تعود الكاتبة السورية الكندية جاكلين سلام إلى القرّاء العرب بكتابٍ جديد عن آداب وثقافات الشعوب والهجرة، بعد مرور 9 سنوات على نشر ديوانها الشعري الخامس، لتضعنا أمام منصة زاخرة بكتابات ملونة يكتبها مبدعون مصنفون عرقياً في خانة "الشعوب الملونة".

الثقافة الكندية
تأتي أهمية هذا الكتاب بأنه الأول من نوعه عن الثقافة الكندية المهجرية باللغة العربية. مواضيع الكتاب تتناول الإبداع الأدبي قصة ورواية وشعرا يدونه الخليط العرقي الملون في كندا، العرق الأسود، العرق الأبيض، الأصفر، الشرقي أوسطي، الكنديين الأصليين "الهنود "والمهاجرين من حول العالم. مرايا زاخرة بموضوعات وأفكار ملونة يكتبها مبدعون كنديون بالإنكليزية والعربية، إلى جوار قضايا الكنديين الأصليين"الهنود الحمر" والأفارقة الكنديين والأمريكين...وليس حصرا.

هذا التجميع لـ 20 حوارا أجري مع جاكلين سلام خلال ما يقارب ربع قرن، و10 حوارات أجرتها جاكلين مع كتاب كنديين ومهاجرين من أصول عربية، بالإضافة إلى 10 مقالات بحثية ومترجمة من الإنكليزية إلى العربية، يشكل بانورما ثقافية فكرية اجتماعية غير مسبوقة في تنوع مواضيعها، انطلاقا من أولى الهجرات إلى كندا...من بريطانيا العظمى "سيرة الشاعرة سوزانا مودي" وصولا إلى هجرة العرب والمسلمين من الشرق الأوسط، وانعكاسات الأثر في الكتابات الأدبية على تنوع أجناسها.

تنوع
المقالات تخص أعلام الأدب الكندي لتكمل مواضيع الحوارات وتشكل بذلك منصة أدبية وفكرية متكاملة للقارئ العربي في الشرق أو الشتات. هناك ترجمات لآراء مارغريت أتوود، أليس مونرو، والشاعرة الروائية اليابانية جوي كوجاوا صاحبة رواية وفيلم " أوباسان"، وأغنية ليليث"، الروائي راوي حاج، المفكر ثيودو زيلدين، المفكر جون رالستون سول، الباحث مايكل آدامز، الفنانة المسرحية أندريا عساف، وآخرون.

