صدر حديثاً عن الدار العربية للعلوم ناشرون أربعة كتب هي "أغلب الظن"، "طريق الخُزامى"، "عبارات غامضة عن الصين"، وقصّة هذا الإنسان غريبة".

أغلب الظن
(البحث في أسرار العلاقات الإنسانية...)
كتابٌ جديد للدكتور خالد الراجحي يضم مقالات عن تطوّر نظرتنا لما يتغيّر من مفاهيم وأخلاقيات تحكم علاقاتنا الإنسانية، وفيه يحث المؤلف القارئ على استخدام (آلة الظن) وجعلها وسيلته لتطوير نفسه وفكره وقدراته وحياته ومجتمعه، مع الاستمرار في المحاولة للوصول إلى اليقين أو الاقتراب منه.

ويقول الكتاب في مضمونه أن الجزء الأكبر من مخاوفنا ومعتقداتنا وهواجسنا ينشأ بسبب الظن في غير محلّه، ولأن الوصول إلى اليقين دونه صعوبات، يقدّم إلينا
الدكتور خالد الراجحي كتابه القيّم "أغلب الظن.. البحث في أسرار العلاقات الإنسانية"، والكتاب هو لمن لا تستفزّه الطروحات بل تعنيه
المعالجة، ولمن لا يَحكم على الأشياء بالظن بل حتى يصل إلى اليقين

أبعاد المصطلح
قد يعني مصطلح "أغلب الظن" أنه محاولة لإيصال مفهوم أو أمرٍ ما دون الجزم بصحّته لعدم امتلاك أدلةٍ قطعية عليه. وفي نظرة وبعين متفحّصة لِما يدور من نقاشات ورؤى في المجتمع عموماً، وتحديداً في وسائل التواصل الاجتماعي نجد أن معظم المعلومات والأفكار والرؤى تكون في أحسن حالاتها في منطقة "أغلب الظن"، إذا سلمت من سوء الظن وحازت على قدر كافٍ من حسن الظن.
وهذا الكتاب ومؤلِّفه يغالبان ميولهما وشطحاتهما للوصول بما كُتب في هذا الكتاب إلى مظلّة أغلب الظن.
وعلى ذلك كُتب...
من أقوال د. خالد الراجحي:
● قد يجد المرء نفسه في الصدارة دون جهد وعلم، فيختلّ توازنه وينثر جهله في كل اتجاه، فيصيب المجتمع ويُصاب هو بما فعل، فهو جزء من كلّ...
● الارتفاع يساعدك على الرؤية الأوسع والتدقيق في التفاصيل يجعلك تغرق فيها، وعند القرارات الاستراتيجية المهمة يُنصح الإنسان بتكبير عدسة الرؤية حتى يرى بوضوح...
● الجروح الصغيرة قد لا تميت ولكنها تترك أثراً، وإن هي تكرّرت زاد الأثر وإن زاد الأثر، قد تميت...
● اختلاف تصرُّفاتنا ليس بالضرورة خطأ، فلكلّ مقامٍ مقال...
● إعادة اكتشاف نفسك ضرورة حتى تبقى في كل الأزمان الشخص المناسب...

طريق الخُزامى
(رحلة إسماعيل الدمشقي إلى جبال أطلس)
"طريق الخُزامى" رواية ذات بعد استشرافي (تاريخي – أنثروبولوجي) تتغلغل في التفاصيل الاجتماعية لتلك المدن العربية العتيقة "دمشق/ المغرب" وعوالمها وناسها، مُشخِّصةً وهجها المعنوي وعاداتها وتقاليدها وكل ما تحفل به من قيم أخلاقية تجمع بين شعبيها... "رحلة إسماعيل الدمشقي إلى جبال أطلس" نص مشرقي بامتياز.. عميق وآسر.. سوف يجعلنا أكثر حنيناً لزمن افتقدناه وربما لن يعود.

