الأرزة عادت للتحليق في الأجواء
فاتورة حرب الوعد نحرت الحلم اللبناني


فادي عاكوم من المنامة


لبنان الجديد quot; لحم بعجينquot; بهذه العبارات عبّر الفنان اللبناني اليساري المشاكس زياد الرحباني لما سيؤول اليه الوضع اللبناني بسبب المليشيات والسلاح الموجود في الشارع بالاضافة الى التدخلات الاقليمية في قراره ومسار مستقبله، وكلام الرحباني الذي قاله منذ ثلاثة عقود كان تنبؤًا وفاق بذلك توقعات ميشال الحايك منذ سنة التي توقعت احداثا دامية على الاراضي اللبنانية، الا ان الكلام عن لبنان الجديد والحلم اللبناني الذي بدأ يرى النور في السنوات الاخيرة من خلال بلد عصري فيه كل مقومات العصر الحديث من مطار حديث وشبكة طرقات وجسور حديثة تلاشى بفعل مغامرة الوعد، اربعون مليار دولار كلفة البنية التحتية الجديدة للبنان واعادة اعماره بعد الحرب طارت مع شظايا الكاتيوشيا والقنابل الذكية، وعاد لبنان خمسة وعشرين عاما الى الوراء وفاتورة اعمار ما تهدم ترتفع يوما بعد يوم،قبل فترة كنا نتابع الخسائر يوميا وتبدا التقديرات برقم ايام الحرب الجديدة الا ان عداد الايام مستمر وبات الله وحده يعلم من و كيف ومتى سيتوقف العدّاد .

الحلم اللبناني الذي كاد ان يتحقق تلاشى مع الاستهداف المركزي للغارات الاسرائيلية على البنية التحتية بالاضافة الى الحصار الشامل الذي سيؤدي بطبيعة الحال الى انعاش القطاعات الاقتصادية الاسرائيلية في فترة ما بعد الحرب والانتقام الاسرائيلي من الاقتصاد اللبناني له مبرراته حسب المفكرة الاسرائيلية التي و على سبيل المثال ضربت منطقة الحاويات في مرفا بيروت انتقاما منه لانه تخطى بايراداته حركة حاويات مرفا حيفاحيث بلغ معدل المستوعبات او الحاويات التي استقبلها مرفأ بيروت في الشهر الذي سبق الاحداث الفي حاوية يومياً،اي 60 الف حاوية شهريا في حين بلغت مستوردات مرفأ حيفا الاسرائيلي حوالى 54 الى 55 الف حاوية مما اعاد الى لبنان مكانته التاريخية في حركة الترانزيت.

اما بالنسبة الى المحروقات فمن الواضح ان المماطلة الاسرائيلية بمنح الموافقة الكاملة لباخرتي الفيول اويل تهدف الى الضغط على معامل الكهرباء بالاضافة الى خلق أزمة فعلية في البنزين وصولا الى تعتيم لبنان كلياً، اما المصانع اللبنانية التي ما لبثت ان تكون قادرة على تصدير بعض السلع الى الاسواق الخارجية، تم توجيه ضربة قاسية لها لمنعها من منافسة البضائع ، اما السياحة فحدث ولا حرج فبعد ان سحب لبنان بمقوماته السياحية البساط من تحت ارجل اكثر من دولة في المنطقة حيث كان منتظرا ان يشهد لبنان هذا الصيف افضل موسم سياحي منذ اكثر من ربع قرن ضربت اسرائيل ليس فقط هذا الموسم بل المواسم لسنوات متتالية عدّة.


وبالكلام عن الحلم اللبناني، فالحلم لا يقتصر على حلم الوطن بل التركيز على حلم ابنائه فبالاضافة الى الضريبة البشرية الباهظة دفع المواطن اللبناني الفاتورة الاكبر واتت الضربات لتقضي على الامل بغد مشرق فلا بد للحرب ان تتوقف لكن من سيعوض عليه، من سيدفع للمواطن الذي تهدم منزله التعويض المناسب لاعادة بنائه؟ من سيدفع لصاحب السيارة المدمرة ثمنها؟ كيف سيسدد صاحب المنزل وصاحب السيارة المدمرين والمرهونين للبنك بقية الديون المستحقة؟ هذا الى جانب رزمة كبيرة من الاسئلة التي ستطفو على وجه الساحة اللبنانية ومنها هل يقرض البنك الزبون المدين والمنكوب مرة ثانية مع اضافة ديونه السابقة؟ وكيف يستطيع المديون المنكوب دفع اقساط ديونه السابقة واللاحقة من دخله المحدود، والذي في الاساس يستهلك ثلث راتبه لسد القرض الأول؟
وبعد تدمير المصانع وتعطيل 90% منها كيف يستطيع الاجير الذي صرف من العمل نتيجة تدمير معمله او مكان عمله او افلس صاحب العمل، من دفع ديونه المستحقة للبنك، وهو عاطل عن العمل؟

من جهة اخرى وفي خطوة تؤكد الاصرار اللبناني على الاستمرار أكدت مصادر ملاحية جوية أن laquo;شركة طيران الشرق الأوسطraquo; اللبنانية سحبت خمس طائرات كانت أودعتها المطارات الأردنية للحفاظ على سلامتها، وجاء القرار بعد أسبوع من هبوط هذه الطائرات في المطارين الرئيسيين في عمان، وهما laquo;مطار الملكة علياء الدوليraquo; جنوب عمان و laquo;مطار ماركاraquo;، وأفادت المصادر بأن لبنان قرر سحب الطائرات اللبنانية من مطاري الأردن لتشغيلها انطلاقاً من قبرص ودمشق، وهي مناطق ترى السلطات الملاحية الجوية اللبنانية أنها أكثر نشاطاً من عمان من حيث حركة نقل المواطنين اللبنانيين الذين أجبرتهم الحرب الإسرائيلية على بلدهم على النزوح إلى مناطق هجرتهم في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا.

وكانت سورية وقبرص استقبلتا أعداداً كبيرة من اللبنانيين الذين غادروا لبنان في حركة نزوح واسعة هروباً من جحيم القصف الإسرائيلي ومن ضمنهم أعداد كبيرة من اللبنانيين من حملة جنسيات أوروبية وأميركية وأسترالية وغيرها.