يُعرّف علماء النفس الطبع بأنه النموذج السلوكي المتميّز لفرد معيّن. ويمكن تعريفه أيضاً بأنه نظام من الدوافع التي تشكّل أساساً للسلوك، على الرغم من أنها متباينة عنه.
ولقد وضّح فرويد، صاحب أهم نظرية في الطباع، تلك الطبيعة الدينامية للسجايا ولخصائص الطباع، بعدما قام بربط الطبع بالليبدو أو الطاقة الجنسية المحركة. حيث قام، وبعد سلسلة من الفروض، بالنظر إلى خصائص الطبع وصفاته المختلفة على أنها "تصعيد" لصور الدوافع الجنسية المختلفة أو "تشكيلات ردود أفعال" حيال هذا الدافع الجنسي، ولقد فسَّر الطبيعة الدينامية لخصائص الطبع وصفاته بأنها تعبير عن أصلها الليبيدي.
والطبع أيضاً هو المكافئ للغريزة عند الحيوان التي افتقدها الإنسان، غير أن الإنسان يعمل ويفكّر بما يتناسب تماماً مع طبعه، وبالمحصلة فإن أعماله وأفاعيله والكثير من أفكاره قائمة على أساس اتجاه الطبع لديه.
في كتاب "ما وراء الأوهام" (ترجمة: صلاح حاتم) يُميّز إيريش فروم بين نمطين من الطباع: الطبع الفردي (آنف الذكر)، والطبع الاجتماعي.
فالطبع الاجتماعي، بحسب فروم، هو لبّ بنية الطبع الذي يشترك فيه معظم أفراد حضارة ما، خلافاً للطبع الفردي الذي يتميّز به الناس (المنتمون إلى نفس الحضارة) عن بعضهم.
إن مفهوم "الطبع الاجتماعي" لا يعني بأنه ثابت، كما لو أنه يمثّل حاصل خصائص الطبع وصفاته التي يمكن الوقوع عليها عند أكثرية الناس في حضارة معيّنة. لذلك كان الطبع الاجتماعي لدى فروم البنية التي تتشكّل عن طريقها الطاقة الإنسانية، والتي تكون مفيدة لأغراض المجتمع الموجود حينه.
وليس "الأساس الاقتصادي" هو وحده من ينتج طبعاً اجتماعياً والذي سينتج بدوره أفكاراً جديدة، لا بل إن الأفكار المولّدة الخلاقة أيضاً تؤثّر بدورها في الطبع الاجتماعي، كما يؤثّر على نحو غير مباشر بالبنية الاقتصادية - الاجتماعية. فالطبع الاجتماعي هو حلقة الوصل ما بين الأساس الاقتصادي للمجتمع وبين أفكاره ومثله العليا وإيديولوجياته.
وبالعودة إلى"الطبع الفردي" فإن فروم يستعرض، من خلال الكتاب، نماذجَ (فرويديّة) عدَّة من الطباع واتجاهاتها في المجتمع. كالطبع المختزن (الشرجيّ) الذي يكون مثله الأعلى هو التوفير، وله أعظم قوَّة في جذب السلوك، وهو ميّال لجعل التقتير في عداد الفضائل الرئيسية!
وكالطبع ذي الاتجاه التقبّلي (الفمويّ في استقبال الإحساس) الذي يرى أن "مصدر الخير" يأتي من الخارج، سواء أكان هذا الخير ماديّاً أو على شكل محبة أو معرفة أو مسرَّة.
وهناك الطبع ذو الاتجاه المنتج، والطبع ذو الاتجاه المستهلك.
وأيضاً هناك الطبع ذو الاتجاه الاستغلالي الذي يشبه التقبّلي الاستيعابي (النموذج السابق)، لكنه يختلف معه في طريقة تحصيل هذا الخير الخارجي، فهو لا يتوقّع الهِبَة من الآخرين أو أنه لا يرى استحقاقه لها، بل يحاول أخذ هذه الأشياء عنوة أو بالمكر وشعاره في سلوكه هذا: "الثمار المسروقة هي الأطيّب".
&باحث سوري في علم النفس التحليلي.
التعليقات