لم تكن مجرد صدفة بل كانت صحوة لسؤال لطالما كنت اتهرب منه! إنها [ السارة ].. والوضاءة، تركت سؤالها حياً بي وغادرت!

أني أنت؟ فاجأتني بسؤالها الذي جاء يواجه سنوات من الركض، ما بين الكتابة والعمل التطوعي والتدريب ومشروع صغير ما آن إليه أن يكبر بعد، وما بين وريقات تركت عليها شيئاً مما في نفسي على هيئة عين تتوسط الورقة بوحدة، حقاً أين أنا؟
هل كان تحقيق النتائج الكاملة كافياً ليبقي على زهو تلك الروح؟ أم أنها كانت دائمة التوق لعلاقات صافية؟ هل يزهر المرء تحت ظل نجاحاته؟ أم في قلوب تنصب منها أنهار الحب والعطاء والمعرفة؟

أين أنت؟

بعد أن تركت خلفك مقاعد الدراسة، ووضع خط سيرك واتجهت محملاً بالإرادة نحو تلك اللوحة التي تتوق لتجسيدها على أرض الواقع، لكن الواقع خالفك في أحيان كثيرة وكنت أكثر إصراراً منه على المضي نحو ما تستحقه برأيك، نعم برأيك هل كل ما حلمت به وكنت في الطريق إليه يتساوى بحقيقته مع قدرك؟

بعضنا بلغ وجهته، وبعضنا وجد نفسه على شاطئ غريب لكنه تمكن من التعايش مع من وجدهم عليه، والبعض فتحت له أبواب كبيرة لم تتطابق مع حجم البيئة التي خرج منها، لكنه أصر على أن يكون كبيراً بقدر ما حمل من ظن في نفسه وممن حوله، بلغ درجات من الأخلاق ولم يمسك بيديه حلمه، تداخلت الخيوط وامتزجت الرغبات، وما نال إلا كرامته، أين أنت؟

تقلبنا الأقدار ما بين فصول أربعة، والجذور ثابتة وأن تعرت الأغصان من أوراقها، تقلبنا الأقدار وتوصد الأبواب، لكن غيمة في السماء تمطر بالرضا فوقنا، تقلبنا الأقدار والنية ثابتة والرغبة واحدة، مادام هذا القلب ملك صاحبه، فأنت هنا، ما بين يقظة وتحليق، تطارد السلام كغاية تستوطنك وتسيطر على حواسك وعقلك، وأنت تحمل يقينك بأن الحياة يوم زاد العقل فيها.. المعرفة، والعافية كلها في اجتماع من تحبهم الروح ويفرح بهم القلب.

وجدت إجابتي بعد أن تركتها تكمل قراءة الكتاب الذي بين يديها: "أيتها [ السارة ] بنقائها الذي يلفت القلب قبل النظر، أنا ما بين روح طفلة تتعلق اليوم بطرف ثوبي وتنتظر عودتي، وما بين كتاب مفتوح أجاهد كي أكتب فيه بخط واضح وأبيض، كي يتزود منه من يمر به بعدي".