الأجانب يهربون من بورصة ميلانو


طلال سلامة من روما

يأمل خبراء بياتسا أفاري (Piazza Affari)، وهو الاسم الذي يميز بورصة ميلانو عن غيرها، أن يتغير الوضع هذا العام. وفي النصف الثاني من العام الماضي، تبخر بعيدا عن بياتسا أفاري ما مجموعه 16 بليون يورو. وفي حال عدم إحراز أي تقدم أو تغيير في وضع بورصة ميلانو الحالي السويٌ للكلمة عندئذ سيصنف عام 2006 كعام أسود شهد هجرة لا مثيل لها للمستثمرين الأجانب من سوق الأسهم المالية الإيطالية.

والمعطيات التي حصلت عليها quot;ايلافquot; من بانكيتاليا (Bankitalia) غير قابلة للنقاش، فالنصف الثاني من عام 2005 كان مسرحاً لحركة هروب رؤوس الأموال الأجنبية، بكل معنى الكلمة. من ناحيته وصل الاستثمار السلبي الصافي، المعروف في عالم البورصة باسم ديزنفيستمانت (Disinvestment)، أي الفرق بين الأموال الداخلة والأموال الخارجة، الى 16.7 بليون يورو.

وتعتبر أرقام المعطيات أكثر معنوية إذا ما قورنت بالعام الأسبق. فالأسهم المالية quot;المُسرٌحةquot; من جانب المستثمرين الأجانب، في النصف المالي الأول من عام 2004 الذي لم يكن أدائه جيد جداً، كانت قيمتها 1.4 بليون يورو فقط، على رغم تغيٌر نزعة البورصة الإيطالية في النصف الثاني من عام 2004 مما أقفل شهوره ال 12 بعلامة إيجابية.

وعلى ما يبدو، تميل سوق الأسهم الإيطالية الى التعرض لمحنة قاسية هذا العام. وفي حال احتسبنا أيضاً الاستثمار السلبي الصافي، من جانب صناديق الاستثمار المشتركة، نجد بالفعل أن قيمة رؤوس الأموال quot;الهاربةquot; لغاية اليوم تصل الى 26.3 بليون يورو.


ودون شك، تعتبر حالة البورصة الإيطالية شاذة قياساً الى بلدان منطقة اليورو الأخرى. على سبيل المثل، لم تنجح البورصة في ألمانيا وفرنسا في تسجيل زيادة في الاستثمارات الأجنبية فحسب إنما تغري أسهمهما رجال الأعمال الأجانب، الذين لا يعشقون المخاطرة خاصة في حضور الأسهم الإيطالية. لكن يجب الاعتراف بأن أسهم وسندات الحكومة الإيطالية لم تفقد شيئاً من سحرها، في عيون المستثمرين الأجانب. وبعد إعادة هيكلة البنية المالية، في عام 2004، الذي شهد تراجعاً في الاستثمار المباشر الأجنبي من 25.9 الى 9.9 بليون يورو، حققت السندات الإيطالية من نوع بوت (BOT) وسي سي تي (Cct) نمواً متيناً، حتى وصل مجموع الاستثمار الإجمالي فيهما، في النصف المالي الثاني من العام الماضي، الى 96.7 بليون يورو.

شرح مبسٌط للسندات الحكومية من نوع (BOT) و (Cct)

السندات من نوع (BOT) صادرة عن الحكومة الإيطالية، لتمويل الدين الإيطالي العام، وتدوم مدتها عادة سنة واحدة. أما السندات من نوع (Cct) فتصدر من خزانة الحكومة وهي متوسطة أو طويلة الأجل وذات أسعار فائدة متغيٌرة.

إذن، نستنتج أن الأجانب أكثر نشاطاً في سوق الأموال الإيطالية عندما يتعلق الأمر بشراء الأسهم والسندات الحكومية الآمنة أكثر. ويكفي النظر الى مسألة واقعية، الى حد أبعد، تنوه بأن 54 في المئة من الدين العام الإيطالي في أيدي الأجانب.

الوضع لدى العوائل في إيطاليا

يشير التقرير الأخير لمصرف إيطاليا المركزي الى أن العوائل بإيطاليا تفضٌل الادخار، في الوقت الحاضر. وفي النصف المالي الثاني من العام المنصرم، بلغ الفرق بين الإيجابية والسلبية المالية، عندهم، 75 بليون يورو مقارنة مع 54 بليون يورو في الفترة ذاتها من العام الأسبق. وزادت حركة شراء الأسهم في صناديق الاستثمار الأجنبية بينما تدهورت الاستثمارات في الأسهم ذات مدة صلاحية وفائدة قصيرة الأجل.

وعلى صعيد الديون المالية، تأتي إيطاليا بعد فرنسا وألمانيا وأسبانيا والولايات المتحدة وبريطانيا. وفي النصف الثاني من العام المنصرم، كانت تلك الديون تساوي 40 في المئة من الدخل المتوفر، في إيطاليا، بينما ارتفعت تلك النسبة الى 60 في المئة من الدخل في فرنسا، و100 في المئة من الدخل في كل من ألمانيا وأسبانيا، و120 في المئة في الولايات المتحدة و140 في المئة في بريطانيا.