سراي لايلاف :أزمة الغاز لا تؤثر على الجزائر
أميمة أحمد من الجزائر
نفى الدكتور عبد المالك سراي الخبير الجزائري بالشؤون الاقتصادية الاستراتيجية أي انعكاس لأزمة الغاز القائمة بين روسيا وأكرانيا على صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي ، وقد جاء نفي الخبير سراي في أعقاب تصريح وزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل quot; بأنه على عكس ما يتوقعه البعض فإن أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا ستؤثر سلبا على الدول المصدرة والمنتجة للغاز الطبيعي ، خاصة منها التي تزود أوربا بالغاز الطبيعي ، وفي مقدمتها الجزائر ، ونفى الوزير خليل أية إمكانية لدى الجزائر لتغطية الفجوة في سوق الغاز الدولي الناجمة عن تلك الأزمة quot;.
وأوضح الوزير خليل تلك المخاوف باحتمال لجوء الدول الأوربية إلى إعداد سياسة تنويع مصادر تمويلها بالغاز ، ويؤدي لا محالة ndash;حسب قوله ndash; إلى حرمان المصدرين عبر أنابيب الغاز من حصص في السوق هامة جدا . وأن الأزمة الروسية الأوكرانية ستدفع الدول الأوربية عن حلول أخرى ، كالبحث عن ممولين آخرين كمصر ونيجيريا ، عبر نقل الغاز المميع ( المُسال ) بناقلات النفط .
ويذكر أن الجزائر تصدر الغاز الطبيعي إلى أوربا عبر أنبوبي غاز ، الأول يمر عبر تونس إلى إيطاليا ، والثاني عبر المغرب إلى إسبانيا . وثمة مشروعان لتمديد أنابيب نقل الغاز نحو أوربا ترفع صادرات الجزائر الغازية من 62 مليار متر مكعب حاليا إلى 85 مليار متر مكعب مع حلول عام 2010 كما قال الوزير خليل . وهناك تخوف من بحث أوربا عن مصادر طاقة جديدة من مشتقات النفط . وهذا ما ينفيه الخبير الاستراتيجي في الشؤون الاقتصادية الجزائري عبد المالك سراي في حديثه التالي لإيلاف .
bull; - بداية ، الدكتور عبد المالك سراي الخبير الاستراتيجي في الشؤون الاقتصادية هل تنعكس أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا سلبا على الجزائر وهي ثاني ممول لأوربا بعد روسيا للغاز الطبيعي ؟
لا أبدا ، لأن وضع الجزائر يختلف لأسباب عديدة ، أولها أن قدرات الجزائر من الغاز الطبيعي لا زالت كبيرة جدا ، والعالم كله يعرف أن الجزائر حاليا تستغل فقط 20% من قدراتها الموجودة تحت الأرض ، سواء غاز أو بترول ، ثانيا ، هناك برنامج استثمار كبير يقدر بأكثر من 20 مليار دولار أمريكي ، مبرمج للاستثمار لتصدير الغاز ، إذن الجزائر سوف تعطي أكثر فأكثر قدرات للدول الأوربية لكي تستغل هذه الثروة الجزائرية ، وكذلك تستغل وجودها الجغرافي ( الجيو استرايجي ) ، حيث تقع الجزائر على بوابة أوربا ، وهذا يعطي ضمانات أكبر لأوربا ، خاصة غرب أوربا ، إذن التخوف الذي أبداه وزير الطاقة والمناجم الجزائرية شكيب خليل غير مفهوم نوعا ما ، لأنه نظرا للبرنامج الجزائري الاستثماري ، والعلاقات الطيبة مع أوربا ، والعقود المبرمة مع إيطاليا وأسبانيا ، والعقود المقرر إبرامها مستقبلا مع فرنسا وألمانيا ، وكذلك المفاوضات الجبارة الجارية مع بريطانيا منذ سنتين ، كلها تعطي ضمانات جزائرية أكثر للأوربيين . لكن ، وأقول لكن قد تكون هناك محاولات خارج نطاق الجزائر وروسيا ، مثلا مصر أو نيجيريا ، لكنها لا تعني الكثير نظرا لإمكانيات الجزائر الكبيرة جدا .
