ونشرها، فالعراق فيه رحالة عظام، منهم من طمرهم التاريخ، وكل التحية لاسرة الراحل الساعاتي الابناء والاحفاد البررة الذين جسدوا ذكرى عميد الاسرة لتبقى الجائزة خالدة.
واضاف: نصي الفائز يتضمن رحلة وجولة الى معالم تركيا وطرقت عدة اماكن ثم انتقلت الى قبرص، والذي يشدني الى قبرص ان الصحابية الجليلة ام حرام بنت ملحان التي بشرها النبي عليه الصلاة والسلام بالشهادة ولقبت بشهيدة البحر،وقد استشهدت في قبرص ولها مقام يسمونه قبر المرأة الصالحة، وانا اتقن اللغة التركية فلذلك استطعت التواصل.
وتابع: لاول مرة اشارك في المسابقة ولكن لدي مؤلفات عديدة نشر بعضها في القاهرة وسورية ولبنان وهناك مجاميع قصصية ايضا.
يذكر أن فعاليات الجائزة في دورتها الأولى انطلقت بتاريخ 18 آيار/ مايو 2010 على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد العام للادباء والكتاب، وفاز بجائزتها الأولى مناصفة كل من الكاتب والإعلامي توفيق التميمي عن مخطوطته (مقاربات الأمكنة ) والقاص والروائي محمد سعدون السباهي عن مخطوطته ( رحلة إلى بومباي)،وفاز بالجائزة الأولى بدورتها الثانية الباحث والكاتب شاكر لعيبي عن مخطوطته (تحقيق رحلة أبي دلف الثانية) وفاز بجائزتها الثانية الكاتب نعيم عبد مهلهل عن مخطوطته (أيام سومرية في طنجة)، أما في الدورة الثالثة فقد فاز بالجائزة الأولى مناصفة كل من الشاعر صادق الطريحي عن مخطوطته (رحلة السواد) والشاعر صلاح حسن عن مخطوطته (من بغداد حتى حوض الكاريبي) في حين حصل على الجائزة الثانية الكاتب خضير فليح الزيدي عن مخطوطته (الباب الشرقي).
التعليقات