بغداد:صدرت للشاعر العراقي حسين علي يونس، عن دار quot;مخطوطاتquot;، في هولندا، مجموعته الشعرية التي تحمل عنوان quot;أمل يمرquot;، تضمنت نصوصا قصيرة ومكثفة موزعة على 77 صفحة، قام بتصميم الغلاف الفنان العراقي ناصر مؤنس.
أهدى الشاعر مجموعته إلى الشاعر العراقي الراحل (جان دمو)، زميله وصديقه بقوله quot;الى جان دمو حيًا وميتًاquot;، فيما قدمها باقتباسين أحدهما للشاعر والناقد الأرجنتيني quot;بورخسquot;، والآخر للكاتب والفيلسوف الهندي كريشنامورتي، وجاءت معظم نصوص المجموعة دون ان تحمل اية عناوين تعكس مضامينها، إذْ عمد الشاعر في الاغلب إلى وضع مفردة quot; قصيدةquot; أو quot;شذرةquot;، كعنوان ثابت لكل نص في المجموعة، وهذا ما تعمده الشاعر لكي يكون المتن امام القاريء دون ان يربكه العنوان، مؤكدا ان تعمد ايضا ان يجعل النصوص قصيرة جدا لانه يؤمن ان كتابة القصائد الطويلة المليئة بالحشو والتكرار والزوائد تعطل مسيرة قصيدة النثر السائرة بقوة نحو كمالها.
ومن اجل عرض الكتاب بشكل افضل ويمنح القاريء معلومات اكثر عنه، حاورنا الشاعر حسين علي يونس الذي اجاب عن اسئلتنا بصراحة.
*لماذا ما زلت تكتب نصوصا قصيرة ومكثفة،هل تواكب عصر السرعة ان (نفسك) الشعري ليس طويلا ام ماذا؟
-ان مايميز قصيدة النثر ان تكون قصيرة بإمتياز تلك احدى شروط الكتابة في هذا الجنس الذي يصيبه الاطناب في مقتل، ان كتابة القصائد الطويلة المليئة بالحشو والتكرار والزوائد تعطل مسيرة قصيدة النثر السائرة بقوة نحو كمالها اقول هذا رغم انني كتبت الكثير من القصائد الطويلة في (حكايات ومرائر ) و (خزائن الليل) ومجموعتي الاخيرة (طرت فوق الزمن )التي ستصدر بعد اسابيع عن الجمل ايضا لقد تجنبت في تلك القصائد الحشو الى اقصى حد والاطناب والتكرار ومثلما ترى فإن تحقيق هذا الشرط يظل صعبا في الحقيقة ان القصيدة الطويلة مضادة لقصيدة النثر مثلما وضح بودلير وبو من قبل لقد تغير شكل الحياة ونحن بحاجة الى استثمار وقتنا الذي يضيق بمرور الوقت لم تعد القراءة الهاجس الاول عند الانسان في زماننا و لدى القارئ الان بعد ان زحفت السينما والتلفزيون والمسرح والانترنت الى حياتنا ..الخ.

*لما اهديت الكتاب الى (جان دمو جيا وميتا) ماذا اردت ان تقول بالضبط؟
-ان اهداء مجموعة الى شخص مثل جان ربطتني به صداقة لسنوات اعتقد انها قليلة بحقه، لقد كان رجلا ودودا حي الضمير اجدني مدينا له بشكل دائم لهذا كتبت روايتي السوريالية يوميات صعلوك بوحي منه الجزء الاول الذي صدر عن دار نون والجزء الثاني الذي دفعته الى دار الجمل قبل شهرين اعتقد ان رد الدين لأولئك الذين مروا في حياتنا وتركوا بصمة فيها من الاشياء التي يجب ان نحرص عليها دائما، ان الجحود سمة ضد الشعر وهي صفة غير انسانية وبغيضة رغم وجودها على الارض مارسها بعض الذين وقفت معهم وكنت خير مرشد وساند في بداياتهم لكنهم اساءوا رد ذلك الدين وهكذا لقد ردوا لي الدين عكسيا هذا يحدث غالبا مع شديد الاسف لقد وقف جان معي في بداياتي وكان خير مرشد وناصح تعلمت الكثير منه وقد ذكرت هذا كله في كتابي الذي سيصدر بعد ايام قليلة ( جان دمو التركة والحياة) الذي جمعت فيه نتاجه يضا وهكذا ترى انني لست جاحدا، لقد خدمت اصدقائي دائما وفي احلك الاوقات.

* هل اصرارك على (جان دمو) تأكيدا على (الصعلكة في الشعر) ام لاسباب ذاتية خاصة؟
- ان ما هو ذاتي يرتبط بما هو موضوعي، لقد كتبت كتابا عن حياة جان وشعره وهذا يمس حياة جان كشخص من اجل ذاته وكتبت رواية عن عالم عشناه وكان جان جزء منه اما (امل يمر) فينتمي لي، لقد اردت ان اقول ان الاثر لن يزول وانه لا يقل صلابة عن اي اثر يتواجد مسطح المحايثة.