في طريق الخُزامى يسيل قلم منى التميمي بعسل الديار الشامية والمغاربية معاً، فكتبت لنا رواية "المدينة" ورواية "الصحراء" في آن معاً. وقد جمع بينهما "طريق الخُزامى" في "رحلة إسماعيل الدمشقي إلى جبال أطلس". وهي تجربة روائية بالغة العمق والثراء
أنجزتها بلغة شاعرية عذبة واسترسال سردي آسر يقترب من الواقعية السحرية من دون أن ينقطع عن عالم الواقع.

وهذه الرواية هي السابعة للكاتبة الإماراتية منى التميمي بعد "حارس التوت"، "رسائل صوفية"، "قلم أحمر"، شاهد من إشبيلية"، "رياح من طشقند" و"الرئيس".

تفاصيل الرحلة
تسرد الرواية قصة إسماعيل الدمشقي الذي كان ما يزال طالباً، يدرس علم النباتات، ويملك دُكّاناً في سوق القيمريّة، وفاقت شهرته كل مكان، عندما ورث الشاب جَنْي العسل مِن والده، ولكنه قرر الرحيل بعد أن هجَمَ على بلدته مرضٌ غريب. هَياجٌ جلدي يترك بصماتٍ غائرة، لَم يتحمل الأهالي ألمه، ولم يفلح طبيب البلدة في إيجاد الدّواء له، إلى أن مرّ حكيمٌ عابر إلى دكانه، وأسَرَّ له بأن عسل الخزامى دواءٌ جيّد. قال له إنه يتواجد في جبال أطلس في بلاد المغرب، وهذا ما جعله يشد الرّحال مع رفاقه إلى هناك... حيث مروا بالصحراء الأفريقية وتعرفوا إلى الطوارق وعاداتهم وتقاليدهم واستأنسوا بهم حتى أن رجالهم كانوا لهم الدليل إلى طريق الخُزامى، ولكن الطريق إلى عسل الخُزامى دونها صعوبات.. سيواجه إسماعيل قطاع الطرق وستصيبه دوائر الهواء حتى يكاد يشعر أن الموت وشيك، لا يعرف ماذا يحدث له، لقد رأى نفسه ينفصل عن حدود التراب ويحلّق إلى السماوات، إلى أن أدركه رفاقه بعد أن تكسّرت أضلاعه، ولأن بعد كلّ شدة فرج ستخبئ له الرحلة ما لا يخطر على بال بشر... مفاجأة تجعله يسأل: مَن تلك المرأة الحسناء التي دخلت خيمته وهي تحمل إناءً صغيراً، تريد مداواته، فهل كانت حقيقة أم خيال؟

من أجواء الرواية:
"مَن تلك المرأة؟ ولِمَ قصدَتني دون غيري. خِفتُ ألا تكون مِن الإنس، ويلمَسني منها ضَررٌ رهيب، لكني شربتُ دواءَها، ولو كان فيه ضُرّ، لما بقيتُ هادئاً حتى الآن. أنا مِن أولئك الذين يتقلّبون ويتألّمون سريعاً، حين تدخل أجوافهم سَوائل لا صِلة لها بالعافية، ولا صِحّة الأبدان (...).
حين أفكّر بما حدثَ لي، منذ بداية الأمر، ومنذ أن دفعني الحكيمُ الزائر إلى مُغَادرة البلدة، للبحث عن عسل الخُزامى، أعجَبُ مِن الأمور التي تُساقُ إليَّ، دون غيري. تنتابُني رَجْفةٌ عميقة جدّاً، وأوقِنُ أنّ غيري، رغمَ لين قلبي، لن يتحمّل كلَّ ما تحملتُه من الشّقاء والصبر على المَكارِه.
ولكن، مَن يخبرني عن تلك الحسناء التي دَلَفَت إلى الخيمة. وجهها الجميل ليس بغريبٍ عني. أعتقد أنّي رأيتها في مكانٍ ما، هنا".