جوائز
ولم تهمل جاكلين سلام التطرق إلى الجوائز الأدبية الكندية وبعض الفائزين بها، إلى جوار الاحتفالات الشعبية والمهرجانات التي تجري في الشوارع والمراكز الثقافية على مدار العام.
تناولت جاكلين سلام في هذه المقالات والحوارات أفكارا عن الشعر والحداثة، كندا والتعددية الثقافية، الحرية المدنية والقمع، تحولات الكتابة النسوية عربيا ودوليا، الشتات، المنفى، اللغة الام واللغة الثانية، أوضاع المرأة المعاصرة في مواجهة النهج البطريركي والأصولي الديني الذي يحكم قبضته على الإبداع ويحد من حرية التعبير. وبهذا يقدم الكتاب فرادته من خلال محاوره: حوارات معها...حواراتها معهم، ومقالاتها عنهم.
**
مقتطفات من سياق الحوارات:
كتب الصحفي التونسي، الهادي الجويني، في مقدمة الحوار مع جاكلين سلام" انتشي فرحا ...كلما حاورت شخصية أدبية مبدعة تكتشف بتوارد أجوبتها أنها استثنائية فكرا و روحا و قدرة على تطويع اللغة للتعبير عما يخالج عقلها من أفكار و مواقف تعانق الإبداع الإنساني و تقطع مع المألوف في عالم يكتنفه الضجيج و تترصد حركته خفافيش الظلام و التطرف من كل حدب و صوب . ضيفتي هذه المرة كاتبة سورية غير عادية . في نصوصها صدق الأنبياء و في أعمالها شعرا و نثرا رائحة العظماء و أفكار فلاسفة الإغريق و أدباء عصر الأنوار. تستفز ملكة التفكير لديك و تدعوك بكل رفق و ذكاء إلى التخلص من الركود الذهني من اجل بناء مجتمع مستنير يحترم القلم الحر و يؤسس لحداثة حقيقية تضع العقل في مقدمة اهتماماتها و تسعى إلى رفع الجهل عن النفوس المتكلسة و مقاومة التطرف بكافة أشكاله .
في هذا اللقاء الممتع و المثير تسافر بنا الأستاذة و الأديبة جاكلين سلام حنا في عوالم الأدب الراقي و الكتابة المستنيرة و الترجمة المتفتحة على الآخر بعيدا عن المعالجات التقليدية لمواضيع و قضايا حارقة ليس اقلها خطورة موقع المرأة في الأدب العربي و أهمية الشعر في حياتها و خصوصية الأدب المهجري فضلا عن تفكيك قضية مساهمة الأدب السوري في رصد الواقع المتغير من حوله"
**
كتب الصحفي المصري محسن حسن:
"بعض الشعر ألم، وبعض الألم شعر، والشعر والألم كلاهما موجود في غربتها شاعرة طالما عبّرت قصائدها عن محنة الوطن المضيّع، وعبرة القلم المكلوم، وطالما جسدت كلماتها، صرخة مدوية في وجه قاهري الانسانية ومدمري الأوطان.
لم يكن لديها بد من معانقة غربتها وترحالها، لتصنع منهما أملاً جديداً، ووجوداً متجدداً، يمنحانها القدرة على المقاومة والبقاء والاستمرار بعيداً عن مدينتها «المالكية» حيث مسقط رأسها، مستقر حنانها، فكان أن صنعت أملاً، وأطلقت وجوداً، لكنهما لم يغنياها عن شوقها، وحنينها الطاغي لمعانقة سورية أرض الياسمين. حول أشعارها، غربتها، حنينها للوطن، التقت «السياسة، الكويتية الشاعرة السورية «جاكلين سلام»، في هذا الحوار .
**

جاكلين سلام
مقتطفات مما قالته جاكلين سلام في سياق حواراتها مع الآخرين:
“لسنا في حاجة إلى نساء نزار قباني. يلزمنا اليوم ثورات على المفاهيم الإجتماعية والموروث الفكري الأعمى"
**
ليست المرأة في نصي قارورة، وليست استنزاف شهوات وتنفيس رغبات. إنّها الشهوة والرغبة والرحم الخلاق، والتوق إلى الكينونة الأعلى. وهي الكلمة المغموسة بالدم والدمع والولع، والشاهدة على خرائب العصر في الباطن والظاهر.
**
الشرق غارق في الحروب الصغيرة والكبيرة، والإبداع ضحية أخرى إلى جوار ضحايا الحرب والمناحرات بين الأفراد والأجناس والطوائف. لقد تعثرت الكاتبة العربية وتأخرت في الوصول إلى خصوصيتها إبداعيا، والمرأة العربية المبدعة ما تزال خاضعة لأحكام جائرة ورقابة مضاعفة. لابد من رفع سقف الحرية الفكرية وقبضة الرقابة عن أقلام النساء.
**
المرأة بحاجة إلى مراجعة دورها كتابع للمكتوب والمنصوص عليه مسبقاً ؛ فلم نكتب بعد عن الأمومة، والحمل والإرضاع، والعقم وتحولات جسد الأنثى. لقد انشغلنا بالأحلام السوريالية كي نهرب من الرقيب ومن أنفسنا وأنوثتنا التي هي محور الخلق واستمرار النسل وأغنية المهد ، ربما علينا كنساء كاتبات تغيير موال البكاء والغناء الوطني وتناول القضايا الاجتماعية هذه في قصصنا ومقالاتنا.

صدر الكتاب عن مطبوعات الضفدعة المجنحة للنشر التعاوني بـ 258 صفحة، ويحمل غلافه وتصميمه الداخلي توقيع الفنان المصري ياسر عبد القوي، وهو متوفر في صيغة الكترونية وورقية حسب الطلب عبر منصة LULU.
هذا و يذهب ريع الكتاب كاملاً لمساعدة بعض الأسر السورية المحتاجة.