*قدمت الكتاب بأقتباسين أحدهما للشاعر والناقد الأرجنتيني quot;بورخسquot;، والآخر للكاتب والفيلسوف الهندي quot;كريشنامورتي؟ لماذا؟ وهل كان ذلك عفويا؟
-في الحقيقة لقد تطابقت مقولة كريشنا وجملة بورخس مع مافكرت به وانا اكتب مجموعتي امل يمر ، لقد فكرت بفحوى ماتحمله هاتان الجملتان ولهذا استعنت بهما في ماقدمته من نصوص شعرية في توضيح لتلك النصوص التي قد تكون مبهمة، انت تعرف ان كتابة النثر المباشر تختلف عن كتابة الشعر الملغز وهكذا وجدت انهما يخدماني او على الاصح يوضحان مايمكن ان يكون مغلفا.

* لماذا جاءت بعض النصوص تحت عنوان quot;قصيدةquot; أو quot;شذرة؟
-عادة ما يثقل العنوان على النص خاصة فيما يخصني، لقد تعودت ان تكون الكلمة الاولى او الجملة الاولى جزءا من النص، ان القارئ الذي لا يولي العنوان كثير اهمية سيكتشف ان النصوص مبتورة وهذا سيخذله اما القارئ الذي يولي الكثير من الاهمية للهامش، فهو سيد القراء حتما لهذا تعودت ان اضع شعري في الهامش واحيانا ادعه في المتن انه نوع من السلوك الذي يراودني واتماها معه، لا اتقيد غالبا بمفردة قصيدة او نص، اغير في طرق وضع العناوين من اجل قتل الروتين غالبا ومن اجل منح النصوص شيئا من التلغيز، يظل العنوان مدخل للنصوص يوجد من يفتحون ابوابهم ويوجد من يغلقونها

* ما المغزى من عنوانك (امل يمر)،هل تراه سلبا ام ايجابا؟
- كل شيء في حياتنا عبارة عن وجه وقفا، هو سالب وموجب، لايمكن ان نفصل الضد عن نقيضه، يبدو ان هذه سمة من سمات الكون التي لا تتغير بمرور القرون، امل يمر يرمز الى حياتنا في الوقت الحاضر وحياتنا التي اصبحت في كبد الغيب ايضا، لقد عانينا كثيرا من ظلم الدكتاتوريات التي اغرقتنا بالفقر والمرض والتخلف وعندما اصبح كل شيء ممكنا بعد شروق ربيع الثورات العربية اتضح لنا ان الامور سارت باتجاه مختلف لقد تخلصت مجتمعاتنا من دكتاتوريات مرعبة ووجدنا انفسنا في ظل دكتاتوريات اشد قسوة واشمل فتكا بالانسان ومصادرة حلمه بالعدالة التي كانت ممكنة في ظل انظمة علمانية اصبحت جزءا من الماضي مع فساد تلك الانظمة، لقد قتل الصراع الديني والمذهبي والقومي كل طموحاتنا في مجتمعات مدنية تضمن للانسان حقوقه وكرامته، اعتقد اننا سنعاني كثيرا لقد كانت الانظمة الدكتاتورية رغم قذارتها صمام امان للاقليات على اقل تقدير وساوت بتوزيع ظلمها للجميع دون تمييز في الواقع لقد نزل الانسان الى دون مستوى خطابه وهذا شيء مؤسف حقا، لقد املنا بعصر تنوير في نهاية عصر التنوير وهانحن حصلنا على كومة هائلة من الغائط.

* ماذا هذه النظرات البائسة لحياة في قصائدك والشعور بالكراهية او الخذلان؟
-كل شيء يتارجح بين المتضادات وهكذا ترى ان حياتنا تسير غالبا نحو نهايات متعارضة، وهذا ما يسبب لنا التعاسة وخيبات الامل التي نكرف منها دون كل شعوب الارض منذ قرون سحيقة، هكذا تعكس النصوص واقعا حتى عندما لا ينتمي هذا الواقع الى شروطه، ثمة كراهية وخيبات امل تعم عالمنا وتزحف عليه بقوة قوية، وبالتالي سيكون تجاوزنا لهذا الواقع خيانة وقصر نظر.

*الم تغيرك السنين فتمنح نفسك املا يتجدد؟
في الواقع لقد كنا فيما مضى اكثر املا لقد كان لدينا امل نراهن عليه ولقد فقدنا هذا الامل اخيرا. -

بعض من قصائد المجموعة:

قصيدة:
على الجسر يلمع درهم
تحته
تكدح الحياة

قصيدة:
المياه
الاسيرة
عبرت عين قلب الارض

قصيدة:
لقد تحررنا
لكن قلبك
ايتها الحياة
جر زمنا هائلا من القحط..

قصيدة:
كندى الشتاء انتظرتك

قصيدة :
العصور انطوت عبر ثقوب ناياتها