أوروبا تواجه معضلة تسمية اليورو


علي اوحيدة
من بروكسل

تواجه الدوائر الأوروبية السياسية والنقدية معضلة متصاعدة الثقل, وتتعلق بإجبار كافة الدول الأعضاء على الالتزام بتسمية ونطق موحد للعملة الأوربية الموحدة اليورو، وفيما بدأت العملة الاوربية العام الجديد بإحراز تقدم واضح ومستمر في أسواق المال على حساب الدولار الأمريكي, فان مصداقيتها قد تتأثر بسبب الخلافات المحتدمة وعلى اكثر من مستوى بشان الاسم الذي يجب أن تحمله وإذا ما كان هناك نمط واحد لكتابة ونطق اليورو في جميع الدول الأوروبية حاليا.

وبانضمام عشرة دول من وسط وشرق أوروبا والمتوسط إليه في أيار (مايو) عام 2004 تصاعد عدد اللغات الرسمية للاتحاد الأوروبي ليصل إلى تسع عشرة لغة وكل ما يحمله ذلك كم مصاعب لتنسيق التعامل مع مختلف اوجه الأنشطة السياسية والاقتصادية والنقدية الأوروبية.

ويعتبر اليورو حاليا, عملة التعامل لثلاث مائة مليون مواطن أوروبي, ولكن هذا العدد سيتصاعد العام المقبل بانضمام دول جديدة لمنطقة اليورو والتي لا تضم حاليا سوى اثني عشرة دولة فقط من بين الدول والخمس والعشرين وتحدد اتفاقية الوحدة الأوروبية بشكل قانوني ملزم تسمية العملة الاوربية باليورو ووافقت جميع الدول الشرقية وملاكا وقبرص عند انضمامها للاتحاد الأوروبي عل هذه التسمية عبر استفتائها على تلك المعاهدة .

ولكن ومع اقتراب اعتماد الدول الجديدة للعملة الأوروبية فان إشكاليات خطيرة باتت في الظهور ,حيث تتجه لاتفيا وليوتانيا والمجر ومالطا وسلوفينيا الى اعتماد مسميات خاصة ووفق لغاتها للعملة الأوروبية .

وتلوح كل دولة بخصوصياتها الثقافية واللغوية وحتى تلك المتعلقة بقواعد النحو للدفاع عن مواقفها والتي باتت تثير حالة غضب فعلية في مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل ولدى مسئولي المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت(..).

وتردد دولة لاتفيا مثلا ان لغتها لا تمكن من نطق /اليو/...ومن هنا التوجه لاستمال /ايرو / بدلا من اليورو -حسب تصريح وزيرة التعليم اينا دريفيت.
اما في فاليتا فان مجلس اللغة المالطية نشر مؤخرا تقريرا خاصا حول إشكالية تسمية العملة الاوربية وخلص إلى أن تأثر اللغة المالطية بالغة العربية يجبر مالطا على الركون الى مصطلح قريب من اللغة العربية واعتمد لفظ /اورو/.(!).

وفي سلوفانيا فان التوجه الرسمي هو /افرو/ و في ليوتانيا وقع تفضيل مصطلح ايراس/، ويقول القسم النقدي في المفوضية الأوروبية في بروكسل ان جميع هذه الخطوات تعبر مخالفة لنص وروح اتفاقية الوحدة الأوروبية-اتفاقية ماستريخت- التي حددت بوضوح مصطلح يورو ليكون نهائيا وعاما لجميع الدول الأعضاء في منطقة الوحدة النقدية والأوروبية ودون أية استثناءات .

و لا تجيز التشريعات الاوربية أية هوامش في التعامل مع العملة الأوروبية سوى بشان مشتقات اليورو من القطع النقدية حيث تركن بعض الدول مثل فرنسا وبلجيكا الى السنتيم بدل السنت وإسبانيا الى ثانتيمو !
وقد اكتشفت المؤسسات الاتحادية في بروكسل الأبعاد الخطيرة لهذه لمعضلة منذ تمدد الاتحاد الأوربي في الواقع ولكنها راهنت عل حتى الآن على قدرة الإقناع وارادة التجاوب الدول الجديدة.

وبذلت المفوضية الاوربية جهودا كبيرة لدفع كافة الدول للقبول على الأقل بالمقطع الأول لتسمية العملة الأوروبية أي /اليور/ واضافة ما تراه كل دولة مناسبا لها على ذلك.
ولكن مالطا وهي اصغر دول الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان/400الف نسمة/ شكلت جبهة رفض حقيقية ومتصاعدة الأثر وتمكنت من جر دول البلطيق والمجر وسلوفينيا الى جانبها.

وقالت وزيرة التعليم في لاتفيا اينا دريفيت ان بلادها لن تستعمل إطلاقا كلمة اليورو وحتى وان اعتمدت كافة الدول الأخرى هذه التسمية! وتردد مالطا نفس المنطق حاليا وتتهم ببساطة المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت بانعدام الفعالية وفقدان الليونة الضرورية...