بغداد:&رحلت عن الدنيا المخرجة المسرحية العراقية المعروفة منتهى محمد رحيم،الرائدة في مسرح الطفل العراقي وزوجة الفنان حمودي الحارثي، بعد صراع طويل مع المرض في مستشفى مدينة لايدن الهولندية .
&&& والمخرجة الفنانة منتهى محمد رحيم، التي لا يمكن لاحد ان يذكر مسرح الطفل دون ان يحضر اسمها بقوة ويشار اليها بالتميز والابداع والمهارة،اهتمت بشكل خاص بمسرح الطفل منذ بداياتها اواسط السبعينيات وبعد تخرجها من كلية الفنون الجميلة، على الرغم من تجاربها مع مسرح الكبار، وقد تخرج من بين يديها العديد من الفنانين الذين اخذوا مكانتهم في الفن العراقي بعد ان احتضنتهم في مسرح الطفل الذي نجحت فيه وكانت احدى علاماته الفنية الشاخصة عراقيا وعربيا، وبقيت في الساحة الفنية تعمل بجهود واضحة وحققت من خلال مسرح الطفل نجاحا كبيرا،وقد عانت الراحلة كثيرا لاسيما في التسعينيات بعد لجوء زوجها الحارثي الى اوربا وحين داهمها المرض الذي كان قاسيا عليها ومحالات التضييق عليها حيث غابت عن الاعلام وممارسة الاعمال الفنية، لكنها التحقت بزوجها الفنان حمودي الحارثي في هولندا& عام 2002 بعد ان امضت سنة واحدة في سورية، وكانت طوال اكثر من عشر سنوات عاطلة عن العمل بسبب عدم توفر الامكانات الخاصة بمسرح الطفل والمرض وغائبة عن الوسط الفني مجبرة، وعادت الى بغداد عام 2009 بعد غياب لسبع سنوات في الغربة وطلبت اعادة تعيينها لكن دائرتها السينما والمسرح رفضت اعادتها مثلما اعادت المفصولين الذين يشبهون حالتها، وهي التي مشهود لها بالمثابرة وكونها المخرجة الوحيدة للاطفال وقد نالت الماجستير بدراسة مهمة& عن مسرح الطفل،فعادت ادراجها الى هولندا كئيبة محبطة .
&&&& كان اخر عمل لها& للكبار سنة 1989 بعنوان (الاشواك) للكاتب الكبير محي الدين زنكنة، قدمته في مسرح الرشيد وعرض في مهرجان المسرح العربي الذي اقيم انذاك في بغداد، وحاز العمل على خمس جوائز: افضل نص وافضل ممثلة اولى (ليلى محمد) وافضل ممثل ثاني(رضا ذياب) والانارة والتأليف المسرحي، اما& آخر عمل للاطفال فكان عام 1987 وهو (مملكة النحل) تأليف الراحل جبار صبري العطية، وابتعدت عن مسرح الطفل بسبب (التمويل الذاتي) الذي اتبعته دائرة السينما والمسرح وشمل مسرح الطفل الذي تقول عنه (من المفروض ان تكون الجهة المنتجة هي الدولة لانه خطر وتوجهه صعب وانتاجه كبير ومسرف وعندما تحول الى التمويل الذاتي بدأت المؤسسة تسعى لجلب منتجين للاعمال، والدائرة تأخذ نسبة منه، والمنتج هنا يريد اعمالا تحقق ارباحا، مسرح الطفل لابد ان يتخلى عن هذه الصفة لانه تربوي وترفيهي بالدرجة الاولى ويتخلى عن التجارة وان لا تكون سعر التذكرة بهكذا مبلغ او ان يأتي بأرباح).
&&&&& وقدمت منتهى محمد رحيم مسرحيات عديدة للاطفال منها : (بدر البدور وحروف النور) التي كتبها الكاتب المصري رؤوف سعيد، ومثلت العراق في المهرجان الدولي لمسرح الاطفال الذي اقيم في ليبيا عام 1979، و مسرحية البنجرة الصغيرة عام 1980 للفرقة القومية للتمثيل من ترجمة واعداد الدكتور فائق الحكيم واخراج منتهى محمد رحيم وقدمت على مسرح الرشيد،& و (رحلة الصغير وسفرة المصير) 1981 التي اعدها قاسم محمد عن قصه قصيره لسومرست موم ( الامير السعيد ).
&&& ليس هنالك من قول يقال عنها وينصفها كما قال الكاتب جاسم المطير :سمعتها تتكلم ذات يوم بعد تخرجها من أكاديمية الفنون الجميلة أنها تهدف لتحويل حلمها المسرحي إلى فردوس مسرحي، فقررت أن تحرك أدواتها المسرحية في ظرف صعب لتحريك القوى المسرحية العاملة في حدود ما يسمى بـ(مسرح الطفل) والمساهمة مع مبدعين آخرين في تأسيسه وتطوير إقامته في العراق.كان المسرح حلم البداية لدى الفنانة منتهى،كان مسرح الطفل حين أنهت دراستها في أكاديمية الفنون يستهوي كل خواطرها، حالمة أن تريح أفكارها وترضيها على خشبة مسرحية تطرب الأطفال وتعلمهم.
&& واضاف: ظلت المخرجة منتهى محمد رحيم تحمل قدرتها على مواصلة العمل. خبرت نفسها بنفسها لتمشي بقية حياتها المسرحية حول (مسرح الطفل) لكن يدها وعقلها حُسرا عن العمل في هذا الطريق حين كبحها مرض اشتد عليها في تسعينات القرن الماضي بعد أن توقفت عن النشاط المسرحي العراقي الذي صار مرذولا، سطحيا، مريضا بهوس منقبض بالتجارة وفيها، حين بسط الحس التجاري والسقوط التهريجي، فصارت أعمال تلك الحقبة غيظا في روحها فتوقفت عن العمل مثلما توقف زوجها حمودي الحارثي عن أفعال الكوميديا التي وجدها منحرفة عن غاياتها .
&وتابع :ثم وقع شر المرض اللعين على جبهة المخرجة منتهى محمد رحيم، صابرة، سنين بعد سنين، على مضض العقاقير اليومية مما اضطر الجراح العراقي اللامع الدكتور عبد الهادي الخليلي أن يرهف سمعه لنداء قراره السريع الجريء بإجراء عملية جراحية معقدة ودقيقة في باطن دماغها كي يعيدها إلى وهج الحياة، لكن المرض منذ ذلك الحين وحتى الآن، لم يترك لها فرص السمو بما يحقق أهدافها وأحلامها بمسرح الطفل.
وختم بالقول : منتهى .. لم تجد مسرة منذ ان جاءت إلى هولندا ليلم شملها وأولادها الثلاثة، الحارث، البشير، السندباد، ومع زوجها الحارثي فالعمليات الجراحية في مستشفى مدينة لايدن متواصلة من أكفا المهارات الطبية الهولندية لإنقاذ حياتها .. ولكن !!
سيوارى جسدها الثرى في مقبرة لاهاي الاسلامية، رحم الله السيدة ام الحارث التي سيبقى اسمها متألقا في اعلى خشبات مسرح الطفل العراقي والعربي.