ريو دي جانيرو: استمتع عشرات آلاف المتفرجين بعروض ساحرة في الليلة الأولى من كرنفال ريو دي جانيرو الذي انطلق الجمعة بعد غياب سنتين بسبب جائحة كوفيد-19 التي دفعت البرازيل خلالها فاتورة باهظة.

وللتعويض عن الوقت الضائع واسترجاع لحظات الفرح المفقودة، قدم حوالى عشرين ألف راقص وعازف إيقاع من ست مدارس سامبا عروضهم بحماسة عند جادة سامبودروم أمام 75 ألف متفرج.

وقالت البرازيلية تيتا نونيس البالغة 31 عاما قبل المشاركة في المواكب الراقصة ليلة الجمعة السبت "اشتقنا إلى الكرنفال كثيرا، وسنكون أمام حدث مفعم بالطاقة".

بدورها قالت ثيلما فونسيكا، وهي راقصة من مدرسة "إمبراتريز"، بابتسامة عريضة مرتدية زياً استعراضياً براقاً "بعد كل هذه المأساة، يجب أن نحتفل بالحياة".

وأضافت الموظفة البالغة 43 عامًا " ننتظر هذا الكرنفال منذ عامين. نحن سعداء جدا".

واجتازت ست مدارس سامبا جادة سامبودروم الممتدة على 700 متر لمدة ساعة قدّم خلالها المشاركون استعراضات مبهرة بملابسهم البراقة المغطاة بالريش على وقع عزف الآلات الإيقاعية.

وتقدم ست مدارس أخرى مساء السبت عروضها في ليلة الكرنفال الثانية حتى فجر الأحد.

وكان إلغاء الكرنفال في العام الماضي بمثابة مأساة وطنية للبرازيليين، إذ بات هذا الحدث السنوي جزءا رئيسيا من ثقافة هذا الشعب المولع برقص السامبا.

لكن قبل عام، كان وباء كوفيد-19 يحصد أرواح ثلاثة آلاف شخص يوميا في البرازيل، في مقابل مئة وفاة يومية حالياً. وقد حُولت جادة سامبودروم حينها إلى مركز تلقيح.

واحتلت البرازيل المرتبة الثانية عالميا على صعيد أكثر البلدان تسجيلا للوفيات جراء كوفيد-19، إذ حصد الوباء أرواح أكثر من 660 ألف شخص.

كالعادة، تناولت مدارس السامبا، ومعظمها من الأحياء الفقيرة، الموضوعات السياسية في مسيراتها.

واختارت ثماني مدارس من أصل 12 تقدم عروضها في الليلتين، خوض مواضيع مرتبطة بمناهضة العنصرية وجذور السامبا الإفريقية.

وقدمت سالغيرو، ثالث مدارس السامبا في ترتيب المرور خلال الليلة الأولى من الحدث، عرضها بمشاركة حوالى ثلاثة آلاف راقص وعازف إيقاع قدّموا مشهدا فنياً على شكل قبضة يد، كرمز "مقاومة" مستوحى من حركة "حياة السود مهمة" الاحتجاجية التي هزت الولايات المتحدة.

وداخل عربات استعراض ضخمة، تمايل الراقصون أمام لافتات كُتب عليها "الحرية تأتي من السود" أو "عدالة" و"شمول".

وقالت كلوديا ناسيمنتو التي شاركت في مسيرة مع مدرسة سالغيرو للسامبا، إنه في ظل حكومة جايير بولسونارو، باتت "العنصرية أكثر إذلالًا، لأنها تأتي من أعلى الهرم"، في إشارة إلى الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف المعروف بمواقف توصف بأنها عنصرية.

من خلال اختيار موضوع كرنفال عام 1919 الذي نُظم بعد جائحة الإنفلونزا الإسبانية، أقامت مدرسة "أونيدوس دو فيرادورو" في عرضها تشبيها مجازيا مع عالم اليوم بعد جائحة كوفيد-19.

لكن هذا الحدث المنتظر عكّرته حادثة مأسوية تمثلت بوفاة فتاة في الحادية عشرة الجمعة بعد يومين على تعرضها للدهس من إحدى عربات الكرنفال لدى خروجها من جادة سامبودروم.

وقال رئيس بلدية المدينة إدواردو بايس الأربعاء خلال إعلانه افتتاح "أكبر عرض على وجه الأرض"، "لولا الكرنفال، لن تكون ريو كما نعرفها".

وإضافة إلى أجواء البهجة، يوفر الكرنفال إيرادات ضخمة للمدينة البرازيلية إذ يؤمّن 45 ألف فرصة عمل ودخلا يبلغ أربعة مليارات ريال برازيلي (834 مليون دولار).

في عام 2020، استقبلت ريو دي جانيرو أكثر من 2,1 مليون سائح. هذا العام، رغم تراجع عدد الأجانب، تسجل الفنادق نسبة إشغال بلغت 85 % بعد تبعات كارثية على القطاع جراء الجائحة.

ولا يخفي بولسونارو المقرّب من الإنجيليين الذين ينزعجون من الإفراط في العري في الكرنفال، عدم تحبيذه لهذا الحدث، ويبدو أن الشعور متبادل من الجهتين.

فقد علق متفرجون خلال الليلة الأولى من الكرنفال صورة للرئيس البرازيلي على أقمشة صفراء كبيرة وكتبوا عليها كلمة "إرحل".

وقالت نيروبي كويلو (43 عاما) وهي مسؤولة في قطاع النفط شاركت في إحدى المسيرات "الكرنفال مظاهرة سياسية ومناهضة للفاشية".

وأضافت "بعد عامين من العزلة، (لهذا الكرنفال) طعم خاص، طعم انتصار العلم الذي طور لقاحا ضد الفيروس والأمل في تغيير الحكومة في هذا العام الانتخابي" الذي سيشهد انتخابات رئاسية سيترشح لها بولسونارو لولاية ثانية.