سيدني: يحتضن المعرض الذي يقام في العاصمة الإسبانية مدريد، وتحت عنوان quot;ميادين اللعبquot;، تحف ألبرتو جياكوميتي الفنية، إبتداءاً من أعماله السوريالية وحتى شخوصه العملاقة في ميدان بنك تشيس مانهاتن في نيويورك.
وتستضيف صالة مؤسسة مابفري في العاصمة الإسبانية مدريد، خلال الفترة من 13 يونيو/ حزيران الجاري وحتى 4 أغسطس/ آب المقبل، معرضاً إستعادياً لعبقري الفن في القرن العشرين ألبرتو جياكوميتي (ستامبا، سويسرا، 1901 ndash; شور، سويسرا، 1966)، ويضمُّ جميع إبداعاته الفنية، إبتداءاً من أعماله السوريالية الأولى وحتى شخوصه في أحجامها الكبيرة مثل quot;الرجل السائرquot;، وquot;إمرأة كبيرة واقفةquot;، والتي كانت مخصصة في البداية لميدان بنك تشيس مانهاتن في نيويورك.
ويشكّل الصراع الأبدي بين الرجل والمرأة المحور الذي تدور حوله جلّ أعمال ألبرتو جياكوميتي، رغم أن النحات والرسام السويسري المعروف إنشغل في تقديم شخوصه في هيئة أشكالٍ صغيرة من البرونز، ليس كقطعٍ منعزلة عن غيرها، بل في صورة فضاءٍ مفتوح على جميع التجارب.
وهذا المعرض الذي ساهمت في تنظيمه مؤسسة مابفرن وهامبورغر كانسثيل في هامبورغ، توزرعت القطع الفنية فيه، والتي يبلغ عددها 190 تحفة فنية على صالتين ، تتراوح ما بين منحوتاتٍ ورسومٍ ومحفوراتٍ وأعمالٍ جصيّة وصورٍ فوتوغرافية، تمّ جمعها من 32 مؤسسة دولية، تهتم بجمع التحف الفنية، منها عامة ومنها خاصة، مثل كونسثاوس زيورخ، ومعرض واشنطن الوطني، ومتحف الفن الحديث في نيويورك، وتيت للفنون في لندن، وومرز جورج بومبيدو.
ويؤكد كل من المشرفة على المعرض آنابيل جورجن ndash; لاميرس، ومدير المعهد الثقافي التابع لمؤسسة مابفري أن quot;الصراع الأزلي بين الرجل والمراة يحوم في كل مكانٍ من المعرض، إبتداءاً من المراحل المبكرة ومنحوتات جياكوميتي السوريالية الهشّة، بما تحمله من تأثيرات واضحة من الثقافات الأفريقية والأوقيانية، وحتى أعماله الأخيرةquot;.
ومن القطع الفنية التي تعود إلى مرحلة البدايات رؤوس شخوصه المسطحة، كما في quot;رأس محدّقquot;، وكائنات من دون قاعدة تمثال، مصممة للعب معها، أو منحوتاته الأفقية في بدايات أعوام الثلاثينات، مصممة كنماذج للأماكن، مثل quot;نموذج لساحةquot;.
وعقب الحرب العالمية الثانية، يغيّر جياكوميتي إسلوبه جذرياً، بحيث أصبحت منحوتاته تحتضن كائنات منكمشة على نفسها، يستعيدها عبر ذاكرته، مستعيناً بالبرونز لإعادة خلقها من جديد، والتي يقدمها المعرض على لوحات من البرونز مصممة كأماكن حضرية، ومساحاتٍ طبيعية.
ومن منحوتات ألبرتو جياكوميتي الفنية والتي تنتمي إلى تلك المرحلة، وحققت رقماً قياسياً بعدما تمّ بيعها مقابل مبلغ 104.3 مليون دولار، التمثال الذي يحمل إسم quot;الرجل السائرquot;.
ويضمُّ المعرض كذلك، المشغل الصغير الخاص بجياكوميتي والذي تبلغ مساحته 18 متر مربع، ويقع في مجمع مونت برناس، حيث يشغل غرفة منفصلة بالأبعاد الأصلية ذاتها، في محاولة لإستعادة تلك الفضاءات المادية والعقلية كما صوّرها جياكوميتي.
كان الرسام والنحات السويسري يقول عن الحيّز الصغير الذي كان يشغله أنه بمثابة ملعب حقيقي يتسلى فيه، والمكان الذي يتفاعل فيه الفن والحياة التي تلخص نظرة الفضاءات والأمكنة التي تأوي كل شئ.
وقد إحتوى المشغل المعروض على صورٍ فوتوغرافية يظهر في بعضها جياكوميتي، في حين يغيب عن أخرى. ومن بين العديد من أصدقاء الفنان المعروضة صورهم روبرت دويسنو، وإرنست شيديجير. وبالإضافة إلى الصور الفوتوغرافية هذه، هناك أخرى غير معروضة، يظهر فيها هنري كارتييه-بريسون، ووفرمان إرهارد، وباتريسيا ماتيس.
وكان جياكوميتي قد إتخذ من زوجته آنيت وشقيقه دييغو نماذج لأغلب أعماله، حيث كانت زوجته موضوع العديد من تماثيله النصفية ولوحاته الزيتية، وكذلك الحال بالنسبة لشقيقه الذي لم يكن يفارقه في جميع نشاطاته وأعماله الفنية.
وآخر التحف الفنية المعروضة التي كان إبتكرها جياكوميتي تتجلّى في التمثالين البرونزيين من الحجم الكبير، وهما quot;الرجل السائرquot;، وquot;إمرأة كبيرة واقفةquot;، والتي كانت مخصصة، في بادئ الأمر، لبنك تشيس مانهاتن في نيويورك، حلم الفنان الممتد لأكثر من ثلاثين عاماً، والذي لم يتحقق في النهاية، لأسباب تتعلق بعدم توافق أحجامهما مع المساحة المخصصة لهما.