حفيدتي صديقةُ الجمالِ والبهاءْ

زهراءُ يا ساطعةً كأنجمِ الفضاء

طاهرةً نقيّة كصفحةِ السماء

دافقةً سخيّةً مثلَ معينِ الماء

حنونةً هاطلةً كغيمةِ الرّواء

آسِرةً مبهجةً كروعةِ الغناء

معطاءَ مثل خضرةِ النماء

**************

يا لَهذي الكركرات المؤنساتْ

تسلبُ الهمَّ، وتهديني الحياة

تُفرحُ القلبَ، تبثُّ الشجْوَ ألحاناً

وأذكاراً، دعاءً وصلاة

أنتِ يا زهراءَ حرفي

مطرُ الأرض وعشبُ الفلوات

وبعينيكِ أرى العالَمَ فوّاحاً بعطر الزهرات

حين تمشينَ تُضيءُ الشمسُ ليلَ الأمنيات

وابتساماتُكِ أحلى من حمامات الحقول الناعسات

وصدى صوتكِ أنقى من رفيف الهمسات

***********

حين ألقاكِ وهذي منيتي في كلّ حينْ

يرقصُ القلبُ ويعروني الحنين

ويغيبُ الدمعُ والحزنُ وأوجاع الأنين

وجراحات السنين

وتزاحُ الغربةُ العمياء من مرآةِ عيني

فأرى شيخوختي ترحلُ عنِّي

أنهلُ الدفْقَ الطفوليَّ ويأتيني التمنِّي

وأرى فيكِ سلامَ الروحِ في لحْنٍ أغنِّ

ويح قلبي حالما قرّبْتِ منِّي

يهزجُ البيتُ تلاحينَ الهوى من كلِّ فنِّ

أسمعُ النجوى ويحلو البوحُ في هدأةِ أُذني

وأراها تنثرُ الأنغام في أروعِ لحْنِ

تنشر الريحُ شذىً في كلّ ركْن

وأرى العالمَ كالأزهار، كالأطيار في أبدعِ لون

************

كيف لي أن أصفَ الفجْر بهذي الطلعةِ المبتسمة!؟

كيف لي أن أصفَ الليلَ بهذا الشَّعْرِ أو أن أرسمه!؟

هل تُراني قد رسمتُ اللمسةَ السحْرَ لأيدٍ ناعمة

عفوكَ اللهمّ ربّ الحسْن والخَلْق العجيب

كيف صوّرتَ بهاء الروح من عطْرٍ وطيْب

أيغار الطيرُ من صوتِك شدوِ العندليب؟

بضةٌ أنتِ كماءِ الفجرِ في الغصنِ الرطيب

كارتجافِ الشوقِ في صدر الحبيب

كالندى الناعمِ في العشبِ يطيب

كاشتياق الأمِّ للأولاد في المنفى الغريب

************

أنت في أقصى أقاصي الأرض

في آخر دنيانا البعيدة

وبراقي متعبٌ لا يحسن التحليق في الجوّ

وقد أتعبه العدْوُ وشوطي منهكٌ

وتراني كلّما أخطو بشعْري

أسبق الآفاق نحو الشمسِ

في نظمِ القصيدة

وجناحاي تلمّ الشملَ، تلتفُّ عليّ الريحُ

ترميني بأحضانك كالملهوفِ

كالضائع في الدنيا المديدةْ

وخيالي الطائرُ الغرّيدُ يمتدُّ

ويطوي النأيَ؛ تنسلّ المسافات بعيدا

تستحي منّا لأنا وحدنا

نُرقِصُ البهجةَ والشمسَ

يهلُّ العيدُ فينا

وأرى كلَّ حطامي يتغنى وصلَنا

وأرى القُرْبَ يحاكينا

يناجي الدفءَ أنْ: هيّا

تعالَ الآن فالفرحةُ عمّتْ بيتنا

واهتزّت الأحزانُ خجلى

وضعتْ أوزارها وانصرفت

حزمتْ أمتعةَ الدمعِ فلا رجعةَ للحزن

ولا السهْدُ جواري

غادرتْنا حيث لا مبكى ولاخوفَ

ولا رعشة شوقٍ أو حنين

يا لسعدي، أنا في حضنك جذلانُ

ومَنْ أسعدُ مني؟!