برشلونة: تؤكد الفائزة بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عن فيلم "ألكاراس" المخرجة الإسبانية كارلا سيمون (35 عاماً) أنّ هذه المكافأة التي حصلت عليها عن ثاني فيلم روائي لها، بعدما كان عملها الأول قبل أعوام مستوحى من طفولتها في إقليم كاتالونيا، بدت وكأنها حررتها.

وفي حديث أدلت به هذا الأسبوع من برشلونة قبل انطلاق عروض الفيلم الجمعة في الصالات الإسبانية، تقول سيمون "أشعر وكأنني تحررت، إذ كنت أشعر بضغط كبير بعد فيلم "إيستيو 1993"" (أول فيلم لها)، فجاء الفوز بجائزة الدب الذهبي في برلين ليجعلني أشعر بأنّنا حققنا ما توقعه الجمهور".

وكان حصول سيمون على الدب الذهبي أول فوز لمخرج إسباني منذ عام 1983، والأوّل في مهرجان سينمائي اوروبي كبير لامرأة إسبانية أخرجت فيلماً.

ويشكّل "ألكاراس" تحية إلى المزارعين الإسبان الصغار، وتدور أحداثه خلال فصل الصيف في منطقة مشمسة من كاتالونيا حيث أمضت المخرجة طفولتها. ويتناول قصة عائلة سوليه التي زرعت أجيالها الثلاثة المئات من أشجار الخوخ في أراضي ملاّك أثرياء.

لكنّ هؤلاء قرروا اقتلاع الأشجار لتركيب ألواح شمسية مكانها، وخيروا عائلة سوليه بين الرحيل أو التكيف مع هذا الوضع الجديد، لكنّ رب الأسرة كيميت يرفض رؤية عالمه يتلاشى. ويؤدي هذا الوضع إلى اهتزاز توازن العائلة بأكملها، من الأطفال إلى كبار السن، ما يهدد بانهياره.

وكان لكلارا سيمون فكرة واضحة في شأن الخصائص التي ينبغي أن تعطيها لهذه العائلة الزراعية، وسرعان ما أدركت أنّ الأدوار يجب ألاّ تعطى لممثلين محترفين.

وتقول "أعتبر أنّ نوع البشرة ولونها واليدين وطريقة قيادة الجرار أمور تُظهر ما إذا كان الشخص مزارعاً فعلياً أم لا".

ونظمت المخرجة مع فريقها اختبارات أداء لآلاف المرشحين من المشاركين في مهرجانات القرى أو أنشطة مشابهة لتلك التي يتناولها الفيلم، من أجل إيجاد الممثلين المناسبين لإسناد أدوار أفراد عائلة سوليه إليهم. وأثناء تصوير مشاهد الفيلم، أصبحت العلاقة التي تجمع الممثلين المختارين طبيعية جداً لدرجة أنّهم بدوا وكأنّهم عائلة فعلية.

وتقول سيمون "عائلتي كانت تتولى قطف فاكهة الدراق في ألكاراس لكنّ القصة ليست واقعية". واضافت "عملي تمثل بتحويل كل هذه الوقائع إلى قصة من وحي الخيال بطريقة تؤثر بي لكن من دون أن تجعلني أخجل وأمتنع عن سرد قصتي".

وفيلمها "إيستيو 1993" (صيف 1993) المستوحى من طفولتها ووفاة والديها جراء إصابتهما بالإيدز لم يكن كذلك سيرة ذاتية بحتة. وحاز هذا العمل جائزة أفضل فيلم أول لمخرجه في مهرجان برلين عام 2017 وثلاث جوائز "غويا"، أهم المكافآت السينمائية الإسبانية.

وباتت سيمون بعد فوزها بالدب الذهبي ثالث مخرجة شابة يفوز فيلمها بالجائزة الكبرى في أحدى دورات المهرجانات السينمائية الأوروبية الكبرى، بعد حصول الفرنسية جوليا دوكورنو على السعفة الذهبية في مهرجان كان ومواطنتها من أصل لبناني أودري ديوان على الأسد الذهبي في مهرجان البندقية.

وعام 2018، كانت سيمون الأولى إلى الفوز عن فيلمها "إيستيو 1993" بجائزة غويا لأفضل فيلم أول لمخرجه، التي حصلت عليها حتى اليوم خمس مخرجات.

وترى أنّ حصول النساء على الجوائز السينمائية "ليس علامة على التوصل إلى المساواة" بين الجنسين، مضيفةً "لا يزال عدد المخرجات والمنتجات قليلاً جداً. نحن نمثل نصف البشرية وينبغي أن نروي نصف القصص. أشعر أننا لا نزال بعيدين جداً عن تحقيق هذا الأمر".

وتقول المخرجة، وهي حامل بطفلها الأول، إنّ هذه الجائزة تتيح لها من الآن فصاعداً "فرصة تصنيع أفلام أخرى، لأنّ السينما والثقافة تفتقران عموماً إلى المصادر".

وبعد فيلمين روائيين مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بجذورها، ترغب كارلا سيمون في إنجاز أعمال خارج كاتالونيا.

وتضيف "عشت في لندن لأربع سنوات، وسأكون مهتمة جداً بالعمل مع ممثلين إنكليز"، ولكن كالعادة من دون تسرّع لأنّ "الوقت المناسب آتٍ عندما سيحمل العمل معنى لجهة القصة التي أريد إيصالها".