ريو دي جانيرو: تُظهر البرازيلية فيرا لوتشيا دا سيلفا التي غطّت جسمها بحبيبات لامعة، استعداداً تاماً للاستمتاع بكرنفال ريو دي جانيرو الشهير الذي يعود هذه السنة بعد توقّف دام ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد-19.

وتقول مدبرة المنزل البالغة 58 عاماً لوكالة فرانس برس وهي تهزّ آلة الغانزا الإيقاعية خلال استعراض "بلوكو" لمدرسة ساو دا تيرّا (السماء على الأرض)، "بالنسبة إلينا، نحن سكان ريو دي جانيرو، يمثل الكرنفال الحدث الأبرز".

وخلال عطلة نهاية الأسبوع التي تسبق انطلاق فعاليات الكرنفال الرسمية المرتقب الجمعة، تعجّ الشوارع بالاحتفالات الاستعراضية. وتصدح الموسيقى من الصباح الباكر، فيما ينكب المشاركون على شرب البيرة والتمايل على إيقاعات السامبا.

وكان الكرنفال الشهير الذي يشهد مواكب استعراضية في الشوارع نهاراً وعروضاً كبيرة تقدّمها مدارس السامبا ليلاً، أُلغي عام 2021 بسبب الجائحة التي أسفرت عن مقتل حوالى 700 ألف شخص في البرازيل.

وعام 2022، لم تجز البلدية سوى استعراضات المدارس في جادة سامبودرومو، وهو مكان مغلق، لتؤجل حماسة مئات الآلاف من محبي المهرجان الشعبي الكبير سنة إضافية.

وهذا العام، يحتفل عدد كبير من البرازيليين أيضاً بنهاية ولاية الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو (2019-2022)، التي جرى خلالها تخفيض ميزانيات الأحداث والفعاليات الثقافية.

ومنذ مطلع كانون الثاني/يناير، يترأس البرازيل اليساري لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الذي عاد إلى السلطة بعدما كان حكم البلاد بين عامي 2002 و2010.

ويقول بيريكليس مونتيرو، أحد مؤسسي "ساو دا تيرّا" التي اتخذت "عودة الزهور" موضوعاً لها في كرنفال هذا العام "إن المهرجان هو بمثابة نهضة (...) بعد المرحلة القاتمة التي مرّ بها".

ويتبع أعضاء المجموعة الاستعراضية البالغ عددهم 200 شخص والذين يرتدون لباساً مزيّناً بأزهار ملوّنة، آلاف البرازيليين في شوارع حي سانتا تيريزا (قرب وسط المدينة) الضيّقة والمنحدرة.

وينطوي هذا اللباس على رسائل سياسية مع طابع ساخر، إذ يضم الموكب الاستعراضي مدرّسَيْن يرتديان اللباس الأصفر الخاص بمنتخب كرة القدم الوطني، والذي اعتمده مناصرو بولسونارو.

إلا أن شعارهم هذه المرة ليس "البرازيل فوق كل شيء، الله فوق الجميع"، بل "الكرنفال فوق كل شيء، الكاشاسا (كحول مصنوع من قصب السكر) للجميع!".

ويقول كايك توريس (57 عامًا)، أحد هذين المدرّسَيْن، إنّ "الكرنفال هو بمثابة روح البرازيل. وبما أنّ لكل شعب احتفالاته الخاصة، فمهرجاننا هو الكرنفال".

ويقول مدير القسم الثقافي في جامعة ولاية ريو أداير روشا إنّ المهرجان "هو أحد مظاهر الديموقراطية، ويرمي إلى الاحتفاء بالحياة"، مضيفاً انّ "البرازيل تعود اليوم بعد مرحلة كانت فيها السلطة السياسية مناهضة للكرنفال".

وخلال حملته الانتخابية، قابل لولا ممثلين عن مدارس السامبا. وقد يحضر عروض سامبادروم المرتقبة يومي الأحد والاثنين المقبلين والتي تشارك فيها أرقى المدارس، مع العلم أنّ حضوره غير مؤكد بعد.

وتسود أجواء إيجابية هذا العام المستودعات المنتشرة في مساحة يُطلق عليها تسمية "مدينة السامبا"، وفيها تستعد المدارس منذ شهور للكرنفال الذي ينتهي بعد خمسة أيام على انطلاق فعالياته.

ويقول تارسيزيو زانون، وهو المدير الفني لمدرسة "فيرادورو" التي فازت عام 2020 بمسابقة مدارس السامبا الكبرى في نسخة أخيرة من هذه المنافسات قبل الجائحة، "ينتابنا شعور بأنّ الثقافة تُثمَّن من جديد. وهذه السنة ستكون الاحتفالات بمثابة كرنفال الخلاص والأمل".

وتتوقع بلدية ريو دي جانيرو مشاركة نحو 5 ملايين شخص في كرنفال هذا العام، وهو عدد كافٍ لضخ مليار ريال (نحو 193 مليون دولار) في الاقتصاد المحلي.

وتبدو الحماسة واضحة في منطقة سارا التي تشكل مركز تسوّق شهير في وسط المدينة ويرتادها سكان ريو دي جانيرو لشراء الزينة والشعر المستعار وكل أنواع الاكسسوارات الغريبة بأسعار منخفضة.

ويقول البائع مارسيلو رودريغيز "إنّ السكان يبدون رغبة في إقامة الاحتفالات بعد هذا الانتظار الطويل".