عبارات غامضة عن الصين
(مقالات في الجغرافيا البشرية)
يشكّل الجزء الأول من سلسلة كتب "الحكمة الصينية" وعنوانه (عبارات "غامضة" عن الصين – مقالات في الجغرافيا البشرية)، دليلاً مهماً في تعريف الأطفال الصينيين بالجغرافيا الصينية التقليدية وتعميمها على أطفال العالم في نفس الوقت، وقد جمع مركز تنمية الطفل FLTRP بين دفَّتيه ما مجموعه أربعة عشر مصطلحاً متعلقاً بالجغرافيا البشرية، ومن بينها "الأقاليم التسعة"، "العالم"، "النهر الأصفر"، "سور الصين العظيم"، "المدينة"، "و"العاصمة"، وغيرها.
هذا الكتاب ليس ضروري لكل طفل صيني فقط، بل للأطفال العرب أيضاً للتعرّف إلى حضارة الصين العظيمة

المصطلحات الفكرية
يأتي هذا الكتاب من ضمن مشروع نشر "المصطلحات الفكرية والثقافية الصينية" التي نشأت لدى الأمة الصينية، وهي مصطلحات تلخص الفكر الفلسفي والروح الصينية وما تتسم به الثقافة الصينية من طرق تفكير وقيم ومفاهيم يتم ترسيخها بشكل كلمات أو عبارات، هي نتاج آلاف السنين من الاستكشاف والتفكير العقلاني لأسلاف الصينيين فيما يخص الطبيعة والمجتمع.

وتحت مظلة المشروع الآنف الذكر تأتي سلسلة كتب "الحكمة الصينية" وهي مجموعة من الكتب المصورة المصممة للأطفال والتي يدور مضمونها حول الثقافة الصينية التقليدية، وتنقسم سلسلة الكتب هذه إلى ثلاثة أجزاء، أُلِّفت تحت توجيه خبراء "مشروع نشر المصطلحات الفكرية والثقافية الصينية"، ومن بين مئات المصطلحات الفكرية والثقافية الصينية، تم تحديد عشرات المصطلحات الأساسية المناسبة للأطفال، وصُنِّفت حسب الموضوع، وقُدِّمت للأطفال واحدة تلو الأخرى مع شرح المعنى الكامن وراء كل مصطلح.
ويتمثّل الغرض الرئيسي للكتاب في تعريف الأطفال بالجغرافيا الصينية التقليدية، وتعميم معارف الجغرافيا البشرية في نفس الوقت، وهو الأمر الذي يترك الأطفال يستكشفون المعنى الثقافي وراء المصطلحات والمفردات الشائعة.

قصّة هذا الإنسان غريبة
الرواية عند الكاتب فيليب المسنّ ليست قصّة يعرّفها صاحبها، إنها رواية الأفكار، موضوعها هو الإنسان والكتابة عنه.
وهنا تبرز الأهمية الخاصة لرواية "قصّة هذا الإنسان غريبة" في النتاج الروائي اللبناني، فحين تكشف الرواية أن موضوعها الأساسي
هو (الإنسان)، تكشف أيضاً الآلية التي تستطيع الكتابة عبرها أن تعبّر عن النظام الاجتماعي ككل، وموقع كل إنسان داخله، بأحلامه وآماله بانكساراته وهزائمه... وقد نجح الكاتب في التعبير عنها في إطار سردي حداثي متقن يمنح أكثر من مقترح لمقاربتها وقراءته.

يدرك قارئ رواية "قصّة هذا الإنسان غريبة" منذ أولى صفحاتها التماهي المطلق بين المؤلِّف ومؤَلَّفِه، بين العمل الأدبي و(الذات/ الكاتبة) فهي شريكة فيه، وتعي أنها تكتب وتبني سيناريو متخيَّلاً عن قصّة وجدتها غريبة.

قصة بسيطة
"قصة مخيّلتي بسيطة، لكنّني رأيتها غريبة.. أبطال قصّتي بسيطون، لكنّني رأيتهم غريبين... وكقصص "الإنسان" البسيطة، كانت قصة هذا الإنسان غريبة".