bull; - تحدث الوزير خليل عن لجوء أوربا إلى تنويع مصادرها من ممولين آخرين وهذا احتمال ضئيل التأثير كما ذكرتم ، ولكن التخوف الجزائري من تنويع مصادر الطاقة ، هل يمكن الحديث عن مصادر طاقوية جديدة ؟
لا أوافق على كلام السيد الوزير مائة بالمائة ، لكن قد تكون حالة (نرفزة ) لفترة ضئيلة جدا لدى بعض الدول المستهلكة للغاز من جهة ، ومن جهة أخرى ، نظرا لكون الجزائر دخلت رسميا في اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوربي تعطي ضمانات أكثر ، فضلا أن الأوربيين يعرفون سياسة التنمية على المدى الطويل للبحث عن مصادر طاقة جديدة وهذا مطمئن ، لذا فالتخوف الآن غير وارد ، وقد يكون بعد 20 أو 30 سنة لماذا ؟ لأنه علميا تحويل البترول إلى مواد أخرى كطاقة بديلة عن الغاز تستغرق وقتا طويلا في البحوث ، فضلا عن تكاليف الكبيرة للبحوث ، ولا ننسى قضية التلوث ، وقضية البيئة ، فهي قضايا مطروحة في أوربا ، والمنظمات الدولية تفكر كثيرا بقضية تلوث البيئة ، وهذا يجعل دول من الجزائر وروسيا في طليعة المصدرين للغاز ، فهو طاقة نظيفة مقارنة بأنواع طاقة أخرى تسبب في تلويث البيئة ، وعليه فالأمر لا يخوف الجزائر بتاتا .
bull; - ما تفسيركم لتخوفات الوزير خليل ؟
تصريحات الوزير الجزائري تدخل في إطار استراتيجية السوق ( الماركيتنغ) لكي تأخذ الجزائر استثمارات أوربية أكثر ، وتندمج دول الاتحاد الأوربي أكثر مع الجزائر في برنامجها الاستثماري ، الذي يعتبر مفيدا جدا لشركة سونطراك وللاقتصاد الجزائري عموما ، وهذه التصريحات لتشجيع الاستثمار الأوربي على القدوم للجزائر . وهذا ما توصلنا إليه مع الزملاء في مكتب الدراسات الاستراتيجية ، بأنه سيكون لدى الجزائر نهضة جديدة نحو السوق والإعلام ، فالجزائر كانت تعاني ضعفا في إبراز الصورة الحقيقية للجزائر في الخارج في إطار المشاريع الكبرى كمشاريع الاستثمار في مجال الغاز خاصة .
*- الآن ومع أزمة الغاز الروسية الأوكرانية ، ألا يؤثر على ارتفاع سعر الغاز بزيادة واردات الجزائر الغازية ؟ وبالتالي ما مصير العقود الطويلة المدى الجزائرية الأوربية ،كانت بأسعار أقل من السعر الراهن؟
بدون شك سترتفع واردات الجزائر من الغاز الطبيعي أمام ارتفاع الأسعار والمتوقع ارتفاعها أكثر بداية من النصف الثاني من العام الجاري ، نظرا لارتفاع الضغط على الطلب ، مما يسمح بإقبال كبير لشركات أوربية للاستثمار في الجزائر ، لأن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا سوف تشجع شركات أوربية للاستثمار في بلد مثل الجزائر ، لديه إمكانيات ضخمة من الغاز الطبيعي لم تستغل بعد ، وهذه باعتقادي الفرصة الحقيقية لأوربا وأمريكا لكي يستثمروا أكثر بالجزائر في آبار الغاز ، فالجميع يعرف أن الجزائر وحدها غير قادرة على استغلال ثروة الغاز ، فهو يحتاج لأموال ضخمة وتكنولوجيات متطورة غير متوفرة لدى الجزائر فلا بد من الشراكة .
أما العقود الجزائرية الأوربية ، فتصدير الغاز خاضع لعقود طويلة المدى ، والجزائر تحترم العقود السابقة ، أما العقود الجديدة المتأتية من استثمارات شراكة مع الأوربيين والأمريكيين ستكون وفق تطور سعر الغاز في السوق الدولية ، مما يرفع بالتأكيد واردات الجزائر من الغاز . والمعروف أن العقود الطويلة المدى تعطي فعالية أكثر لسوق الغاز وضمانات أكبر للشركات المستثمرة ، فضلا عن استقرار الاقتصاد الجزائري ككل ، سيبقى بعيدا عن هزات الأسعار بفضل تلك العقود الطويلة المدى .
وأعتبر تصريحات الوزير الجزائري ذكية ، فهي إعلان دبلوماسي وإعلان للسوق ، جعل منها تنبيها للأوربيين للمشاركة معنا في المشاريع الكبرى للغاز .
التعليقات