بغداد: يعيش الفنان التشكيلي العراقي الكبير نوري الراوي (89 عاما) اياما صعبة جدا، حالته يرثى لها بمعنى الكلمة، الصحية والنفسية،فهو لا يقوى على الحركة بسبب تورم رجليه الى حد ان شكلهما يشعر الناظر بالرعب، ولا يعرف كيف يتصرف بقدر انه حين يشكو مما هو فيه لا يفكر في ان تصبح شكواه دعوة للحكومة بالتدخل من اجله.
زارت (ايلاف) صباح الاثنين الفنان التشكيلي الكبير نوري الراوي في داره في منطقة الحارثية ببغداد، وقد بلغت حالته الصحية حالة الاسى، فهو يعاني من عذابات مختلفة، جسدية ونفسية، فبالاضافة الى سوء حالته الصحية فهو يعاني الوحدة والعزلة، وبصراحة.. لا يمكن السكوت على هذا الوضع الذي هو فيه، لا يمكن لاحد ان يتعرف عن قرب على حالة الراوي ان يقبل مثل هذا؟ بل من الممكن القول ان مشاهدة الاورام في رجليه مما تقشعر لها الابدان، ومن الممكن ان يتساءل الناظر كيف يمكن لهذا الشيخ ان يحتمل كل هذا ؟.
انه رمز من رموز العراق المعاصر، انه لا يبحث عن شيء الان سوى الراحة،يعيش في شيخوخة ويحتاج الى الراحة التامة، يحتاج الى ان لا يتوجع، انه يقول بألم ممض:(شوفوا اي حل)، والحل ان تلتفت اليه الدولة التفاتة معبرة وينقل الى مستشفى خاص ويحظى بعناية خاصة لمدة معينة من اجل ان يرتاح فقط وينام ليله هانئا.
سأنقل بعض ما قاله نوري الراوي عن معاناته الصحية وعذاباته:
قال لي: اعاني من التهابات في المجاري البولية،اعاني من مرارات عديدة، لا استطيع المشي، (بالدوب) استطيع اذهب لاغسل يديّ، والامراض تتراكم عليّ، لدى اورام في القدمين والساقين (شاهدتها كانت مما تقشعر لها الابدان حين الورم كبير وفيه تشققات)، منذ سنتين وهي هكذا، ذهبت الى طبيب اعطاني ادوية ولكنني لم اشعر انها تصل الى درجة تخفف بها هذه الاورام والالام، يقال ان الاورام بسبب التهابات في الكلى، رجلاي توجعانني جدا، قبل سنتين بدأ الورم وكان هنا طبيب راجعته فأعطاني علاجا كان الورم يخف به، ولكن لا اعرف اين ذهب الطبيب هذا، لذلك حالتي تحتاج الى اطباء مختصين،قال اخذني المصور الفوتوغرافي حسين المليجي الى مستشفى مدينة الطب، وضعوني في الطابق 11،ويبدو انها بالاسم جيدة فقط، لان حتى السرير منخفض جدا والحمامات مختلطة، ثم اخذني الى مستشفى اليرموك،ما ان اراد المضمد ان يأخذ مني الدم، سحب الحقنة فأذا بيدي تمتليء بالدم، والذباب (اكلني)، فكيف ينام هناك مريض ؟ لا اعرف.
واضاف: هناك امكانية اخرى ان اسافر الى عمان التي فيها مجاميع من الاطباء، ويمكن ان يساعدني وضعي اذا ما كان معي احد يساعدني لا اكثر ولا اقل، ومن الممكن ان ادفع انا كل التكاليف، فأنا لدي ولدان، احدهما في فرنسا والاخر في اميركا، وهذه هي مصيبتي، فأنا وحيد هنا، والمفروض ان يكونا هنا للاعتناء بي، ليس لدي الان سوى ابنتي وحتى هي تشكو من الالام في الظهر، وتعاني المر معي، من اجل ان ترتب لي بعض الاشياء وتعطيني الاكل، وتأخذني للعيادة، مثلا قبل يومين ذهبت الى الحمام لاغسل رجليّ واذا بي انزلق واسقط على الارض جعلتني اصيح صيحة قوية، فجاءتني وحاولت ان ترفعني من الارض فما استطاعت، فحاولت ان اتكيء على (ركباتي) ولكن يديّ تنزلقان على الارض، فصارت حالة مؤلمة، ومرت 20 دقيقة الى ان استطاعت ان توصلني خارج الباب (تسحلني) ومن ثم امسك بالكنبة (القنفة) لانهض قليلا واجلس، كانت وقعة صعبة ولو كنت وحدي لما كنت اعرف ماذا سيحدث لي،هذه حالة غير اعتيادية يا امة محمد، فأنا لست الان في وضع يسمح لي بمراجعة اطباء، فليست عندي هكذا قابلية بعد، لا قدرة جسدية ولا نفسية، وادخل في هذا الامتحان الصعب.
وتابع: اما في الليل فلا انام، عندي كعب قدمي (يصلّ) بردا طيلة الليل، فأينما اضع رجلي فالالم موجود ولا استطيع ان ارتدي جواريب لانها تتسبب في الضغط على الاورام فتؤلمني ايضا، واحيانا اضعها على مخدة ولكن لا يفيد، تظل توجعني فلا استطيع ان انام، فأبقى ساهرا حتى الصباح، ولا استطيع ان انام في النهار فأنا اخشى من نومة النهار في ان تحرمني من اي اغفاءة ربما اغفوها في الليل تكون مدتها ما بين 20 ndash; 50 دقيقة.

* خلال الزيارة اجريت حوارا موسعا مع الفنان نوري الراوي تناولنا فيه ذكريات في حياته سننشره لاحقا ان شاء الله