البندقية : يتناول فيلم "خورشيد" الإيراني (بالإنكليزية "صن شيلدرن") الذي عرض الأحد ضمن المسابقة الرسمية للدورة السابعة والسبعين من مهرجان البندقية معاناة الأطفال المضطرين إلى العمل من أجل البقاء، من خلال القصة المؤثرة لعلي، إبن الثانية عشرة، ولثلاثة من أصدقائه.

وبإدارة المخرج مجيد مجيدي الذي كان عام 1999 أول إيراني يُقبل فيلمه شمن لائحة الترشيحات النهائية لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، تتبع الكاميرا الأولاد في شوارع طهران وقطار أنفاقها، حيث يعيشون بما تيسر لمساعدة عائلاتهم.

لكنّ كلاًّ من هؤلاء الأطفال يحتفظ في سرّه بحلمه الخاص. فعلي مثلاً يريد إخراج أمّه من مكان اعتقالها، فيما يطمح رفيقه إلى أن يصبح لاعب كرة قدم.

ويقول مجيدي لوكالة فرانس برس إن فيلمه يعبّر عن "استنكار لهذه المشكلة الاجتماعية التي تعني العالم كله، لا إيران وحدها"، مذكّراً بان "152 مليون طفل يعملون في كل أنحاء العالم وفق الإحصاءات الرسمية".

ويلاحظ أن "وضع الأولاد كارثي في الهند أيضاً. وأفغانستان بلد لم يعرف السلام منذ أكثر من 40 عاماً. وفي سوريا، الأطفال هم ضحايا الحرب". ويرى أن "الأطفال هم الأكثر تأثراً بهذا الوضع رغم كونهم يمثلون مستقبل البشرية".

واختار مجيدي الذي تعوّد المشاركة في المهرجانات السينمائي الدولية أطفالاً من الشارع لتأدية أدوار شخصيات فيلمه. ويوضح أنه أراد بذلك "إظهار قدراتهم وإنسانيتهم". ويشير إلى أن "اختيار الأطفال استغرق أربعة أشهر، إذ أجريت مقابلات مع أربعة آلاف طفل".

وفي نهاية المطاف، اختير علي نصيريان للدور الرئيسي، وهو طفل ينبض حيوية. ويقول مجيدي "للأسف، أجري لعلي فحص قبيل مغادرتنا طهران (إلى البندقية) وتبيّن أنه مصاب بفيروس كورونا المستجد. لا عوارض لديه وهو في حال جيدة، لكنه كان حزينا جداً لعدم تمكنه من الحضور إلى البندقية".

أما شاملة شيرزاد، وهي مراهقة في الثالثة عشرة أفغانية الأصل، يكنّ لها علي مشاعر الحبّ سرّاً، فتمكنت من السفر. وتقول شاملة في مؤتمر صحافي خلال المهرجان "أنا أعمل منذ سن الخامسة. أذهب صباحاً إلى المدرسة، أما في فترة بعد الظهر، فأعمل في قطار الأنفاق".

ويتمحور الفيلم على مسألة الحقّ في التعلّم، وهو يُظهر كيف يمكن أن يؤدي ذهاب هؤلاء الأولاد إلى المدرسة ، إلى إحداث تغيير جذري في حياتهم، من خلال فتح آفاق جديدة لهم، لم يفكروا فيها قبل ذلك.

ويشدد مجيدي الذي يملك "خبرة كبيرة في العمل مع الأطفال"، على أن لدى هؤلاء قدرة لا مثيل لها على أن يعيشوا حياة بالغين. ويشبّه حياتهم "بمسرح تصوير سينمائي ضخم". ويضيف "ليست إدارتهم إخراجياً أمراً معقّداً، لأنهم معتادون العمل للعيش ومساعدة عائلاتهم".

ويأتي عدد من أطفال الشوارع في طهران من أفغانستان. ويذكّر مجيدي بأن لإيران "حدوداً طويلة جداً مع أفغانستان". ويضيف "كثر يدخلون إيران بطريقة غير شرعية، من دون أن تكون في حوزتهم أوراق ثبوتية، ولذلك لا يستطيعون أن يلتحقوا بالمدارس لأن تاريخ مولدهم غير معروف".

ورغم دقة الموضوع، يتفادى مجيدي في فيلمه الوقوع في فخ البكائيات، إذ يطعّمه بمشاهد تعكس اللامبالاة التي تميّز عالم الطفولة، حتى لو كانت طفولة فقر". ويقول موضحاً "المواضيع التي يطرحها الفيلم هي أصلاً حزينة، ولذلك شئت إيجاد توازن بين هذه المواضيع الخطيرة وأخرى خفيفة".

وأمام الطابع المعقّد والمتداخل للمشاكل التي يواجهها هؤلاء الأطفال، يدرك مجيدي أن "لا إمكان للأمل، لا سياسياً ولا اقتصادياً، في تغيير جذري لحياتهم، لأن الظروف غير متوافرة لهم لكي يكبروا بصورة طبيعية".

ويضيف "لكنّ في استطاعتنا أن نحاول مساعدتهم لكي يجدوا طريقهم".