قرآة متانية
وبقراءة متأنية للرواية سوف نعرف أن ما يشغل بال المؤلف فيليب المسنّ في روايته هذه هو الإنسان الذي نكون وقصصنا الغريبة. فعن أي إنسان يتحدث الراوي/ المؤلف وأي قصّة غريبة سنقرأ.
هي قصة من بنات خيال المؤلف/ الراوي قرأها أولاً في مخيلته ووجدها غريبة، غريبة – كما يقول – لأنّه لم يكن قادراً على تحديد شخصية بطلها، ولا قادراً على وضعها في إطار عام من بين شخصيات سائر أبناء البشر.

ولأن المؤلف/ الراوي يملك القدرة على جعلها تتحرك من خلال (المخيّلة)، فهو وتبعاً لإمكانات السنن الأدبية والجمالية يلجأ إلى حيلة تخوّل له أن يكشف من حياة بطله ما يوافق مخيلته، والتي سوف تواكب حياة أستاذ جامعي يعود من بلاد الغربة ويدخل المعترك السياسي بذهنية التغيير والإصلاح، وعندما تفشل هذه الشخصية في مهمتها لا يتوانى عن قتلها: "أبيض" قتلتك، فأصبحت أنا بموتك، متشائماً ومحبطاً من دون أمل...".

ولعل هذه الصورة تشي بما يحدث ليس في لبنان وحسب، وإنما في كل البلدان التي لا تعترف سلطتها بحق الناس في التغيير والتفكير خارج الصندوق.

في الخطاب الروائي يعتمد المؤلف مبدأ المشاركة في القراءة، بمعنى أنه يحثّ قارئه على المشاركة في إنتاج معنى النص وغايته وتساؤلاته المشروعة مثل؛ هل هناك شيء يبرّر قتل الإنسان؟ ما رأيك بالجندي الذي يقتل عدوّه في سبيل الحفاظ على أرضه وأهله؟ ما رأيك بقتل الحيوان لأكله؟ هل الذهاب إلى الموت طوعاً يسمى انتحاراً أم شهادة؟

جدل
عبر منظومة الجدل هذه يجري السرد ليكشف عن سلطة المؤلف/ الراوي على شخصياته، فخياله هو من يحييها وهو من يميتها، فهو القائل "لا حدود للأحكام في مخيّلتنا، لكم مرّة قتلنا رؤساء دول، مدير عمل أو صديقاً خائناً... لكم مرّة تمنينا الموت لظلّام الأرض وركعنا نتضرّع للإله أن يخطف أرواحهم"، فإذا كانت المخيلة لا حدود لها، فهل الواقع الذي نعيشه وهم؟

من أجواء الرواية:
"جلس يتأمل في حاضره وماضيه، يسرد لعمقه أسرار تاريخه وينظر إلى البحر ومداه.. جلسنا معاً ننظر إلى ماضيه، إلى ترحاله. إلى حبّه الأول. إلى أمّه، إلى أبيه، إلى جدّه.. جلسنا ننظر إلى ذكرياته خلف لا حدود المدى.. ليس هناك من جدران تجد المدى، ففيه يقطن مدى آخر.
هو رفيق دربي وأيامي، هو بطلي وبطل قصتي. رأيته جنيناً يخرج من أحشاء أمّه، سمعته يبكي كأكثرية خليقة هذه الأرض شعرت ببكائه يدخل عمقي وكأنّ بكاءه بكائي. سألت نفسي لماذا يبكي، لماذا أبكي ولماذا نبكي؟ لماذا لا نضحك أمام هذه الدنيا وهي تفتح لنا ذراعيها قائلة لنا، أهلاً وسهلاً في دياري.
قرأت قصّته وكأنها قصّتي ورواية روحي. قرأتها سهلة بسيطة ولم أشعر سوى بغرابتها ككلّ أشياء هذا الكون الغريبة.
لا تتكيف مع أشياء الكون فتصبح غريباًعن حكمتها، بل عش في عمق غرابة الأشياء لكي تصبح حكيماً في غرابتها".