بغداد من عبيدة عامر: ضمن عروض أفلام بغداد عاصمة الثقافة سوف يفتتح عرض فيلم "بغداد خارج بغداد" للسينمائي قاسم& حول وذلك في صالة دائرة السينما والمسرح، وذلك ظهر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من هذا الشهر فبراير. الفيلم هو قراءة لغربة الثقافة العراقية في وطنها قبل وبعد تأسيس الدولة العراقية ونشأة الثقافة العراقية المعاصرة وسط زخم الشعر والغناء.
جمهور السينما في العراق متشوق لمشاهدة هذه التجربة الثقافية في مسيرة السينما العراقية.
يقع الفيلم في تسعين دقيقة وهو فيلم روائي طويل تم تصويره بين بغداد ومدينة الناصرية وهور الجبايش. شارك في الفيلم نخبة كبيرة من ممثلات وممثلي العراق من بغداد والبصرة والناصرية. 37 ممثل وممثلة في 21 موقع تصوير متنوع أرخت لحقبة هامة من تاريخ العراق الثقافي.
الأفلام العراقية التي تم تصويرها خلال عام 2013 عام الثقافة العراقية في بغداد تعرض ظهراً لأسباب تساءل الكثيرون عن سبب هذا التوقيت الذي لا يتيح للكثيرين الذهاب لمشاهدة الأفلام. فالناس أما في أعمالهم أو هم في فترة الغداء والقيلولة. يجيب المسؤولون في دائرة السينما والمسرح أن إختيار فترة الظهيرة للعرض تعود إلى الجانب الأمني حيث الناس تركن إلى بيوتها مساء تحاشيا من المفخخات والمتفجرات. مع ذلك فالناس في توق لمشاهدة السينما، تلك السينما التي لها تقاليد في وجدان الشعب العراقي. الجميع لا يزال يتذكر صالة سينما الخيام ساحرة الجمال وسينما غرناطة وأطلس وبابل وسينما الوطني والحمراء والرشيد وسينما غازي وأفلام المجتمع الأمريكي وأفلام الواقعية الإيطالية والأفلام المصرية وأبي فوق الشجرة.
لم يعد لتلك الصالات وجود بل تحولت إلى مخازن للصناعات البلاستيكية والبضائع التي نفذت مدة صلاحيتها مختومة بتواريخ مزورة يمرض بسببها الناس ويموتون وكل يوم تسمعنا وزارة الصحة ووزارة التجارة اخبار تلك الكوارث ومع ذلك نجد الناس يذهبون ظهرا لمشاهدة الأفلام العراقية.
ماذا يعني ذلك؟ ذلك يعني توق الناس لمشاهدة السينما العراقية.
هذه التظاهرة مهما إختلفت الآراء بصددها فهي مثل ظاهرة شارع المتنبي الثقافية، ولكن ليس على أرض ألواقع بل على شاشة السينما.
يتساءل البعض هل أن العروض على شاشة سينما دائرة السينما والمسرح هي عروض نظامية؟ بمعنى هل مستوى الصورة ومستوى الصوت يحقق القياسية في العرض؟ الجواب سلبا لأن الصالة هي صالة مسرحية. كان الناس يتوقون لو أبقت لهم الحرب صالة واحدة يسعدون بمشاهدة الأفلام فيها. أن تكون لوزارة الثقافة صالة سينمائية مثل بقية العالم، فكل وزارات الثقافة في العالم تمتلك صالة سينمائية ثقافية خاصة بها. في النمسا على سبيل المثال قد أختارت وزارة الثقافة أجمل الصالات ذات الأهمية التاريخية في العاصمة فينا لتكون ملتقى ثقافيا سينمائيا. وفي مصر إختارت وزارة الثقافة دار الأوبرا وفيها صالة سينمائية أقيم بها مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام.
كنا ننتظر أن يحضر المخرج قاسم حول إفتتاح فيلمه بغداد خارج بغداد لكنه قال لنا في جواب عبر بريده الإلكتروني:
-&للأسف لا توجد تقاليد سينمائية في العراق. ليس مهما حضوري من هولندا لأن بلادنا الفقيرة بخزين النفط لا تقوى على شراء تذكرة طائرة للمخرج ولا إستئجار غرفة في الأوتيل لثلاثة أيام ففنادق الدرجة الأولى محجوزة لأصحاب الصفقات التجارية والمقاولين وفنادق الدرجة الثانية والثالثة تسودها مخاوف الخطف! ليس ضروريا حضور المخرج ولكن في الأقل أن يصعد الممثلون على المسرح ويقولون لجمهورهم السلام عليكم.
كنت أتمنى أن يكون المهرجان متسما بالحرفية وبتقاليد العروض وباقات الزهور الطبيعية وليست تلك المصنعة من الورق، ورود ورقية لا ينعش وريقاتها الندى.
شيء مؤسف طبعا .. الناس يحبون الثقافة ولكن الدولة لا تحبها ولا تريدها، ولذلك ألقي بها ظهراً وقت ما ينام الناس قيلولتهم أو كيثورتهم.
حقيقة هذا هو موضوع فيلمي "بغداد خارج بغداد" هو رسالة حنان وحزن على وطن أخاف عليه وعلى ثقافته، ولذا إنطلقت في فكرته من خوف كلكامش بعد موت صديقه إنكيدو ورحلته حيا من التاريخ السومري ليعمل بلاما في نهر دجلة يقوم بنقل الرصافي والزهاوي وحتى سيدوري بين الكرخ والرصافة.
حكاية بغداد خارج بغداد مخيلة فيها الكثير من رومانسية التأمل ودموع الفرح وحزن الأبتسامات.
وثقت حقبة من زمن الوطن .. حقبة هامة لا يزال الكثيرون يتوقون إليها. قمت بما ينبغي علي القيام به، وما تبقى .. لكم!
&